عادي

ممارسات جديدة تضمـن سلامـة وإنتاجية القوى العاملة

21:50 مساء
قراءة 3 دقائق
1

أبيشيك شارما *

منذ أن اجتاح فيروس كورونا عالمنا، شهدنا وتيرة انتقال سريعة للعادات والسلوكيات اليومية، وطبيعة الأعمال التي قد تكون دائمة. فعلى صعيد الأعمال اتجهت الشركات نحو اعتماد الحلول الرقمية، حيث كانت منصات الاجتماعات الافتراضية أكبر المستفيدين محققة نمواً استثنائياً في أعداد المستخدمين، وتنزيل التطبيق يتراوح بين 20 و40 ضعفاً، بالمقارنة مع الأرقام السابقة. وعلى الصعيد الشخصي لوحظ ازدياد اهتمام الأفراد بالنظافة؛ بل تكررت نسب استخدام مواد التطهير والمعقمات، فضلاً عن زيادة في تكرار غسل اليدين بحسب 90% من ردود العينات المشاركة في هذه الدراسات.

إن هذا التحول الذي يعتمد بشكل كامل على الاتصال الرقمي وتطبيع ممارسات الأعمال عن بعد، ومتطلبات النظافة المتزايدة، سيغير من طبيعة الأعمال وسلوكيات الأفراد على المدى الطويل، استجابة للحد من انتشار فيروس كورونا. والمثال على ذلك هو منطقة الشرق الأوسط التي شهدت فرض إجراءات مكثفة للحد من انتشار هذه الجائحة؛ بل أيضاً القضاء عليها، فقامت بإغلاق حدودها والأماكن العامة ودعت السكان للبقاء في منازلهم؛ الأمر الذي أرغم الموظفين على العمل من منازلهم وإغلاق الشركات مكاتبها التي نجم عنها تأثير كبير لا يمكن الرجوع عنه، ولذلك فإن الشركات تواجه حالة من عدم اليقين حيال هذه الآثار.

وانتقل الموظفون للعمل من منازلهم منذ بدء الجائحة، ليتكيفوا مع آثارها الاقتصادية والاجتماعية، وعلى الفور حددت المؤسسات والشركات الآثار التي ستنجم عن العمل من المنازل على أداء الموظفين، وعملت على مواجهتها. فعلى سبيل المثال أطلقت 53% من الشركات في الولايات المتحدة، عدة مبادرات للمساعدة في التعامل مع التأثيرات الناجمة عن الرفاهية النفسية والعاطفية، والتي ستسهم أيضاً في التخفيف من التأثير على أداء المؤسسة نفسها.

ومنذ ذلك الحين، أسهمت البنية التحتية التقنية في تحقيق تعاون أكبر بين المكاتب على اختلاف توزعها جغرافياً، حيث أثار هذا التحول في ظهور الاتصال الافتراضي، طرح تساؤلات حول العديد من الإجراءات التنظيمية ذات الصلة، كالاجتماعات، وضرورة وتكرار رحلات العمل. كما أدت سهولة تنظيم الاجتماعات الافتراضية، لعقد اجتماعات افتراضية سريعة لجميع الموظفين لبدء يومهم، فضلاً عن تنظيم مقابلات سريعة لإجراء مناقشات قصيرة موجهة نحو النتائج عبر الهاتف أو الفيديو، لحل إحدى المشكلات اليومية، لتنتهي بذلك حقبة المقابلات الشخصية وجلسات العصف الذهني التقليدية.

وتوفر هذه التطورات للمنظمات يومياً، فرصة استثنائية لإضفاء الطابع المؤسسي على هذه الممارسات الجديدة، بهدف تعزيز مستويات الصحة والسعادة والإنتاجية لموظفيها وعملائها مع الاستمرار في تحقيق الفوائد لفترة طويلة بعد انتهاء الجائحة؛ إذ عملت الشركات منذ بدء الجائحة على تحديد الممارسات المستدامة على المدى الطويل واعتمادها في أعمالها. فكانت  على سبيل المثال  نسبة نظافة الأيدي الكافية 62% للعاملين بالمستشفيات، و40% لعمال المطاعم قبل (كوفيد  19). إن التحول في هذا السلوك لا يفيد فقط في الوقاية من الفيروس الحالي؛ بل إنه يحد من انتشار مجموعة أخرى من الأمراض المعدية.

ووضعت شركة أوليفر وايمان، بالتعاون مع مجموعة خبراء في علم السلوكيات، إطار عمل يتيح للشركات توطين الممارسات الجديدة التي قد تكون قد واجهتها أثناء الجائحة، حيث يقترح إطار العمل في المرحلة الأولى مراجعة الممارسات وتدقيقها، سواء تلك التي تم استبدالها أو إلغاؤها تماماً، وتأثيرها، وما إذا كان الاضطراب هو تحسن في الممارسات السابقة، في حين تكمن المرحلة الثانية في تحديد إيجابيات وسلبيات جميع الممارسات المرغوبة، حيث قدمت هذه الدراسة مثالاً على ذلك، وهو إتاحة فرصة اختيار حضور الاجتماعات الافتراضية حتى في حال عودة الاجتماعات التقليدية وعودة الموظفين بشكل كامل إلى مكاتبهم، بما يؤكد قبول الشركات حضور الموظفين لهذه الاجتماعات افتراضياً إذا كانت رغبتهم في ذلك.

وقد تختار الشركات في إطار سعيها لتعزيز الممارسات المرغوبة وتوطينها، إضافة عامل المكافآت بشكل نشط للموظفين لضمان التكرار على مدار فترة مستدامة، كما يجب تشجيع الامتثال للممارسات الجديدة، من خلال وسائل التحفيز المختلفة عن طريق التكرار، بدلاً من أن يكون تمريناً لمرة واحدة.

ولابد في نهاية المطاف من أن ندرك احتمالية زوال العديد من الممارسات الجديدة، وإذا لم نقم بتعزيز نشاطها حتى في فترة ما بعد الجائحة، فإن هذه الفرصة فريدة ولن تتكرر إلا مرة واحدة في العمر، وعلى المؤسسات انتهازها لإجراء تحسينات فعالة على نطاق واسع في ممارسات العمل التي تضمن استمرار رضى الموظفين وأصحاب العمل، بما يحقق زيادة في الإنتاجية واستدامة الأعمال والنجاح. 

ويجب أن تدعم الشركات «الوضع الطبيعي الجديد» من خلال وضع إطار يمكّنها من تحديد ممارسات العمل الإيجابية الجديدة التي تريد الحفاظ عليها ووضع الأسس لاستمرارها.

* شريك في قسم ممارسات القطاع العام في شركة «أوليفر وايمان»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"