ملف التوطين

01:23 صباحا
قراءة 3 دقائق

 

المشروع الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، حفظه الله، حول توظيف المواطنين في إمارة الشارقة، جاء بلسماً لكثير من التراكمات التي مرت عليها عقود، في التعاطي مع هذا الملف المهم جداً، والذي يمس كل قطاعات المجتمع، حيث لا يخلو بيت من بيوت الإمارات من باحث عن عمل، وهذا المشروع ذو البعد الإنساني والاجتماعي والنظرة البعيدة لتركيبة المجتمع، يهدف لخلق التوازن والاستقرار للمجتمع وأفراده.
هذا الأمر جرني إلى طرح التساؤل الذي تكرر كثيراً على مدار كثير من السنوات عن دور الجهات المسؤولة عن ملف التوظيف أو التوطين؛ سمّه أي اسم كان، وكيفية التعاطي معه على مدار سنوات الاتحاد التي تشارف على الخمسين، وكيفية معالجته والحلول التي طُرحت وتُطرح لحل هذه المشكلة التي تحولت إلى معضلة مستمرة؛ بل تتراكم وتزداد حدة، فجل الوزارات التي حملت هذا الملف وتحت أي مسمى كانت، سواء وزارة العمل سابقاً، أو وزارة الموارد البشرية والتوطين حالياً، لم تخرج بما هو كافٍ من الحلول المنطقية والعملية القادرة على حلها، خصوصاً إذا نظرنا إلى آليات تطبيق قانون العمل الذي لا يطبق بشكل دقيق وخصوصاً في القطاع الخاص.
 لا ننكر أنه قد طُرحت العديد من المبادرات مثل هيئة تنمية التي كانت معنية بتقديم الحلول لتوظيف المواطنين، والعمل على تأهيلهم وتوظيفهم في القطاع الخاص الذي كان عصياً جداً على قبول التوطين؛ بل يتهرب منه بشتى الطرق والوسائل. وكمثال واضح على عدم تجاوب القطاع الخاص أو القطاع شبه الحكومي، هناك عدم تطبيق النسبة التي فرضت على البنوك للتوطين، على الرغم من مرور عشرات السنوات على ذلك القرار الذي تنصلت منه البنوك؛ بل تلاعبت به بكل الطرق والوسائل وتحايلت عليه.
والأنكى والأمر أن هذا القطاع لا يأبه بالقرارات الحكومية الملزمة، سواء في الآليات التي تحكمه، وهي قانون العمل، أو حتى تطبيق قرارات الحكومة الخاصة بالمواطنين وفصلهم خلال الجائحة. ما أود قوله، هو أن هذه المشكلة تحولت إلى معضلة على مر السنوات؛ لأن يد القانون قصيرة أمام قوة القطاع الخاص أو القطاع شبه الحكومي الذي لا يتجاوب ولا يلتزم بتاتاً بالمصلحة الوطنية؛ بل يختلق الأعذار غير المنطقية، ويضع العراقيل تلو العراقيل في سبيل توسعة نسبة المواطنين فيه، على الرغم من أنه يفتح الباب على مصراعيه أمام العمالة الأجنبية، وأحياناً كثيرة غير المؤهلة التي تتعلم بالممارسة فقط؛ لأنها رخيصة دون النظر لمصلحة الوطن أو هذه البلاد التي فتحت لها الأبواب لتعمل وتربح.
النجاح الضئيل والنسبي الذي نجده أحياناً، لا يعول عليه، فالمطلوب حلول جذرية تتعامل بقوة ومسؤولية وحسم وحزم وتنفيذ لبنود القانون، دون محاباة أو خوف، لا بهرجة إعلامية لا تغني ولا تسمن من توظيف أو عمل. نحتاج إلى قوة دفع حقيقية تضع نصب عينيها هدفاً لا يخرج عن وظيفة لكل مواطن، حتى يشعر الجميع بالاستقرار والأمان فتزداد الإنتاجية والبذل والعطاء، أما تركنا الحال على ما هو عليه، فلا يجعلنا إلا «محلك سر»؛ بل ستزداد كرة الثلج ضخامة وخطراً.
ما نشر على مدار السنوات حول هذه المشكلة يكشف بسهولة شديدة، ضعف أسلوب التعامل مع هذا الموضوع الذي يحتاج إلى التفاتة قوية من المجلس الوطني الاتحادي، ومجلس الوزراء ذاته، لكن بقوة تحقق الهدف المنشود.
أمامنا الآن مشروع يقدمه أحد قادة هذا الوطن العزيز فهل نتخذ منه نموذجاً يحتذى؟.
ولنا عودة إلى هذا الملف السهل الصعب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"