عادي

ألفريد نوبل.. من «تاجر الموت» إلى «صانع السلام»

13:26 مساء
قراءة 3 دقائق
ألفريد نوبل.. من «تاجر الموت» إلى «صانع السلام»
ألفريد نوبل.. من «تاجر الموت» إلى «صانع السلام»

الشارقة: أوميد عبدالكريم إبراهيم
على الرغم من اختراعه مادة الديناميت شديدة الانفجار، وتطويره العديد من أنواع المواد المتفجرة الأخرى، وكذلك الصواعق المستخدمة فيها؛ إلا أن اسمَ العالم والكيميائي والمخترع السويدي ألفريد نوبل «1833-1896»؛ ارتبطَ بالسلام بعد أن أطلق جائزةً تحمل اسمه، وتُمنح للمبدعين والمؤثرين في عدة مجالات؛ من بينها السلام؛ حيث كان لإطلاق لقب «تاجر الموت» على نوبل أثر بالغ في نفسه، وهو ما دفعه إلى هذه المبادرة سعياً منه لمحو سمعة مقترنة بأسلحة الدمار الشامل قد تلازم اسمه مدى الدهر على صفحات التاريخ.
نوبل المولود في العاصمة السويدية استوكهولم، والذي أمضى سنوات طويلة من عمره في كل من روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا وإيطاليا؛ عُرف بأنه أحد أشد المناهضين للحروب، وبعد أن جنى ثروة، وسجَّل 355 براءة اختراع على مدى حياته؛ من بينها أنواع من المواد المتفجرة؛ خصص العالم السويدي قسماً كبيراً من ثروته لتأسيس جائزة نوبل التي تُمنح للصفوة في مجالات الطب؛ العلوم؛ الأدب؛ الاقتصاد والسلام؛ دون أي تفرقة بين الأعراق أو القوميات أو الأجناس.

نوبل يقرأ نبأ وفاته !
كانت نقطة التحول الجوهرية بحسب كتَّاب السيرة الذاتية لنوبل؛ قد بدأت عام 1888 حين قرأ العالم السويدي بنفسه نبأ وفاته في إحدى الصحف الفرنسية، والتي خلطت بينه وبين أخيه المتوفى؛ عن طريق الخطأ، ووصفته بـ«تاجر الموت»؛ في إشارة إلى اختراعه لمادة الديناميت، وتطويره بعض أنواع المتفجرات الأخرى؛ الأمر الذي أثر بشكل جليٍّ في نفسية نوبل الذي تبرع بالقسم الأكبر من ثروته لتأسيس الجائزة التي تحمل اسمه، وبما أنه كان يعتبر نفسه من دعاة السلام؛ فقد خصص جائزة للمتميزين في هذا المجال أيضاً.
يعتبر عام 1901 الميلاد الحقيقي لجائزة نوبل؛ عندما فاز بها هنري دوناننت أحدُ مؤسسي اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العام ذاته؛ قبل أن تفوز اللجنة ذاتها بجائزتي نوبل أخريين لاحقاً؛ ليرتفع عدد الجوائز التي فازت بها إلى 3؛ أما أول امرأة تحظى بشرف الجائزة؛ فكانت عالمة الفيزياء والكيمياء البولندية ماري كوري مرتين في عامي 1903 و1911؛ لتتنقل جوائز نوبل وتطوف بعد ذلك حول العالم في عشرات الدول.

الجائزة تصل العالم العربي
يقع المقر الرئيسي للجنة المنظمة لجائزة نوبل للسلام في العاصمة النرويجية أوسلو، ويختار البرلمان النرويجي أعضاء الهيئة الخمسة تنفيذاً لوصية ألفريد نوبل، وهذه الهيئة تختار بدورها أحد المترشحين لنيل الجائزة، وتُمنح جائزة نوبل للسلام للذين «قاموا بأكبر قدر أو أفضل عمل للتآخي بين الأمم؛ من أجل إلغاء أو تخفيض الجيوش الدائمة، ومن أجل الحفاظ على السلام وتعزيزه»؛ وفقاً لما جاء في وصية العالم السويدي أيضاً.
حقق عدد كبير من المنظمات والشخصيات الاعتبارية والعادية حول العالم جائزة نوبل للسلام؛ من بينهم على سبيل المثال لا الحصر؛ الراهبة الألبانية الهندية الأم تريزا؛ الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا؛ الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وغيرهم الكثير؛ كمان حازت شخصيات من الدول العربية الجائزة، وهي بحسب الترتيب الزمني، وابتداءً بتاريخ أول جائزة عام 1978 التي حازها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات؛ ثم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات 1994؛ فالرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي من مصر 2005، وأربعة منظمات تونسية أُطلق عليها اسم «الرباعي الراعي للحوار الوطني التونسي» 2015، وأخيراً وليس آخراً الناشطة الكُردية الإيزيدية نادية مراد من إقليم كُردستان العراق 2018.

جدل محتدم
مرَّ أكثر من قرن من الزمان على رحيل ألفريد نوبل؛ إلا أن أسباب اختياره للسلام كفئة لجائزته لا تزال مثار جدل محتدم؛ ففي الوقت الذي كان من البديهي أن يختار فئتي الكيمياء والفيزياء اللتين برع فيهما؛ إلا أن أسباب اختياره للسلام كانت أقل وضوحاً، وتتباين الروايات بهذا الخصوص؛ حيث تعتقد اللجنة النرويجية المنظمة للجائزة أن الصداقة المتينة والعلاقة التي جمعت بين نوبل وناشطة السلام النمساوية برثا فون سوتنر، والتي حازت الجائزة ذاتها لاحقاً؛ كان لها دور كبير في قرار نوبل إدراج السلام كفئة للجائزة.
إلا أن عدداً من الباحثين في جامعة نوبل كان لهم رأي آخر؛ حيث يرون أن «القوى المدمرة» التي ساهم العالم السويدي في اختراع عدد منها؛ مثل الديناميت والصواعق وتطوير أنواع مختلفة من المتفجرات، والتي استخدمت في صراعات عنيفة عاصرها ألفريد نوبل خلال حياته، ومن ثم إطلاق اسم «تاجر الموت» عليه؛ كل ذلك كان له بالغ الأثر في اتخاذ نوبل قرار إدراج السلام كفئة لجائزته؛ كما لم تتضح أيضاً أسباب اختياره للنرويج مقراً للجائزة؛ علماً أن النرويج والسويد كانتا متحدتين في ذلك الوقت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"