عادي

خمسون مقبلة

23:20 مساء
قراءة دقيقتين

د. باسمة يونس

قد يكون الاحتفال بمرور نصف قرن على ميلاد جريدة الخليج، احتفالاً بمؤسسة تمكنت  على مدار الأعوام التي عاشتها  من ترسيخ قيمة العمل الصحفي، وتسعى اليوم للجمع ما بين إصداراتها الورقية والإلكترونية بهدوء وتؤدة؛ لأنها لا تتعجل انضمامها للعالم الرقمي بقدر ما تفكر كيف ستجعل من التحاقها بالركب، علامة مميزة ومختلفة عمن سبقوها إليه.

وقد يكون احتفالاً بصدور صحيفة واعية وملتزمة بالجودة، في دولة لا تولد فيها فكرة أو مشروع إلا وعينه على القمة، لكنه بالنسبة لي احتفال بمن احتضنت قلمي، وغيره من الأقلام الشابة في بداياتنا، ومنحتنا مساحة للتجريب، لنتمكن من خوض عالم الكتابة، نحن الذين كنا نحلم بأن نصبح كتاباً وأدباء ذات يوم.

لقد كانت جريدة الخليج لي ولكثير من زملائي  ممن التقينا سوياً في هدف واحد  مرشداً أخذ بأيدينا ومضى بها في مسيرة الكتابة، وقدمت لنا أكثر من فرصة من خلال إفساح المجال لنا لمعالجة ما لدينا من الكلمات، وبث الورق تعابيرنا وشجوننا عبر أكثر من منبر، بدءاً من منبر القراء، وانتهاء بعمود ومساحة للرأي.

ولم يتوقف إنجاز «الخليج» الثقافي على دعوة ودعم الأقلام الشابة ونشر تجاربها في مساحات لم تُتح لأمثالهم في صحف أخرى في العالم؛ بل مضت إلى أبعد من ذلك، بضم هذه الأقلام إلى عائلتها، محققة بذلك منجزاً لا تقوم به سوى أكاديمية متكاملة لتدريب وتطوير وصقل مهارات الشباب، قبل انطلاقهم في الساحة الثقافية واعتمادهم على أنفسهم.

ولم تكتف بذلك؛ بل رأيتها حاضرة دائماً في كل ندوة أو محاضرة أو لقاء في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وفي النادي الأهلي بدبي، وغيرها من الأماكن التي كانت ولا تزال تحتضن الفعل الثقافي، لتشارك بالأخبار التي ينقلها المحررون والصحفيون لمن لم يحضر في المكان، وتقدم لهم فرصة لمعرفة ما دار في أروقتها من مناقشات، وصوراً للاستزادة من الحدث وتوثيقه.

ولم تتردد الخليج يوماً في السعي من أجل ترسيخ مفهوم الاستثمار الثقافي، بالمساهمة في دعم المجتمع عبر تثقيف أفراده، وتقديم كل ما يدعم ذلك من معلومات ومعارف تزيد قيمتها عن سعر شراء الصحيفة؛ لأنها تأسست لتنمية المعرفة وهدف عظيم يتطلع نحو إعلام هادف وفكر مستقبلي.

وحافظت الصحيفة على رقي الفكر خلال مسيرتها، فهي تمضي  في ذلك  بالتوازي مع دولة تبني مستقبلها فوق أعلى القمم، وتسير في الطريق الذي اختارته قيادتها ليكون طريقاً نحو مستقبل مختلف، وأحلام لم تعد مستحيلة، ما دام يمكن تحقيقها ولو مرة.

ولا شك في أن مسيرة الخمسين التي رسمتها أحلام شقيقين، تكملها اليوم أحلام أبناء قرروا المحافظة على إرثهم في بيئة ملهمة تمضي مستمرة باتجاه خمسين أخرى لن تكون كالتي مضت؛ بل ستتهادى فوق سحابة، وتُحلّق في فضاء يتطلع لما هو أبعد من حدود الخيال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"