عادي

محمد بن زايد.. نهج حكيم وقيادة متميزة

00:00 صباحا
قراءة 7 دقائق
1

عبدالله خليفة الغفلي

من الحكم الخالدة والملهمة للمغفور له – بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقولته «إن الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال والنفط».

إن دولة الإمارات العربية المتحدة وكغيرها من دول العالم تعرضت لأزمة «فيروس كورونا المستجد، وهي أزمة دولية شاملة لا تختلف بطبيعتها وظروفها عن فترات الأزمات الصحية البائدة التي تعرضت لها الأمم والحضارات في الأزمان السابقة، حيث تعتبر الأزمة ظرفاً طارئاً سلبياً في حياة الإنسان والشعوب، تمر بمراحل حرجة وصعبة، وتتطلب اتخاذ إجراءات استثنائية وقرارات حكيمة وصارمة ومؤلمة للسيطرة عليها ومعالجتها، والحد من آثارها وتداعياتها السلبية على الإنسان والأسرة والمجتمع بشكل خاص، والوطن بمفهوم أعم وأشمل.
 صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومنذ بدء انتشار فيروس كورونا في عام 2020، كان هو القائد الملهم الذي يدير بنهج حكيم وقيادة متميزة أركان هذه الأزمة الطارئة بجميع أبعادها وتحدياتها الميدانية والإدارية وعلى جميع المستويات، بل تجاوز دوره القيادي الإيجابي الإطار الوطني، لينطلق بإيثار وكرم وجود من أخلاق سموه الحميدة لمساعدة ومساندة الحكومات الشقيقة والصديقة بمختلف دول العالم، بتقديم المساعدات الطبية الإنسانية لشعوبها، وإسداء المشورة والنصح والدعم لقياداتها، بالرأي الصائب والفكر الحكيم، في إطار مبدأ والتزام إنساني دائم ينتهجه سموه، لتحقيق أعلى مستوى من التعاون والتنسيق العالمي للتخلص من الأمراض والأوبئة المعدية وحماية الإنسان والشعوب منها.
 توحيد الغاية والأهداف
 ومما لا شك فيه أن الأوقات العصيبة وفترات الأزمات تتطلب توحيد الغاية والأهداف والجهود، والمبادرة باتخاذ قرارات حاسمة وحازمة، وتدابير جريئة وصعبة لمعالجتها وتجاوزها، وهذه القرارات والإجراءات تحتاج لشخصية قيادية وطنية استثنائية لاتخاذها، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هو القائد الباسل ورجل الدولة وسندها، ومن خلفه شعب الإمارات بأبنائه وجنوده، يسيرون بفخر تحت ظل رايته، يلبون وينفذون أوامره بثقة تامة، ويقين ثابت، واطمئنان راسخ ودائم بحكمته ونهجه الذي يحمي أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها تحت ظل جناحيه، ويحرص على رعايتهم والحفاظ على صحتهم وسلامتهم من كل شر أو مكروه.
 منذ استشعار سموه ببوادر هذه الأزمة الطارئة وقف أمام شدتها وعتوها بشجاعة أبناء زايد وصلابتهم وعزمهم على الشدائد، وأكد بيقين جازم على الثقة المطلقة بقدرات الوطن وأبنائه على محاربة انتشار الفيروس المستجد، والقضاء عليه بأقل الأضرار والخسائر، وقد كانت مقولته الشهيرة (لا تشلون هم) شعار وبلسم إيجابي نفسي للمجتمع الإماراتي، ولكل مواطن ومقيم على أرض هذا الوطن الغالي، رفع به معنوياتهم، واستحضر به هممهم، وأراح قلوبهم وعقولهم، وأعاد لهم البسمة والسعادة والتفاؤل، بعد مشاعر تجلى فيها الخوف والهم والقلق من خطر فيروس كورونا وتبعاته الصحية عليهم.
أعلى مستويات الأمان 
 لقد تمكنت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة من اتخاذ إجراءات احترازية مشددة للوقاية من فيروس كورونا والحد من انتشاره، فمنذ البداية كانت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتنفيذ تدابير استباقية عاجلة ومتكاملة، لتجهيز ورفع كفاءة المستشفيات الحكومية والخاصة وإنشاء المستشفيات الميدانية ومراكز الفحص، وإعداد طواقم الفرق الطبية، وتسخير جميع مرافق الدولة لدعم الخطة الاستراتيجية لاحتواء الفيروس والحماية والوقاية منه، وتحقيق أعلى مستويات الأمان والسلامة للجميع. هذه التوجيهات الكريمة من سموه مثلت منهجاً ورؤية استراتيجية للقيادات والوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية، انطلقت منها لوضع وتنفيذ خططها وإجراءاتها الفعالة لمواجهة هذه الأزمة، وكان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى، في حماية الوطن والشعب والمقيمين على أرضه من أسوأ الأخطار والتأثيرات السلبية لهذا الوباء صحياً واجتماعياً واقتصادياً، وقدمت أمام العالم صورة حضارية راقية لدولة الإمارات العربية المتحدة بكيفية حماية الإنسان مهما كان جنسه أو عرقه أو دينه، بروح التسامح، وبمنهج المساواة والعدل، وبشعار يوحد ويجمع بين جميع الفئات والأطياف المجتمعية تضامناً وتعاضداً وتكاتفاً للوقاية هذا الوباء الخبيث والحد من انتشار.
 نعم.. يحق لنا نحن أبناء الإمارات أن نفتخر ونعتز بالقيادة الميدانية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمواجهة هذه الأزمة ومعركة التصدي لهذا الوباء ومكافحته وحماية المجتمع من تداعياته، بالتوجيهات والإشراف والمتابعة الدائمة لخطط الطوارئ، وإجراءات وجهود الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية المعنية، والتي تكللت بالنجاح بكفاءة واقتدار في تحقيق نتائج ميدانية فعالة واستثنائية، وذات مرتبة متقدمة في المؤشرات العالمية، حيث وثقت البيانات والإحصائيات الرسمية المتواترة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمكنت منذ بدء الأزمة من إجراء أكثر من 22 مليون عملية فحص، ما جعلها تحتل المركز الأول على مستوى العالم بنسبة إجراء الفحوص لسكانها، كما توجت جهودها الميدانية بتقديم العلاج والمتابعة والدعم لأكثر من 225 ألف مصاب بالفيروس، وكانت الإمارات من أوائل الدول التي تعاونت مع مختلف المؤسسات والمختبرات الطبية العالمية لإجراء التجارب والبحوث لاكتشاف العلاج وتوفير جرعات اللقاحات الوقائية لشعب دولة الإمارات والمقيمين على أرضها، حيث نجحت في في تطعيم حوالي مليون شخص حتى الآن.
منطق مستنير
أما عن الجانب النفسي والمعنوي للأزمة فقد كان للتواصل الفعال بالتوجيهات والنصائح الغالية والمنطق المستنير والشفافية التي قدمها سموه مباشرةً لشعب الإمارات التأثير الكبير والدعم نفسياً ومعنوياً ساهم في طمأنتهم، ورفع لديهم درجة الصبر ومستوى شعور التفاؤل والنظرة الإيجابية للمستقبل، حيث أعلن منذ بداية هذه الأزمة لأبناء الإمارات ومن يقيم على أرضها بأن أكبر غاياته وأعز مقاصده وأولوياته هو الحفاظ على صحة المجتمع، وسلامة المواطنين والمقيمين والزوار، وتجاوز هذه المرحلة الصعبة بأمن وأمان وسعادة وعافية، مؤكداً بأن هذه الأرض الطيبة دولة الإمارات قادرة على تأمين الدواء والغذاء لشعبها إلى ما لا نهاية، موصياً بضرورة العناية والاهتمام بالآباء والأمهات والأهل وكبار السن والمحافظة على صحتهم وسلامتهم وحياتهم، مشيراً إلى أن حماية دولة الإمارات وأهلها والمقيمين على أرضهما (أمانة في أعناقنا وواجب علينا أن نؤديه)، قائلاً «إنه لا توجد في قاموسنا كلمة اليأس، ولأجل بلدنا دولة الإمارات وأهلنا وضيوفنا فيها سنبذل كل غالٍ ونفيس في سبيل مواجهة هذا التحدي الذي يعد أحد التحديات العديدة والمتنوعة التي تواجهها الأمم في تاريخها.. فقد تكون الدول بوضع صعب لكن بهمة أهلها وإرادتهم يجتازون التحدي».
وتحت رعاية وتوجيهات سموه الكريمة توحدت جهود المؤسسات والجمعيات الخيرية والمجتمعية وفرق التطوع، بالتكاتف والتضامن والتعاون مع المواطنين والمقيمين، لابتكار وإطلاق عدد كبير من مبادرات الدعم والمساعدات الإنسانية الهادفة لتمكين قدرات جميع فئات المجتمع لمواجهة الأزمة وتأثيراتها السلبية وتحدياتها المادية عليهم، والتغلب على الصعوبات التي واجهتهم، ولم ينس سموه أسر أبطال الإنسانية الذين تصدوا بشجاعة لجائحة كورونا، فبادر شخصياً بالاتصال بهم وأعرب لهم عن شكره وتقديره للدور العظيم لأبطال الإنسانية، وفخره بتضحياتهم وشجاعتهم أثناء مواجهة الجائحة في الأوقات الصعبة.
181 رحلة جوية
 وفي الوقت الذي كان سموه يتواصل بجهوده الإنسانية واتصالاته الرسمية مع قادة دول العالم ومديري المنظمات العالمية بأكثر من 60 اتصالاً ولقاءً لدعمهم والتعاون معهم لمكافحة هذا الوباء وتطوير علاجه واحتوائه، كانت الطائرات الإماراتية تحلق في أجواء جميع قارات العالم من خلال 181 رحلة جوية اتجهت دعماً وتضامناً إلى 128 دولة من الدول الشقيقة والصديقة، محملةً بأكثر من 1736 طناً من المساعدات والمواد الطبية، استفاد منها عشرات الملايين من العاملين بالمجال الصحي في تلك الدول، كما تم كذلك تقديم 10 ملايين دولار مساعدة عينية لمنظمة الصحة العالمية، ولم تتوقف جهود سموه الخارجية على ما سبق، بل كانت له مبادرة إنسانية تسجل بأحرف من نور عندما بادر ووجه بإجلاء المئات من رعايا عدد من الدول الشقيقة والصديقة العالقين في مختلف دول العالم ونقلهم إلى «مدينة الإمارات الإنسانية» في أبوظبي في إطار الاستجابة الإنسانية من سموه لمعاناتهم.
 كما كان لسموه موقف إنساني عالمي عند مشاركته بقمة قادة مجموعة العشرين «G 20» الاستثنائية الافتراضية، حيث «شدد على أهمية الوعي بضرورة بناء استجابة دولية متسقة لهذا التحدي، مؤكداً أن دولة الإمارات تدعم وتشارك في كل تحرك دولي جماعي للتصدي للفيروس واحتواء تداعياته، والتغلب على هذا الخطر وكبح جماحه»، كما أكد سموه ضرورة أن تسمو الدول فوق المسائل السياسية في هذه الظروف الاستثنائية، وتغلب الجانب الإنساني في ظل التحدي المشترك الذي نواجهه جميعاً، ولقد حظيت المبادرات الفعالة والجهود الكبيرة لسموه بإشادة وتقدير وثناء من قادة دول العالم ومن مديري المنظمات العالمية، والشخصيات السياسية والعلمية والثقافية العالمية، باعتبارها موقفاً إنسانياً مميزاً ساهم في إيصال وتوفير المساعدات والمواد الطبية والعينية للدول المستهدفة، لمساعدتها ودعمها في تجاوز أصعب الظروف والتحديات التي تواجهها بسبب أزمة كورونا.
منارة للتميز والإنجازات
 تتعالى الهمم وتتوحد العقول والقلوب، وتكبر العزائم وتتصاغر الصعاب، وتنجلي الغمة، وتبرز المواقف الخالدة، وتتجسد البطولات المجيدة، ويسمو الوطن بقيادته وأبنائه، ونحن نقترب من إعلان الانتصار في معركة كورونا بفضل من الله سبحانه وتعالي، وجهود القيادة الرشيدة، وتعاون وثقة أبناء الإمارات بشيوخهم الكرام، مؤكدين العهد والولاء للقيادة الرشيدة دائماً وأبداً، مؤمنين بأن هذه الأزمة ستكون دافعاً كبيراً للانطلاق للمستقبل بإيجابية وطموحات أكبر للازدهار والتطور والإبداع، كيف لا ونحن نقف بحمد الله وفضله على قاعدة صلبة ومتينة، أسسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وحافظ عليها أبناؤه شيوخنا وعزنا وقادتنا (أطال الله في أعمارهم)، لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة ومسيرتها الحضارية الرائعة في فترة زمنية تجاوزت من خلالها الكثير من الدول والشعوب، وأصبحت اليوم منارة للتميز والإنجازات والطموحات الكبيرة في مختلف المجالات التنموية والعلمية والصحية والإنسانية.
 شكراً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. كلمة نرفعها باسم شعب الإمارات الوفي لمقامك السامي، على ما قدمته وما تقدمه لخدمة الإمارات وشعبها، وما التزمت وسرت به على طريق ونهج القائد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، قولاً وفعلاً، وسيحفظ التاريخ في أزهى صفحاته وأجملها، المواقف الحميدة والمناقب الجليلة والأخلاق النبيلة لسموك خلال هذه الأزمة، ودور سموك الإنساني في حماية شعوب العالم من الأمراض والأوبئة المعدية، ومساعدتها على الازدهار والرقي والتطور الحضاري والعلمي.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"