النقطة السوداء في البقعة البيضاء

03:42 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

رغم الصيف وتآمره عليك وكأنه يتحداك برفع سقف الحر فيه، تقرر أحياناً أن تسير عكس رغباته فتتحدى نفسك بالسير في الشارع في وقت متأخر من الصباح. نظافة الشوارع والأماكن العامة مشهود لها في الإمارات، لكن بعض السلبيات التي تصادفها، تلفت نظرك كالنقطة السوداء وسط بقعة بيضاء.
تتأمل الشوارع اللاهثة من اللهيب مثلك، وأنت مدرك جيداً أنه لولا تلك النظافة، لما استطعت المشي خطوتين، بسبب الحشرات والنفايات التي تكتم الأنفاس، كما لو أن الجو يخلو من أي ذرة أوكسجين. وفجأة تمر بجانبك سيارة تنظيف الشوارع وكنسها، دون أن تتمهل أو تعير انتباهاً لوجود بشر من حولها، فتكمل مهمتها وهي مسرعة، ليتطاير الغبار والتراب من جانبي الطريق ويغلفك بالكامل.
هل مقبول في هذا الصيف والحر، أن يتم كنس الشوارع بلا رش مياه حتى لا يتطاير الرمل والتراب فيعبق به الجو، ويصل إلى البيوت أو المباني والمحال والسيارات..؟ هل مقبول أن تمشي سيارة التنظيف وشعارها حماية البيئة، دون أن تلتفت إلى ما تسببه من أضرار «صحية» للمارة في الشارع؟
من المشاهد السلبية أيضاً، والتي حدثت خلال هذه الأيام، وجود عاملين على الرصيف الفاصل بين شارعين جانبيين، أحدهما تسلق شجرة النخيل مسقطاً عنها ثمار البلح أو التمر، والثاني بقي جالساً على الأرض يتفيأ. بعد إنزال كل العناقيد، حملاها وغادرا الشارع دون الالتفات إلى كم الثمر المتساقط تحت الشجر ووسط الشارع، حتى أنهما لم يحاولا التقاط أي منها أو كنس المكان كي لا يدوسها البشر والسيارات، وتبقى عالقة مشوهة المنظر، وكأنها بقايا سوداء كثيفة ومتناثرة!
السلبي أيضاً أن يلتزم البشر بقانون النظافة أثناء سيرهم في الشارع، وعدم رميهم النفايات من السيارات خوفاً من الغرامات «الموجعة»، بينما لا يتوانون عن رمي الطعام والخبز وعلب العصير والبلاستيك من النوافذ والشرفات. حتى المواقف الرملية الواسعة تتحول لدى البعض إلى مكبّ يرمي فيه نفاياته «لينظف سيارته»! وكأن هؤلاء يكبتون عُقدهم وغيظهم من الالتزام بقوانين النظافة علانية، ليفجروها سراً من خلف نوافذ بيوتهم وسياراتهم.
وأخيراً تأتيك سيارات جمع النفايات التي تصر على إيقاظك من النوم مرعوباً، فالحاويات ضخمة، وعملية رفعها وإفراغها تحدث ضجيجاً تحسبها قنابل تنفجر أمام بيتك أو تحت شرفتك. طبعاً نشكرهم على عملهم الشاق، وعلى جهودهم وسهرهم بينما نحن نيام، لكن إيجاد حل لهذه القرقعة أو تغيير المواعيد، لا يضر.


[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"