عادي

ألعاب إلكترونية تجمـع شمل العائلات

23:07 مساء
قراءة 4 دقائق
1
1
1

تحقيق: مها عادل

لطالما وُصمت الألعاب الإلكترونية بأنها تؤثر سلباً في العلاقات الأسرية في ظل انشغال الأبناء بها، وأنها بارعة في التحايل على الأطفال والمراهقين وسرقة أوقاتهم، وتركيزهم وجذبهم، بعيداً عن محيط الأسرة وتفصلهم عن عالم الواقع، كما أنها تقلل من قدرتهم على التواصل مع الآباء والإخوة، وتكوين علاقات صداقة حقيقية على أرض الواقع؛ بسبب العزلة التي تفرضها على الممارسين.

ولكن هناك وجهين لكل شيء؛ فبفضل تنوع أشكال تطبيقات الألعاب الإلكترونية على الهواتف المحمولة، هناك العديد من الأسر التي نجحت في أن تجعل من هذه الألعاب قاسماً مشتركاً بين الآباء والأبناء حتى لو عاش أعضاء هذه الأسر في مناطق متباعدة، وفصلت بينهم المدن والدول والقارات. أو حتى لو كانت تجمعهم جدران البيت الواحد.

معظم هذه التطبيقات تنتمي إلى عالم الألعاب التقليدية القديمة التي تربى عليها الآباء مثل الشطرنج والبلياردو والألعاب اللوحية «الليدو والسلم والثعبان ومونوبلي» وغيرها من الألعاب التي تجمع بين ثقافة اللعب عند الكبار، وانتقلت بسهولة إلى الأبناء؛ لتساعد الجميع على التواصل معاً.

في السطور التالية سنقترب أكثر من تجارب بعض العائلات؛ لنتعرف إلى تجاربهم في اللجوء للألعاب الإلكترونية كوسيلة للتواصل بين أفراد العائلة وتوطيد العلاقات الأسرية سواء داخل المنزل أو خارجه.

تقول سهير محمد ربة بيت بدبي: «من أكثر العادات التي اكتسبناها في الشهور الأولى لانتشار كورونا والمكوث بالمنزل، تعودنا على اللعب مع أفراد أسرتي، لتمضية الوقت خاصة في المساء فنتبارى للفوز، ونحتفل بالفائز ونمضي أوقاتاً لطيفة. وأحياناً كنا نلعب بالمونوبلي الذي يسمح باستيعاب عدد أكبر من اللاعبين. ولكن بعد عودة الحياة الطبيعية تدريجياً، وخروج زوجي للعمل وأبنائي للمدرسة وجدت إحدى صديقاتي ترسل لي دعوة للمشاركة معها  وابنتها إحدى ألعاب الأونلاين وعبر الهاتف، واكتشفت أن كل هذه الألعاب اللوحية متوفرة بشكل افتراضي. فسارعت بعدها بإرسال دعوات للمشاركة لأبنائي ولزوجي. فيمكن مثلاً أن يشارك الأبناء وهم في طريق العودة إلى المنزل وأن يشارك زوجي أثناء استراحة الغداء في المكتب وفي كل مرة نتنافس في إحدى هذه الألعاب نتبادل التعليقات المرحة والساخرة من أداء بعضنا أثناء اللعب.

أما دنيا محمود موظفة بالشارقة فتقول: «افتقدت ابنتي الكبرى منذ أن سافرت إلى مصر؛ للالتحاق بالجامعة في نهاية الصيف، ووجدتها تعاني الشعور بالوحدة وتجد صعوبة في التأقلم مع حياتها الجديدة بعيداً عن بيتها وأسرتها على الرغم من أنها تسكن مع جدتها، وبالطبع نتواصل يومياً عبر الهاتف والمكالمات المرئية مرات عديدة؛ ولكن هذا لم يكن كافياً للتقليل من شعوري بافتقادها ومن شعورها بالوحدة خاصة مع وجود أوقات فراغ كبيرة في حياتها. ومؤخراً وجدتها ترسل لي ولوالدها وأختها الصغرى دعوة لمشاركتها لعبة عبر الهاتف وتواصلت معي لتوضيح كيفية اللعب والحصول على نقاط في هذه اللعبة التي كنا نعرفها قديماً في طفولتنا كلعبة لوحية تحت اسم «ليدو» وبالتالي كان سهلاً علي وعلى والدها أن نتفاعل مع اللعبة ونفهم قواعدها بسرعة، وأصبحنا نخصص ساعة يومية في المساء؛ لممارسة هذه اللعبة معاً فنتجمع كأسرة واحدة على الرغم من ابتعاد المسافات.

تواصل الأجيال 

يطلعنا إبراهيم يحيى، مهندس بدبي على علاقته بالألعاب الإلكترونية وتأثيرها على علاقاته العائلية، ويقول: «بسبب أزمة كورونا والظروف التي فرضتها على المطارات لم أتمكن من السفر هذا الصيف لزيارة عائلتي بلبنان واعتمدت فقط على التواصل معهم افتراضياً، ومنذ شهرين تقريباً اتخذت لقاءاتي الافتراضية مع الأسرة منحى مختلفاً مملوءاً بالتشويق والإثارة حدث هذا بعد أن أرسلت لي أختي الصغيرة دعوة للمشاركة في بعض الألعاب الإلكترونية الجماعية ووجدت نفسي جزءاً من شبكة كبيرة تمارس هذه اللعبة تضم إخوتي الذين يقيم كل منهم في قارة مختلفة حول العالم. وعلى الرغم من اختلاف المناطق الزمنية وفروق التوقيت فإننا أصبحنا نتجمع بشكل دوري كل أسبوع؛ لنمارس اللعبة فنعوض خسارتنا أو نتباهى بالفوز الذي حققناه وحالياً انضم إلينا أبي بلعبة الشطرنج التي لا يستطيع أحدنا أن يهزمه فيها فنتعاون أنا وإخوتي لنقتنص منه جولة كل فترة وفي بعض الأحيان تشترك أيضاً زوجتي وابنتي الصغيرة في هذه التجمعات العائلية الافتراضية ليتسع فريق اللعب العائلي ويشمل الأجداد والأبناء والأحفاد.

وتقول روان عبد الفتاح، موظفة بدبي: «أصبحت الألعاب الإلكترونية المستوحاة من خلفيتنا الثقافية وذكريات الطفولة وسيلتي لجمع شمل أسرتي داخل المنزل. فكثيراً ما يختار أبنائي الجلوس بمفردهم مع هواتفهم المحمولة داخل غرفتهم في عزلة كاملة عن مجريات الأمور بالبيت ولا تستهويهم مشاهدة نفس البرامج أو المواد الدرامية التي نفضل مشاهدتها أنا وزوجي فذوقهم في متابعة برامج التليفزيون يختلف تماماً عن ذوقنا كما أنهم في الأغلب يكتفون بمتابعة البرامج عبر اليوتيوب على شاشة المحمول ولهذا كنت أجد صعوبة في إيجاد شيء ممتع يجمعنا ويقرب المسافات بيننا وبالفعل وجدت ضالتي المنشودة باكتشافي هذه النوعية من الألعاب الإلكترونية. وحالياً كلما أجد حالة من الصمت تجتاح البيت أقوم بإرسال دعوات لهم عبر هاتفي وأتحداهم للمشاركة معي ومع خالتهم ووالدهم في المنافسة بإحدى الألعاب الشهيرة والتي تم تطويرها إلكترونياً بشكل يجعلها أكثر إثارة ومتعة؛ حيث تحتوي على عدة مستويات من الصعوبة ومجموعة من المكافآت للاعبين عند اجتيازهم كل مستوى ما يجعلها مناسبة لذوق الأبناء وتثير حماسهم لهزيمتنا نحن الكبار».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"