العراق وتحديات الأمن

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

التفجيرات الإرهابية التي ضربت بغداد، مؤخراً، عقب نحو ثلاث سنوات من الاستقرار الأمني النسبي في العاصمة العراقية، كشفت عن تحديات أمنية هائلة لا تزال تواجه العراقيين، وأن أنياب الإرهاب لم يتم اقتلاعها بعد، على الرغم من مقولة الانتصار على «داعش» وإلحاق هزيمة نهائية به، تبين في الواقع أنها لم تكن كذلك.

 يتفق كثير من المحللين والخبراء والمتابعين لقضايا الإرهاب، مع ما تقره القوات الأمريكية والتحالف الدولي، بأن أذرع تنظيم «داعش» وخلاياه النائمة لا تزال منتشرة في أنحاء مختلفة من سوريا والعراق، بل هناك من المختصين من يقول إن «داعش» ينمو باضطراد، وأنه تمكن من استعادة قوته بعد القضاء جغرافياً على «دولته» التي امتدت على مساحات شاسعة من سوريا والعراق، ويرى أن التنظيم الإرهابي بات جاهزاً للعودة إلى الاغتيالات والتفجيرات والعمليات الانتحارية، في إطار استراتيجية جديدة، لا تستهدف السيطرة أو الاحتفاظ بالأرض.

 رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أكد خلال ترؤسه المجلس الوزاري للأمن الوطني أن «داعش» يحاول يومياً الوصول إلى بغداد، لكنه، في كل مرة، كان يفشل جراء العمليات الأمنية الاستباقية، غير أنه للأسف نجح في ذلك، يوم الخميس الماضي، وسالت دماء بريئة، وهو ما يمثل خرقاً أمنياً لن نسمح بتكراره. وقال: «هناك تحديات في الأجهزة الاستخبارية يجب معالجتها بشكل عاجل، وسأشرف شخصياً على هذا الموضوع».

 وفي حقيقة الأمر، يسجل للكاظمي أنه أول رئيس وزراء عراقي، يمتلك الجرأة والشجاعة الكافية لإقالة قيادات أمنية كبرى، تابعة أو محسوبة على هذا الطرف أو ذاك، من أحزاب وقوى سياسية وازنة، لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها. فالأمن، من وجهة نظر الكاظمي، «ليس مجرد كلمة نتحدث بها في الإعلام، بل مسؤولية، وحياة الناس ليست مجاملة، ولن نسمح بخضوع المؤسسة الأمنية لصراعات بين أطراف سياسية». 

 وفي المحصلة، فإن الكاظمي الذي ترأس المؤسسة الأمنية لأكثر من أربع سنوات، ويعرف بواطن قوة وضعف الأجهزة الأمنية، وتأثير الأطراف السياسية المتصارعة عليه، يدرك أن التحديات الأمنية لا تتوقف على عودة «داعش» ليشكل تهديداً جدياً، وإنما أيضاً في السلاح المنفلت والجماعات الخارجة عن القانون، والميليشيات غير الخاضعة لسلطة الدولة، والتي تمثل خطراً لا يقل أهمية عن الخطر «الداعشي».

 هناك بالطبع حسابات كثيرة لأطراف مختلفة، بعضها يتقاطع مع تولي الرئيس جو بايدن للإدارة الأمريكية الجديدة، سعياً لإثبات الذات، كما هو حال بعض الميليشيات والجماعات الخارجة عن القانون، وبعضها الآخر يحاول إرسال رسائل مفادها أنه لا يزال موجوداً، وأنه يمكن أن يعود ليشكل تهديداً، كما هو حال «داعش»، لكن هناك أيضاً قوى سياسية داخلية لها مصلحة في تفجير الأوضاع الأمنية لإضعاف حكومة الكاظمي، كما تعودنا أن نرى ذلك قبيل الانتخابات البرلمانية، ما يعني أن التفجيرات التي حدثت والتي يمكن أن تحدث هي تفجيرات سياسية بامتياز. فهل ينجح الكاظمي وحكومته في التعامل معها وإحباطها.. سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"