عادي

“جثة على الرصيف” . . تساؤلات اجتماعية وأخلاقية مفتوحة

04:14 صباحا
قراءة دقيقتين
دبي محمد أبو عرب:
"ما زالت المقبرة تتسع للكثيرين"، بهذه الجملة اختزل بطل مسرحية "جثة على الرصيف" التي عرضت مساء أمس الأول في مهرجان دبي المسرحي للشباب، الأفكار التي تبحث فيها، مقدمة بذلك حالة مكثفة لما اشتغل عليه العرض من مفاهيم تتعلق بالسلطة، والموت، وطبقات المجتمع وغيرها .
العرض الذي قدم على مسرح ندوة الثقافة والعلوم في دبي، يطرح فيه المؤلف السوري الراحل سعدالله ونوس أزمة المجتمعات وتراجع المفاهيم الإنسانية في ظل وحشية المال والسلطة، ويعمل المخرج أحمد الشامسي على نقل نص المسرحية من فضائه المكتوب إلى خشبة ضجت طوال ساعة كاملة بأزمات متلاحقة اشترك في صناعتها خمسة ممثلين هم: راشد دحنون في دور المتشرد، وإسماعيل سمحان في دور الجثة، وفارس زياد في دور الحارس، وحسن يوسف في دور السيد، وغسان فضل في دور الكلب .
تقدم المسرحية مفاجآت عدة على صعيد الحدث في مسيرة العرض، إذ تظل أحداثها تدور حول جثة هامدة ملقاة على رصيف أحد الشوارع الفارهة، إلى الدرجة التي لو انتزعت الجثة من العمل لتعطلت المسرحية، وكأن العمل بذلك يقول إن الموتى يمكنهم أن يكونوا أبطالاً حتى بعد موتهم، ويمكنهم أن يغيروا حياتنا، وينقلونا من حال إلى آخر، ويمكنهم أن يكشفوا زيف المجتمع .
ليس ذلك وحسب، فالعمل يقدم حواراً عميقاً حول الموت، إذ يدخل البطل في صراع مع نفسه، حين يقرر أن يأخذ ملابس صديقه المتوفى، ليحمي نفسه من البرد القارس، فتظل الإجابة عالقة حول تساؤلات مفتوحة، منها: "هل يفقد الإنسان إنسانيته ويتحول إلى كومة لحم لا قيمة لها حين يموت، هل يصبح زائداً عن الحاجة، وبلا مشاعر، ولا أحاسيس؟
بهذه الأسئلة وغيرها تفتح المسرحية الباب كاملاً على علاقة الطبقات الكادحة مع السلطة ورأس المال، إذ تدور الحكاية حول اثنين من الأصدقاء متشردين في الشوارع يعانون البرد القارس الذي يحل على بلدتهم، للدرجة التي يفقد أحدهما حياته ويتصلب وسط الشارع، فيقرر الآخر أن يحمله إلى أقرب مكان يمكنه أن يستريح فيه، وحين يهتدي إلى مكان يكتشف أنه قصر رجل ثري، ليفاجأ بعد حوار طويل مع صديقه الميت، بحارس القصر الذي يبدأ بمناكفته للتخلص من الجثة قبل أن يعلم بها مالك القصر .
في تلك الأثناء يمر مالك القصر ويكتشف الجثة، ليعود إلى بطل العمل وحارس القصر، برفقة كلبه البشري، ليبدأ بمساومة صديق الجثة عليها ويقرر شراءها، مقابل قطعتين فضيتين، الأمر الذي يدفع البطل إلى التحول من تلك الشخصية التي كانت منذ قليل تراعي مشاعر جثة صديقه، إلى شخصية قابلة لبيع كل شيء مقابل المال، فيوافق على بيع صديقه، ويبدأ الحارس بمعاينة الجثة وشق صدرها للتأكد من صلاحيتها .
ينتهي العرض على تساؤلات مفتوحة، لا تتوقف عن التردد على لسان البطل الذي يكتشف أنه أمام صراع لن يتوقف مع نفسه ومع المجتمع ومع السلطة ومع ما هو حوله، حتى مع البرد .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"