عادي
دورة التفاؤل

الكتاب دواء العالم

23:19 مساء
قراءة 3 دقائق
شيخ سلطان


نحتفل اليوم مع معرض الشارقة الدولي للكتاب بشمعة جديدة تضاف إلى مسيرته الطويلة الممتدة لأربعة عقود، تميزت بالفعل الجاد الذي يمتد إلى مختلف وجوه النشاط الثقافي، فتأثير المعرض لم يقتصر على كل ما يتعلق بالكتاب، وحسب، ولكنه انعكس بالإيجاب على المسرح والفنون..الخ، والأهم ذلك الحفر المعرفي والوجداني في وعي وعقول أجيال نشأت وتفتح وعيها وتشكلت ذائقتها نتيجة «القراءة»، تلك المفردة الخلابة التي اشتغل عليها المعرض بآفاق متعددة حتى نجح في ترسيخها بين الجميع، حتى من لا يقرأون باتوا بفعل زخم المعرض يحبون الكتاب ويحترمون القراءة، ويحثون من حولهم عليها.
الدورة الجديدة من معرض الشارقة للكتاب مختلفة، تقام وسط إجراءات احترازية نتيجة لفيروس كورونا، دورة خاصة في مذاقها، وفعالياتها، خالفت التوقعات، والتخمينات التي ظلت لفترة تسأل: هل يقام المعرض هذا العام؟ ولكنها الشارقة التي أصبحت مرادفة للثقافة والمعرفة، والتي لا يمكن أن تخلف موعدها مع من ينتظرون المعرض كل عام، ولا يمكن إلا أن تستمر في رسالتها التي أصبحت عالمية البوصلة، فالثقافة ضرورة قصوى للحياة نفسها.
اليوم نحتفل بدورة «التفاؤل»، ففي ظل حالة من التوجس سادت العالم لعدة أشهر، وتوقفت فيها الكثير من الأنشطة، ومختلف مجالات النشاط الثقافي، وأصاب البعض الخوف، وسأل الكثيرون مراراً عن عودة الحياة إلى طبيعتها، في ظل هذه الصورة يأتي المعرض، ليقول الكتاب دواء، وعلاج للقلق، وفسحة للتأمل، من خلاله تهدأ النفوس، وتطالع العقول تجارب مماثلة، انتصرت فيها الحضارة. الكتاب ببساطة يمنحنا التفاؤل، والتحلي بالتفاؤل كان دائماً لازمة ضرورية في مشاريع النهضة التي شهدها التاريخ.
دورة التفاؤل هذه تجمع العالم بأكمله، ليقرأ من الشارقة، المئات من الناشرين، والآلاف من العناوين، وعشرات اللغات.. هنا في المعرض، الذي أصبح منصة للحوار والنقاش، ومن ثم الخروج بكل ما من شأنه أن يثري الحالة المعرفية للناس، ويزيدها توهجاً وإبداعاً، فالقراءة لا تمرض، والكتاب لا يعترف بالوباء، والمعرفة تُصقل في اللحظات المفصلية لتضيف إلينا المزيد من الخبرات، وتجعلنا أصلب عوداً وأشد عزيمة، وأكثر تصميماً على مواصلة الحياة.
دورة التفاؤل مرة أخرى فعل تجاوز للجائحة، ستحتفظ بها ذاكرة الأجيال المقبلة، سيقول التاريخ يوماً ما، إن معرض الشارقة للكتاب في عام 2020 لم يتوقف بسبب وباء «كورونا»، وجمع البشر على حب الكلمة، وعشق الكتاب.
أربعة عقود، هي عمر المعرض، انطلق ببذرة زرعها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي آمن بأهمية الغرس الثقافي والاستثمار في الوجدان، ومن خلال الرؤية والتوجه والدأب نما المعرض على مدار سنوات، وراكم الكثير من الإنجازات، وارتفعت قامته عالية في سماء المعرفة، وتحول إلى شجرة وارفة يستظل بها المثقفون العرب من المحيط إلى الخليج، شجرة ضاربة الجذور، راسخة الموقع، إنسانية التوجه، لا يمكن لها أن تتأثر بوباء أو مرض، هي شجرة التفاؤل الذي نراه في عيون مستبشرة بالغد.
تحية إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، وإلى كل العاملين في المعرض على لحظة تفاؤل وأمل تنتابنا ونحن نستعد للذهاب إلى «إكسبو» لنطالع العناوين الجديدة، أو نجلس لنتابع ذلك العصف الذهني الذي يتطرق إلى كافة آفاق الثقافة من خلال الجلسات والأنشطة التي ستتم عن بعد.
في عام 2020، وفي موعده السنوي، وبرغم وباء «كورونا» انطلق معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته التاسعة والثلاثين، برسالة بسيطة وعميقة المغزى، وهي أن شعلة الثقافة ستبقى متوهجة في شارقة الثقافة.. شارقة سلطان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"