كم رئة للساحل

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين

يُقرأ أكثر من مرة كتاب «كم رئة للساحل» الصادر عن دار روايات للنشر في الشارقة في مناسبة «الشارقة عاصمة عالمية للكتاب»، ويضم الكتاب نصوصاً قصصية وروائية وشعرية لخمسين كاتباً وكاتبة من أقطار الوطن العربي يجمع بينهم من الناحية العمرية أنهم تحت الأربعين من العمر، وبكلمة ثانية نحن أمام إبداع أدبي عربي جديد سواءً في الموضوعات أو في الأساليب، وكل كتابة جديدة، تستدعي بالضرورة، قارئاً جديداً أو قراءة جديدة، الأمر الذي أشار إليه الشاعر البحريني قاسم حدّاد في تقديمه الاحتفائي بالكتاب، فهو لاحظ أن العديد من النصوص الشعرية والنثرية قد تحررت ممّا سمّاه «ضجيج الخطاب السياسي»، والمهم هو قول حدّاد حول الكتابة الجديدة، والقارئ الجديد «.. كتابة حرّة» سمّاها قاسم حداد لتخلّصها ممّا هو سياسي إيديولوجي، وذهابها الكلي إلى ما هو جمالي وإنساني.
عند هذه النقطة المهمة في الكتابة الشابة الجديدة، أية كتابة شابة جديدة، ننتبه دائماً إلى ما هو إبداعي وجمالي وإنساني في النص الأدبي، وفي مناسبة هذا الكتاب بالذات الذي صدر احتفاءً بالشارقة عاصمة عالمية للكتاب في العام 2019 ننتبه إلى أمر آخر مهم، هو ما كرّسته الشارقة عند الكتّاب العرب الشباب من قيم ثقافية هي من أولويات مشروع الشارقة الثقافي، ومن بين هذه القيم ثقافة القراءة، وثقافة الكتابة أيضاً.
إن الخمسين كاتباً وكاتبة الواردة نصوصهم في هذا الكتاب كان بعضهم قد فاز بجوائز تكريمية من الشارقة تشجّع على القراءة وعلى الكتابة، ثم تجدر الإشارة هنا إلى أن الكتّاب العرب الشباب من مختلف أقطار الوطن العربي يحظون بمبادرات معروفة في الشارقة تتصل بالإبداع الجديد لهؤلاء الكتاب، ومن بين هذه المبادرات «الإصدار الأول» سواءً في الشعر أو القصة أو الرواية.
كتاب «كم رئة للساحل» يُقرأ أكثر من مرة، أو الأصح ينبغي أن يُقرأ قراءة نقدية تخصصية من جانب نقاد عرب مثقفين وينطلقون في قراءاتهم من مسؤولية أدبية وأخلاقية تجاه الكتابة الجديدة المثقفة في الوطن العربي، التي تمثلها هذه النصوص الشعرية والقصصية والروائية خير تمثيل باعتبارها أدباً صافياً متحرّراً من الخطابات الثقافية والسياسية والإيديولوجية التي تهيمن عادة على الكتابات الجديدة، وتحرفها عن مساراتها الأدبية والإبداعية نحو مسارات موظفة لما هو غير الأدب وغير الإبداع.
هنا في هذه الزاوية التي تحرص على متابعة كل ثقافي إنساني محلي وعربي وعالمي، استناداً إلى حيوية الفعل الثقافي اليومي المتجدد في الإمارات.. أدعو النقّاد الإماراتيين والعرب المقيمين والنقاد العرب في بلدانهم إذا كان لديهم الوقت والمسؤولية الثقافية إلى قراءة نصوص كتاب «كم رئة للساحل»، فهي بحق تشكل معاً رئة إبداعية أدبية جديدة في جسم الثقافة العربية، وتشكل هذه الكتابات أيضاً مرحلة مختلفة إن أمكن القول في طبيعة تعامل الكاتب العربي الشاب مع موضوعاته الجديدة الأمر الذي يشكل بدوره تحدياً للكاتب نفسه عندما يرى أن عليه الخروج من عباءات الكتابات المكرّسة و «الرسمية» إن جاز القول، بعد سنوات طوال من الشعريات والسرديات العربية التي تراكمت وتقاطعت واشتبكت في فضاءات ثقافية عديدة من دون فرز نقدي عربي متخصص.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"