أخطاء قراءة التاريخ

00:21 صباحا
قراءة 3 دقائق

كاثي تولجرين *

عندما كنت مدرسة في كلية بيما كومينيتي، كثيراً ما حدثت طلابي حول جيل ليس لديه أية فكرة عن جذور المشاكل الاجتماعية في المجتمع الأمريكي وحجم الاضطرابات التي عاشها، وهم الأطفال المولودون من عقد السبعينات حتى عام 2010.

 وأعتقد أن هذا ناتج عن فشلنا في تدريس التاريخ بكل تفاصيله وبصورة انتقائية، ما يترك الأجيال عاجزة عن مواجهة المحن التي تعترضهم حالياً أو مستقبلاً.

 وأستطيع القول إن خوف الناس مما ينتظرهم هو خوف مفهوم ومبرر. فقد شهد الأطفال الذين ولدوا في الخمسينات والستينات اغتيال الرئيس كينيدي. يومذاك شهدنا أعمال شغب يومية في الشوارع، واضطرابات في السجون، وتوترات عرقية، وانتهاكات جسيمة للحقوق المدنية، وقتل طلبة بالرصاص في ولاية كنت بسبب احتجاجهم السلمي على الحرب، حرب فيتنام التي كان من حولنا من الشباب يساقون إليها وهي حرب بدت يومها بلا نهاية والفوز بها مستحيل.

 كنت حريصة على أن أحث طلابي على شكر أولئك الذين سبقوهم من الأجيال التي شاركت في الحروب، وصنعت أمجاد الأمة، وأحدثت ثورة في مجتمعنا ومجتمعات أخرى في العالم.

 واليوم في ظل الخلاص من تجنيد الشباب قسراً لخوض حروب لا تنتهي، صار من الممكن للجميع، بما في ذلك النساء، تحقيق أحلامهم بقدر أكبر من الحرية ودعم من المجتمع لم يكن متاحاً في السابق. يمكن للمرأة الآن أن تختار ألا تكون أماً أو ربة منزل. ويمكنها أن تختار الوظيفة التي تناسب ميولها كأن تكون سكرتيرة أو شرطية أو رائدة فضاء. ويمكن لمن لديها الكفاءة والطموح أن تصبح مدرسة في الجامعة.

 خلال الستين عاماً الماضية، شهدنا تغيراً ثقافياً واجتماعياً هائلًا، ما ترك الكثير من سكان الولايات المتحدة اليوم يفتقرون إلى المعرفة بتضحيات الأجيال السابقة.

لذلك أنصح الذين شعروا بالخوف أو الإزعاج من أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير/كانون الثاني 2021، بمزيد من المراجعة والبحث عن تجارب الأجيال السابقة.

 ينبغي أن تثقفوا أنفسكم وتعرفوا الكثير حول الحريات التي يتمتع بها المجتمع اليوم. فالكثير من الامتيازات المتاحة مثل الوصول السهل إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي مكنت الناس من التجمع في واشنطن، لم تسمع بها الأجيال السابقة.

 وأدرك أنه إلى جانب الامتيازات تأتي المسؤولية الفردية والجماعية عن ضمان الصالح العام. فالأمريكيون على مفترق طرق مهم من التغيير مثلما كان الحال خلال العقود الستة السابقة.

 فهل هذا مثير للقلق؟ لا طبعاً! وهل يجب أن نخشى الخوف؟ بالطبع لا! لا شك أن التفاعل بين مختلف الأفكار والرؤى وحتى الاحتكاك بين مكونات المجتمع هو الذي يقودنا إلى تحقيق الإجماع وبالتالي يوصلنا إلى حياة أفضل للجميع.

 هنا أنصح أولياء الأمور باستغلال وجود أطفالهم في المنزل بسبب فيروس كورونا ومراجعة بعض دروس التاريخ المهمة معهم وتقصي حقائق بارزة في ماضي أجدادهم. حدثوهم عن الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام وغيرها.

 حدثوهم عن الشرور التي حدثت خلال ألمانيا النازية والتي كشفت كيف يمكن أن تصبح الإنسانية فاسدة عندما تعيش دون رادع.

 لماذا لا ندرس أطفالنا تفاصيل الاضطرابات التي عانى منها الناس خلال الخمسينات والستينات ونحلل الإخفاقات والنجاحات خلال تلك العقود بكل موضوعية. أين ذهبت بطولات الأمريكيين الذين حملوا مسؤوليات المجتمع خلال تلك السنوات العصيبة ونقلوه إلى حقبة الازدهار والابتكار؟

 إن في دروس التاريخ عبراً مهمة لصناعة أبطال الغد الذين ينبغي أن يفخروا بما قدم أسلافهم حتى يفهموا معنى القيم العليا مثل الشجاعة والتضحية والاستعداد للبذل والعطاء والحكم على الأشياء بموضوعية وعقلانية.

 إن من أساسيات التربية أن يدرك الجيل الناشئ أنه من الأفضل أن نكون نوراً في الظلام من أن نترك الظلام يحيط بنا ويهزمنا. فالأمريكيون رواد وأحرار قدموا للعالم نموذجاً فريداً من الديمقراطية ولديهم خيارات عديدة في قيادة العالم نحو مزيد من الازدهار.. فهل نستفيد من درس اقتحام مبنى الكابيتول؟

* أستاذة علم الاجتماع في جامعة بيما كوميونتي. «أريزونا ديلي ستار»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أستاذة علم الاجتماع في جامعة بيما كوميونتي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"