هل تصبح القياسات البيومترية اللاتلامسية جزءاً لا بد منه للسفر جواً؟

02:36 صباحا
قراءة 3 دقائق

ريتشارد ميخايل *

طبّق العديد من البلدان حول العالم إجراءات لإغلاق الحدود، في محاولة منها ل«تسطيح المنحنى» وكبح انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وقد أدت هذه الإجراءات إلى انخفاض الحركة الجوية بنسبة 90% بشكل مباشر، ما أثّر بقوة في قطاع السفر والمطارات وشركات الطيران ضمناً. ومع انخفاض حركة المسافرين بمقدار ملياري شخص في الربع الثاني فقط من العام الجاري، فإنه من المتوقع أيضاً أن يقابله انخفاض في العائدات المالية يقدر بحوالي 100 مليار دولار في العام 2020.
لقد أدت المعاناة الاقتصادية الناجمة عن إغلاق الحدود، إلى جانب تحقيق بعض التقدم في السعي إلى الحدّ من انتشار هذا الفيروس، إلى مبادرة بعض الدول إلى إعادة فتح حدودها تدريجياً مرة أخرى، على أمل إعادة تشغيل محركاتها الاقتصادية.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، التجأت المطارات إلى اعتماد تدابير إضافية للمحافظة على الصحة العامة، على غرار تحديد مسافات «التباعد الاجتماعي» وتعزيز المرافق الصحية واختبارات قياس درجات حرارة العابرين. ومن هذا المنطلق، فإن الإجراءات التي اعتمدها كل من مطارات دبي وأبوظبي وغيرها من المطارات الأخرى في دولة الإمارات ، هي ارتداء أقنعة الوجه الواقية والقفازات من أجل ضمان الحدّ من مخاطر انتشار التلوث عبر الهواء المحيط والناتج عن الرذاذ المتطاير والإبقاء على الأسطح نظيفة إلى أقصى حدّ.
وبناءً على ما تقدم، يُعتبر خفض المخاطر عند نقاط الدخول والخروج في المطارات مسألة أساسية من أجل استعادة ثقة المسافرين، وهو عامل يسهم مباشرة في تحفيز قطاع السفر.
اكتسبت تقنية القياسات البيومترية اللاتلامسية لمراقبة الحدود رواجاً كبيراً في إطار هذا القطاع الحيوي. ففي العام 2017، قامت وزارة الهجرة وحماية الحدود الأسترالية بتجربة تقنية المصادقة البيومترية غير التلامسية التي من شأنها أن تلغي حاجة المسافر المعروف إلى تقديم جواز سفر مادي في المطارات الأسترالية. فقد أطلقت هذه البلاد مؤخراً، نظامها الجديد القائم على خدمات التعرّف على القياسات البيومترية (EBIS)، والذي سوف يكون بمثابة العمود الفقري لمعالجة تصاريح عبور المسافرين الشرعيين للحدود تزامناً مع إعادة فتحها. ويعتمد جوهر التعرّف على القياسات البيومترية على مطابقة بصمة الوجه.
ولا شك أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت ولا تزال رائدة في تبني الحلول التقنية المبتكرة، وهي لم تكن بعيدة على الإطلاق عن تبنّي أحدث التكنولوجيات اللاتلامسية، وذلك من أجل تعزيز أمن حدوها. ففي وقت مبكر من العام 2015، بدأت أبوظبي في اعتماد مشروعها الخاص بالحدود الإلكترونية، حيث دمجت تقنية القياسات البيومترية اللاتلامسية والأتمتة مع النظم المتكاملة من أجل تأمين حدود البلاد. كما أن مشروع الحدود الإلكترونية كان من بين أول المشاريع في العالم التي تعتمد قزحية العين والتعرف على بصمة الوجه لمراقبة الحدود باستخدام كاميرات القزحية عن بعد (IAD). وعلى العكس من الماسحات الضوئية التي تعمل بواسطة اللمس، فإن كاميرات IAD توفر الدقة والسرعة، نظراً لقدرتها على التقاط قزحية العين وبصمة الوجه خلال أقل من ثانيتين، وبالتالي التخفيف من أي مخاوف تتعلق بالنظافة الشخصية للمسافرين وبصحتهم.
وفي الوقت نفسه، لم تتوان مطارات دبي عن استخدام تقنيات القياسات البيومترية اللاتلامسية في المبنى رقم (3) من أجل توفير إجراءات سريعة تخدم المسافرين بطريقة سريعة ودقيقة وآمنة، إذ إنه من خلال الاستفادة من حل متعدد القياسات البيومترية، قد أصبح بإمكان المسؤولين عن مراقبة الحدود توفير الحماية اللازمة وإتمام إجراءات المسافرين بشكل فعّال، وذلك من خلف الألواح الزجاجية التي تم تركيبها للمحافظة على صحتهم وتأمين سلامتهم.
ومع ذلك، فإنه سيكون من قصر النظر الاعتقاد بأن تقنية القياسات البيومترية تقتصر فقط على المجالات الأمنية العالية الدقة مثل إنجاز معاملات جوازات السفر. ففي الواقع، يجب النظر إلى تكنولوجيا القياسات البيومترية اللاتلامسية على أنها الطريقة الأمثل لعيش تجربة سفر آمنة وصحية وسلسة. ومن هذا المنطلق، فإنه بالإمكان دمج تكنولوجيا القياسات البيومترية اللاتلامسية فور المباشرة برحلة السفر- عند تسجيل وصول المسافر. وفي سياق الظرف الراهن، حيث يُطلب من جميع المسافرين ارتداء أقنعة الوجه الواقية داخل المطار، فإن عملية توثيق المسافرين والتحقق منهم عبر استخدام قزحية العين سوف تكون الحل الأمثل من أجل حماية كل من العاملين في المطار والمسافرين عبره على حدّ سواء.

* رئيس «آيديما» الإقليمي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"