العنف في الألعاب

04:32 صباحا
قراءة دقيقتين
هشام صافي

تحذيرات الجهات الأمنية من خطورة وجود ألعاب إلكترونية تحض على العنف والقوة المفرطة، واللجوء لردود أفعال خطرة في مجالات التعامل الإنساني المتنوعة، جميعها يجب أن تدق ناقوس الخطر بلا توقف، حتى لو أزعج صوته النائمين والغافلين وغير المبالين، وحتى المستهترين، فالقضية اجتماعية وتتعلق بالصغار حلم الحاضر وأمل المستقبل، ولا يجوز ألا تلقى أشد العناية، لأنها تمس البنيان الوطني كاملاً.
مصنعو الألعاب ليسوا مصلحين اجتماعيين، فكل ما يهمهم في حياتهم هو الحصول على الأموال بأي صورة كانت، وبغض النظر عن سلبيات الوسائل أو إيجابياتها، ولا يعني ذلك الحكم ببراءتهم فهم مجرمون بامتياز، ويجب أن ينالوا العقوبات المناسبة لحجم نتائج جرائمهم إن عاجلاً أو آجلاً.
والخطر الأكبر يكمن في توجيه مثل هذه الألعاب للتأثير في الصغار، وتوجيههم، وتحبيب العنف إلى نفوسهم ولو عبر مصطلحات إيجابية كالقوة والبطولة والفوز والانتصار والغلبة، لكنها الرداء الذي يخفي خلفه حقيقة توجهها للسيطرة على عقول الصغار، وتحويلهم إلى أشخاص أكثر استعداداً لتقبل الأفكار المتطرفة والعنيفة والظلامية، وميلاً إلى العدائية والانطوائية وعدم تقبل الآخرين فكراً، وعقيدة، وحياة إنسانية.
مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان المفضل الذي بات الأطفال في مقدمة زواره والمتفاعلين معه والمتأثرين به، والأسهل في الوصول إليه بلا استئذان من الأهل، ولا معارضة، ولا خشية من رفاق السوء الذين يختلون به وقد يؤثرون فيه ويحرفونه، من وجهة نظر أسرهم وأولياء أمورهم، فهم لا يجلسون في الخفاء بعيداً عن الأعين، بل تحت النظر والمراقبة وقتما شاء المراقب، لكنه ينظر إلى الشكل فقط، ولا يعرف محتوى الذي بين يدي الطفل.
عشرات الآلاف من الأطفال يتعرضون لهجمات منظمة من دعاة الأفكار المتطرفة، عبر تلك المواقع، باستخدام كل المغريات التي تجذب الصغار ويميلون إليها، ومنها الألعاب الإلكترونية العنيفة التي تقود إلى القتل وتحبب الانتقام، فيؤثرون فيهم، وبالتدريج يصبحون هدفاً مباشراً بعينه، يحولونه من طفل بريء إلى طفل مملوء بالشر والحقد على الآخرين، ويرى الدنيا من خلف نظارة سوداء داكنة، يعوضونه عنها بالجنة والنعيم وكل ما تحبه النفس.
الدولة والأجهزة الأمنية تبذل جهوداً واجبة لمنع الاعتداء الفكري والبدني والنفسي على الأطفال، ونأمل بمزيد من اليقظة لرجال التفتيش والحماية في منافذ البلاد الجوية والبرية والبحرية، والدعم بالأفراد المدربين والأجهزة الحديثة، وتبادل الخبرات مع الدول الأكثر خبرة وتطوراً، في مجال حماية الحدود ومنع دخول كل ما من شأنه المساس بأمن المجتمع وسلامه الأهلي واستقراره وتقدمه، وخاصة في مجال ألعاب الأطفال، رغم أنها باتت متوافرة وبكثرة وتنوع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت بحاجة لتسمية جديدة تعبر عن دورها الحالي الحقيقي.
الأسر مطالبة أيضاً باليقظة التامة، وألاّ تغمض عيونها عن أطفالها وهم ينتحون جانباً وقد احتضنوا أجهزتهم الذكية، وأن يعطوا ألعاب أطفالهم مزيداً من الاهتمام حتى لا تخفي السموم خلف عسلها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"