عن دور “إسرائيل” الإقليمي

03:27 صباحا
قراءة 3 دقائق

لم نسمع يوماً عن الذئب البريء انه دُعي يوماً لينضم إلى المائدة المتصالحة لأخوة يوسف، وإن ثبتت براءته من الدم على القميص، لأن الذئب يبقى ذئباً حتى وإن غيّر جلده، أو تم فرضه على الحضور فرضاً عن بُعد وبقوة الأسد، فإنه من الطبيعي ان يطالبه الحضور من ابناء البشر بخلع مخالبه لا اخفاءها، وهذا من حق العرب ان يطالبوا إسرائيل بتدمير ترساناتها النووية قبل الانضمام إلى دول لا تملك ولو جزءاً ضئيلاً من تلك الترسانات.

استخدمت وسائل الاعلام أخيراً جملة قديمة بصياغة جديدة، تدعو الى إنشاء منظمة تضم الدول العربية وإسرائيل وإيران وتركيا، وهذا يعني إعطاء إسرائيل دوراً اقليمياً لا تستحقه وليست مؤهلة له، فكيف يمكن لدولة عدوانية عنصرية تحتل أراضي عربية وترفض الانصياع للشرعية الدولية أن تقوم بدور ايجابي في خدمة الأمن والسلام في المنطقة؟

لقد تحدث الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن فكرة إنشاء كيان إقليمي جديد يضم في عضويته بعض دول منطقة الشرق الأوسط وإسرائيل، وإن تلك الفكرة أعمق من أن نتحدث عنها بصورة عابرة، وإن هناك مجموعة كبيرة من الأحكام الواجب وضعها لقيام مثل هذا التجمع الإقليمي الذي سيضم في عضويته الدول العربية الشرق أوسطية وإسرائيل وتركيا وإيران، ومن بين الأحكام التوصل إلى اتفاقيات سلام مع سوريا ولبنان وحصول الفلسطينيين على جميع حقوقهم بما في ذلك إقامة دولتهم المستقلة، أضافة الى تخلي إسرائيل عن نهجها العدواني التوسعي العنصري.

تزعم إسرائيل عبر بعض قياداتها ووسائل اعلامها أنها تريد السلام، لكن كيف يستوي هذا الزعم مع ما تؤكده يومياً بأن لها الحق الوحيد في كل الشرق الأوسط في امتلاك اقوى ترسانة حربية، وأن تحتفظ بتفوقها من خلال حصولها على اكثر طائرة حربية امريكية تطوراً، وهي المقاتلة الشبح (أف35) في إطار صفقة تضم 25 طائرة من هذا الطراز تقدر قيمتها بأكثر من 15 بليون دولار، مع احتمال شراء 50 طائرة اخرى، لتصبح إسرائيل البلد الوحيد الذي لا ينتمي الى حلف شمال الاطلسي الذي يملك هذا الجيل من المقاتلات، لتعيش بتفوق جوي غير متكافئ مع الدول المجاورة، هذا بالإضافة إلى ما تملكه من الروؤس النووية المئتين، وترسانة صواريخ كروز البعيدة المدى المنصوبة على غواصاتها.

إسرائيل التي تدعي سعيها الى السلام، هي نفسها التي هددت قبل أيام بحرب مدمرة وغير متكافئة مع اللبنانيين، ففي مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت منذ أسبوع، تحدث الجنرال غادي عيسنكوت قائد منطقة الشمال في الجيش الإسرائيلي عن إعداد خطة تستخدم فيها قوة غير متكافئة ضد لبنان ومدنه وقراه يدمرها دماراً هائلاً.. وإنه وقد تمت الموافقة على تلك الخطة، فكيف يمكن ضم اسرائيل الى منظومة اقليمية وهي تعد العدة لتدمير بلد عربي، وترفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني، وتوسع عمليات الاستيطان، وتتهرب من التزاماتها تجاه وعد بوش باقامة دولة فلسطينية.

ومن الواضح من سياسة بوش الفاشلة في الوقت الراهن أنه يستغل انهيار الوضع الاقتصادي العالمي لصالح اسرائيل من خلال سعيه لضمها الى دول المنطقة من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير على غرار تنوع الوحدة الأوروبية من خلال اضافتها مع تركيا وإيران الى دول المنطقة باعتبار أن ذلك يشكل سترة النجاة للأزمة الحالية.

هذه الصور الخيالية المنسوجة من قماش من الألفاظ الوهمية، ما هي الا محاولة تركيبة جديدة للمنطقة وترتيبها بأن المعايشة السلمية المتنوعة ممكنة ولن تكتمل اقتصادياً وسياسياً، إلا باضافة اسرائيل الى المنطقة.

لقد دأب بوش منذ وصوله الى السلطة على استخدام القوة لتحقيق استراتيجية المحافظين الجدد، فقبل سبع سنوات اي في العام 2001 قال انه سيتخلص من الارهاب بأقوى سلاح امريكي من خارج المنطقة، وكررها قبل سنتين عام 2006 عندما تحدث عن ولادة الشرق الاوسط الجديد على يد (أقوى) سلاح من داخل المنطقة،ثم عاد وأستخدم الكلمة إياها قبل يومين عندما قال انه سينقذ الاقتصادي العالمي بأقوى (...)، وقد يعود ويستخدم نفس الكلمة بأنه سيستعين بأقوى تلسكوب من سقف البيت الأبيض ليرى إسرائيل جالسة على المائدة العربية الاسرائيلية.

* كاتب إماراتي

[email protected]

www.unipex.orq

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب إماراتي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"