عادي

الاهتمام بالطفولة المبكرة استثمار في المستقبل

00:19 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحيق: إيمان سرور

الاهتمام بالطفولة المبكرة، استثمار في المستقبل.. لذا تضع مؤسساتنا التربوية والاجتماعية هذه المرحلة في مقدمة الأولويات، لكونها بداية تكوين شخصية الطفل مهارياً، واجتماعياً، وسلوكياً، ونفسياً، والمدخل لتحقيق مفهوم التعلم مدى الحياة.

ويؤكد الاختصاصيون الاجتماعيون والنفسيون أن الاهتمام بملف التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، يحقق مجموعة كبيرة من الأهداف، منها تنمية المهارات العقلية لدى الطفل، عبر تحسين القدرات اللغوية والمعلومات المتنوعة، وتحفيز قدرات الابتكار لديه عبر الاستثمار المبكر في السعة المعرفية وأنماط التفكير لإنتاج إنسان مشارك وفاعل مجتمعياً. 

شخصيات ومسؤولون تربويون ومهتمون من مختلف مؤسسات الدولة، تحدثوا عن دور الأسرة والمؤسسات التربوية والتعليمية والمهتمين بمرحلة الطفولة المبكرة، وتربية الطفل، وكيفية تلقينه المهارات والمفاهيم والاتجاهات المرتبطة بحياته اليومية، وكل ما يحيط به.

مناهج تفاعلية

تؤكد أصيلة الكلباني، مديرة إدارة تنمية الطفل والشباب في مؤسسة التنمية الأسرية، أن الأسر والمختصين يلعبون دوراً كبيراً في تربية الأطفال، وفق مناهج تفاعلية حديثة وناجحة، لافتة إلى أن رعاية الأطفال بصورة علمية سليمة في مرحلة ما قبل رياض الأطفال تضمن تنشئة أجيال تمتلك المهارات اللازمة لخوض تجربة تربوية فعالة، ومخرجات معرفية متطورة.

وتقول إن الأحداث خلال مرحلة الطفولة المبكرة تلعب دوراً هاماً في تشكيل شخصية الفرد، فإذا كانت أقرب للسواء كانت الشخصية في المستقبل أقرب إلى السواء، والعكس صحيح. 

وتضيف الكلباني، أن برنامج الطفولة المبكرة لدولة الإمارات يلقي الضوء على التجارب المجتمعية الناجحة على مستوى الأسرة، ويفتح المجال لمزيد من المبادرات المبتكرة، كما يعد منهجاً تكاملياً شاملاً يهدف إلى تنمية مهارات الأطفال، وإكسابهم المهارات الحياتية المختلفة وتنمية قدراتهم الاجتماعية والعاطفية والحسية والبدنية والثقافية في سن مبكرة، تؤهلهم لأن يكونوا عناصر فاعلة ومؤهلة. 

شغف

وعن مميزات الطفولة المبكرة تقول فاطمة الحوسني مديرة مدرسة، تتسم هذه المرحلة بالنمو السريع وحدوث التغييرات مقارنة مع غيرها من مراحل الحياة؛ حيث يكون لدى الأطفال الصغار في السنوات الأولى شغف وفضول لمعرفة العالم المحيط بهم، وللبيئة الماديّة والخبرات الاجتماعية دور كبير في صحة الأطفال ومهاراتهم المعرفيّة، وقدرتهم على تعلّم اللغات، والعلاقات الاجتماعية والعاطفية، والشعور بالهوية والانتماء، فهذه الجوانب الأساسية من التنمية تمثل الأساس لحياة مملوءة بالإنتاج والصحة والسعادة. 

استعداد

ولفتت شيخة محمد الشحي، مديرة روضة أطفال، أن تربية الطفل إبداعياً منذ السنوات المبكرة من عمره، تعتبر رسالة كل روضة وأسرة، بل والمجتمع أيضاً، ومن أجل زيادة قدرة أطفال اليوم، ورجال المستقبل، على الإسهام النشط في حياة مجتمعهم ومشاركتهم الفعالة في دفعه نحو التطور والتقدم، ينبغي الاستعداد له بكل ما نملك من عقول مبتكرة ومبدعة ليكون الطفل قادراً على التفاعل الكفء مع خصائص القرن الحادي والعشرين. 

دفء عاطفي

وتشير فتحية النظاري، مستشارة برنامج الأيتام في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي- سابقاً-، إلى تربية الطفل في سن مبكرة على القيم الإنسانية التي يغلب عليها حب الآخرين والتسامح، والأمور التي تتسم بالدفء العاطفي لتحقيق سلوك متوقع، إضافة الى تفهّم القائمين على تربية الأطفال (الوالدين، الأسرة والمعلمين ) لتعزيز ثقة الطفل بنفسه، فالمعلمة التي تبدع في مادتها، وتأسر خيال الأطفال وتطلقه، وتشحنه بالأفكار الثرية والمثيرة، وتثري دافعيتهم؛ فيتعلمون وهم في قمة الاستمتاع، وكذلك الأم التي يتسع صدرها لاحتواء أبنائها من دون رغبة ‏منها ‏في‏ فرض ‏التحدي‏ ‏والسيطرة‏ ‏على كثرة حركتهم، ‏وعنادهم، ‏كلها ‏سمات‏ ‏مشجعة ‏للطفل تعزز لديه القدرة ‏‏على‏ ‏الاستقلالية‏ ‏تحقيقاً ‏لذاته‏. 

شراكات

وتؤكد إيمان حارب الفلاحي، مدير إدارة الحماية المجتمعية بوزارة تنمية المجتمع، الممارسات الجيدة التي يقوم بها القطاع الخاص لتعزيز المسؤولية المجتمعية في رعاية الطفولة المبكرة، وكيفية تدريس الأطفال وغرس هذا المفهوم في نفوسهم، والدور الذي ينبغي أن تلعبه الجهات المعنية في متابعة ما يقدمه القطاع الخاص لأجل رفاه الطفولة المبكرة، مؤكدة ضرورة إيجاد شراكات بين مؤسسات القطاع الخاص والجهات الحكومية، (الاتحادية، والمحلية)، العاملة في مجال الطفل، وتكاتف الجهود لتدريب الأطفال على المسؤولية المجتمعية، وضرورة إطلاق المبادرات والبرامج التي تصب في مجال تعزيز هذه المسؤولية في مرحلة الطفولة المبكرة والعمل على تنفيذها. 

مراقبة التفكير

وتقول فاطمة البستكي، مديرة مركز التعليم المبكر للطفولة بجامعة زايد - سابقاً -، مديرة مشروع تدريس اللغة الصينية في وزارة التربية والتعليم، إن اكتشاف القدرة الإبداعية لدى الطفل، هي الخطوة الأولى نحو الإبداع والمبدعين، والطريق نحو ملاحظة السلوك الإبداعي للطفل، واكتشاف المجال النوعي لإبداعه، وذلك يعتمد على مراقبة مسارات تفكير الأطفال لاكتشاف الكامن لدى المبدعين منهم، مشيرة إلى أن برامج التعليم المبكر تتبنّى تنمية القدرات العقلية للطفل، ما يساعد على تعليمه، وتنمية الروح الاجتماعية والاستقلال الذاتي، كما تغطي تلك البرامج جميع المهارات العقلية والجسدية، من خلال تقنيات تدريب الدماغ لتسريع قوة التعلم، فضلاً عن التدريب على المهارات الاجتماعية والمستقلة، بدءاً من الموسيقى والرياضيات واللغات، ثم الأنشطة البدنية والمهارات الحركية الدقيقة. 

حلقة وصل

وتشير ياسمين بليق، مديرة حضانة، إلى أن مرحلة رياض الأطفال مهمة في إعداد وتأهيل الطفل، وأن الأبحاث العالمية أثبتت أن التحضير لرياض الأطفال مهم حتى يكونوا ناجحين ومتفوقين في بقية العلوم في المراحل المتقدمة، لكونها حلقة الوصل التي تهيئ الطلبة لتقبّل العلوم المختلفة، لافتة إلى أن رياض الأطفال أصبحت محط أنظار التربويين من داخل وخارج الدولة لما تتمتع به من مميزات كأحدث نموذج تربوي لرياض الأطفال، يستهدف إعداد طفل ذي شخصية متكاملة يسهم في بناء وطنه تحت إشراف كوادر تربوية مؤهلة، وفي بيئة تعليمية جاذبة وبإدارة قيادات تربوية مميزة. 

بيئة محفزة

ويؤكد عمر مبارك الجنيبي، اختصاصي اجتماعي، أن الطالب هو محور العملية التعليمية في خطط وبرامج وزارة التربية والتعليم، وأن إعداده منذ مرحلة الروضة يتطلب توفير البيئة التعليمية المحفزة حتى تكون دافعاً له لحب العلم، والإقبال عليه، والارتباط بالمدرسة، والتعلق بها، وهذا ما عملت الوزارة على تحقيقه من خلال خطتها الاستراتيجية لتطوير كل مراحل العملية التعليمية الاستراتيجية التي تستهدف إعداد الطالب المبدع المفكر الذي يمتلك مهارات البحث العلمي، ولديه القدرة على حل المسائل والمشكلات واتخاذ القرارات، والعمل ضمن الفريق، والتعبير عن رأيه بثقة وموضوعية حتى يكون لدينا خريجون مؤهلون وقادرون على مواجهة تحديات العصر.

المحضن الأول

وترى ورود الخصاونة، المديرة التنفيذية لمجموعة حضانات الدانة، أن تنمية مهارات الطفل الفكرية والجسدية على حد سواء، أمر في غاية الأهمية، كما أن إضافة النشاطات المتمثلة في الألعاب أو الأناشيد تعمل على قابلية الأطفال في تقبّل والتقاط الأشياء بسرعة واكتساب المعلومات، فتكون الروضة بذلك أساساً يمهد لانتقاله إلى المدرسة الابتدائية بشكل سلس، نفسياً، وعقلياً، واجتماعياً، مؤكدة أن طفل هذه المرحلة «طفل المنزل»، يظل ملازماً للمنزل 5 سنوات، وفي أواخر الطفولة المبكرة ينتقل إلى الروضة، ولذلك فالأسرة هي المحضن الأول للطفل، وهي المؤسسة غير الرسمية الأولى التي تتولى رعايته وحضانته، ولذلك فالطفل انعكاس لأسرته، ولقيمها.

مناخ أسرى 

يؤكد الاختصاصي النفسي إبراهيم عبدالحميد، بمدرسة الدانة، أهمية توافر المناخ النفسي للأطفال داخل الأسرة، حيث وجد أن اتجاهات الوالدين الخاطئة تربوياً ونفسياً (التسلط، الحماية الزائدة، الإهمال، إثارة الألم النفسي، التذبذب، التفرقة في معاملة الأبناء)، تؤثر سلباً في قدرات الأطفال الإبداعية، كما أن سياسة الرفض والإكراه أو القهر لدى الأطفال، لها علاقة بالإبداع لدى الأطفال، مشيراً إلى أن أسلوب التربية الحضاري غير المحبط، وتوفير المكتبات في البيوت، والاتزان البيئي، أو إعطاء الأطفال الوقت الكافي من أجل اكتشاف المعلومات بأنفسهم، وتوفير الحياة الطبيعية، والتسهيلات البيئية، جميعها تصقل مواهبهم، وتنمي قدراتهم الإبداعية.

بيئة إبداعية 

وعن البيئة الإبداعية التي ينبغي أن توفرها المدرسة للطفل، يقول مصطفى الجريدلي اختصاصي غرف مصادر التعلم بمدرسة الصقور، إن البيئة الإبداعية، سواء داخل حجرة النشاط، أو في البيت، لا تُعلم الطفل بالضرورة ما يفكر فيه، ولكنها تساعده على كيفية التفكير، وتزويده بالدافع لكي يصبح باحثاً صغيراً من خلال عملية القراءة وخبرات الحياة، كما تثير انتباهه، ولا تعرقل اكتشافاته، وتساعده على تطوير وتنمية مهاراته، وتطبيقها في الحاضر والمستقبل، لافتاً إلى أن مسؤولية المعلم والأسرة تتمثل في توفير المناخ الإبداعي لخلق بيئة تشجع على الاكتشاف والبحث.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4e7kypmw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"