ليفني والسلام

02:47 صباحا
قراءة 3 دقائق

تسيبي ليفني اسم يجب أن نحفظه جيداً من اليوم ولا يجوز أن نخطئ في نطقه وهجائه، بعد أن أعلن رسمياً في إسرائيل فوزها بزعامة حزب كاديما خلفاً لايهود أولمرت المتنحي عن الزعامة والملاحق قضائياً وجنائياً. فالمواطن العربي كما هو ملزم بمعرفة من سيحكم أمريكا خلال السنوات القادمة من البيت الأبيض، كذلك عليه أن يتعرف جيداً على من سيجلس على كرسي رئاسة الوزراء في تل أبيب.

الأذن الصاغية في المنطقة رغم أنها كانت تلتقط في الفترات الأخيرة حرف (الشين) وصداها كما عودتنا تل أبيب ضمن سلسلة شامير وشارون وشمعون وغيرهم، فسمعنا أخيراً عن شاؤول موفاز الذي كان قد أعلن في 5 أغسطس/ آب 2008 من خلال

منصبه كنائب لرئيس الوزراء ترشحه لزعامة كاديما.

إلا أن الساحة الانتخابية في إسرائيل بدت أكثر اقبالاً وتقبلاً وتفضيلاً لامرأة تنتقل من الموساد إلى رئاسة الحكومة، فهي إسرائيلية المولد أوروبية الجذور، تبلغ من العمر 50 عاماً، في مواجهة رجل من أصول ايرانية يبلغ من العمر 59 عاماً كان قد هاجر إليها طفلاً من طهران في خمسينات القرن الماضي هو شاؤول موفاز الذي لو فاز لكان أول رئيس وزراء إسرائيلي ليس من جذور أوروبية، انما جذوره شرق أوسطية، ذلك الشرق الأوسط الذي لم يتحقق كما تريده كوندوليزا رايس جديداً.

هل يعني فوز ليفني وهي أم لطفلين والعميلة السابقة للموساد، والمخضرمة في الاستخبارات والمحاماة أكثر من السياسة التي لم تقتحم أبوابها إلا بعد ما تشبعت كمحامية متخصصة في القضايا التجارية، وما انخرطت في العمل السياسي إلا بعد توقيع اتفاقيات أوسلو، أنها ستكون ثانية رئيسة وزراء للكيان بعد 30 عاماً على تولي جولدا مائير هذا المنصب، وانها قادرة على صنع السلام في المنطقة؟

أم ان الأمر بات موضة حيث تتم الاستعانة بالمرأة كلما شعر السياسيون الرجال أنهم في مأزق، كما هو حال الحسناء سارا بالين في أمريكا التي بثت الحياة في حملة الجمهوريين في آخر لحظاتها.

الحقيقة تبدو عكس ذلك، رغم انه يتراءى للبعض ان السلام لابد أن يفرض نفسه على الساحتين الرسمية والشعبية في إسرائيل بعد أن فشلت الدبابات والطائرات والصواريخ أن تبدل شيئاً على أرض الواقع، أو ان تحقق إسرائيل من خلال القوة والعدوان هدفاً من أهدافها.

والذين راهنوا على فوز موفاز في مواجهة ليفني راهنوا على ماضيه العسكري ومواقفه الدموية، فقد كان موفاز الأعنف في وجه الانتفاضة الفلسطينية عام ،2000 الأمر الذي أوصله إلى منصب رئيس الأركان ثم وزير الدفاع، كذلك اعتقد المراهنون أن موفاز قد يكون أكثر تطرفاً وعداء تجاه إيران (موطنه الأصلي)، وأكثر اصراراً على مهاجمتها إذا ما واصلت مساعيها لحيازة أسلحة نووية. رغم كل هذه الشعارات اضطر المراهنون عليه لتغيير بعض لافتاتهم بعد أن غير من مواقفه وأعلن لا أريد شيئاً انما أريد السلام في المنطقة...

القادم إلى كرسي رئاسة الحكومة في الكيان يحاول ان يتظاهر بحمل راية السلام لعله يحاول تسويق نفسه خارجياً كداعية سلام بينما هو في واقع الأمر لا يضمر إلا العدوان مثل سابقيه.

ان كلمة السلام ليست مفردة جديدة على العرب، فقد اختبروها طيلة ثلاثين عاماً في مثل هذه الأيام، وفي 17 من هذا الشهر (سبتمبر 1987)، يومها حاول الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بناء سلام في الشرق الأوسط من خلال اتفاق وقعه السادات وبيجن، لكنه ظل سلاماً هشاً مبتوراً، أدى في ما أداه إلى تأجيج الصراع العربي العربي وإلى اخراج مصر من ساحة الصراع مع العدو الصهيوني.

اليوم وبعد جيل كامل هل يمكن للسلام أن يتحقق بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل؟

وهل تستطيع ليفني خريجة الموساد أن تحقق ما عجز عنه غيرها؟ مواقفها لا تدل على ذلك، طالما هي وغيرها من قادة الكيان لم يتخلوا عن سياسة التوسع والعدوان والعنصرية.

* كاتب إماراتي

[email protected]

www.unipex.org

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب إماراتي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"