عادي
قراءة فكرية قدّمها دياب وعبدالعزيز

ابن رشد أوصل أرسطو إلى الأوروبيين

02:54 صباحا
قراءة 3 دقائق
الجيش السعودي

احتضنت قاعة الكتاب، في إكسبو الشارقة، مساء أمس الأول، ندوة مهمة بعنوان: "ابن رشد: نواة الفكرالعربي"، حضرها عدد لافت من الكتاب والإعلاميين والمعنيين بقضايا الثقافة والفكر والفلسفة، وشارك فيها كل من د .محمد حافظ دياب - مصر ود . عمرعبدالعزيز - اليمن، وأدارها الكاتب عبدالفتاح صبري - مصر، الذي ارتجل مقدمة تمهيدية، حول شخصية ابن رشد، وعوالمه، وعصره، والملامح الفارقة لفلسفته، وعلاقة مشروعه برؤى الفكر العربي .
وقال د . دياب: "إن المشروع الرشدي، قد أوتيت ثماره، قبل نحو قرن ونيف من الزمان، وذلك في لحظة مفصلية من التاريخ العربي، ورأى أن ذلك قد تجسد- تماماً- في حوارات العلامة محمد عبده وفرح أنطون، وذلك على صفحات مجلة "الجامعة" التي كان يصدرها هذا الأخير، في تلك الفترة"، وأضاف: قيمة فلسفة ابن رشد كانت استشرافية، وهوما تقاطع، بحسب رأيه، مع ما تناوله المفكر محمد عبد الجابري في كتابه "نحن والتراث" ،1981 إذ رأى أن الرشدية توضع مقابل الجهالة، فإن أية رؤى، إما تكون- انطلاقاً من هذا التقويم - أو ذات أرومة رشدية أو نتيجة جهالة، وأضاف: إن هذا المشروع الرشدي، الذي يستوقفنا، ونستوقفه، الآن، لما يزل صالحاً، حتى الآن، بل إنه صالح للغد، ولكل وقت وأشار إلى مسوغات ذلك، من خلال تمكن ابن رشد، من بناء رؤيته على أسس دقيقة، تعطيه هذا الاستشراف المستقبلي، إلى جانب المقدرة على تفكيك واستقراء أبعاد اللحظة، وسبل الاستفادة منها، بالوجه الأمثل .
وحول أهمية حوار ابن رشد لأرسطو، عبر ترجمته رأى د . دياب أن ما قام به، من نقل الفكر الأرسطي إلى اللغة العربية، لم يكن مجرد مشروع ترجمة - فحسب- بل إن ابن رشد زاد على ذلك، من خلال إضافاته على المتن الأرسطي، التعليقات، والشروحات، والهوامش، التي أغنت النص، وكان أن اعترف الأوروبيون بأن "أرسطو لم يصلهم من خلال أرسطو" بل من خلال "ابن رشد"، وفي هذا ما يبين عظمة دور ابن رشد حتى ضمن الفكر الأرسطي، كفيلسوف متميز، يدعونا للاعتزاز به، كما توقف د . دياب عند نقطة مهمة وهي "إمكان مواجهة الإسلام السياسي بالفكرالرشدي" .
وتميزت مداخلة د . عمرعبدالعزيز- هي الأخرى بالدقة- بل وبالإحاطة بفكر ابن رشد، إذ رأى أنه قد ارتقى بما يعرف ب "علم الكلام" من خلال تناول موضوعات مهمة، هي "التأويل" و"ثنائية العقل والنقل"، وغيرذلك، وبيّن د .عبدالعزيز مستويين، عبر التاريخ المعرفي، أحدهما: السفسطة، وثانيهما الجدل الذي جسدته "فرق الرأي"، التي ظهرت، وصاغت رؤاها، على نحو لافت، "فكانت حواراتها مدعاة لتشكيل إرث غني، وهائل في هذا المجال"، وتناول د . عبدالعزيز موضوعاً بالغ الحساسية، وهو ما ننعته اليوم بعلوم "الدنيا" أو "السياسة" إذ رأى أن علم الكلام، راعى هاتين النقطتين، واستعرض كذلك بعض الآراء حول ابن رشد، لاسيما في ما يخص صورته في مرايا أحد الأئمة الكبار - كالغزالي - وذلك في كتابه "المنقذ من الضلال" .
وإذا كان د . دياب قد وضع "الرشدية" مقابل "الجهالة"، فإن د . عبدالعزيز، تناول "رشدية الكلام" مقابل "رشدية العرفان"، وعزا سعة بصيرة ابن رشد، ونظره الثاقب إلى حقيقة أنه لم يكتف باستقراء الإسلام، وحده، بل راح أبعد منه، حيث قرأ ما قبله، كي يقرأ لحظتي: الواقع، والمستقبل، ولتكون لرؤاه كل هذه الأهمية، بعد كل هذا الشريط الزماني من بعده عنا، وهو ما يسجل له، كأحد الأسماء المعرفية في التراث الإنساني كله .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"