مخاطر «جيم ستوب» تزيد جاذبية الصين

22:00 مساء
قراءة 3 دقائق

شيا تشينج هاي *

تعد أغلبية أسواق الأسهم الآسيوية صغيرة نسبياً، وأقل سيولة من تلك الموجودة في الغرب، ما يعطي مجالاً أقل للاضطرابات والهيجان. وفي الواقع، تبدو الصين جذابة كملاذ للمستثمرين العالميين الذين يسعون إلى التحوط ضد المخاطر المتزايدة.

وقد يؤدي الهوس الذي تغذيه وسائل التواصل الاجتماعي في أسهم شركات مثل «جيم ستوب»، إلى أزمة سياسية عالمية. وسينتهي هذا الجنون حكماً بخسائر واسعة النطاق، لأن قرارات التداول هذه لا تستند إلى قيمة أساسية، ولكنها نوع من ألعاب الإنترنت على نطاق واسع.

وعندما تتراكم الخسائر، يمكن أن ينفجر هيجان وغضب المستثمرين، وقد تعود حركات الاحتجاج مثل «احتلوا وول ستريت». بعد ذلك، سيكون من الصعب على البنوك المركزية في العالم زيادة أسعار الفائدة، حتى عندما يصبح ذلك ضرورياً، حيث سيكون محافظو البنوك رهينة الحاجة إلى استرضاء الجماهير.

وربما تصبح الحكومات رهينة أيضاً، في وقت سيكون من الصعب فيه خفض الإعانات والدعم المقدم للشركات والأفراد العاديين. وسيؤدي ارتفاع الديون وطباعة النقود إلى تآكل القوة الشرائية للنقود الورقية وإشعال فتيل التضخم. والنتيجة النهائية أن البلدان المتضررة بشدة قد تصبح غير قابلة للحكم، أو بسط السيطرة.

هذا هو السيناريو الأسوأ بالطبع، ودعونا نأمل ألا يحدث، ولكن خطر حدوثه أمر وارد.

القضية الأساسية، كما كان الحال سنوات عدة، هي الإحباط والغيرة الناجمين عن ركود الدخل بين معظم الناس، مقابل تراكم الثروة بيد قلة هي النخبة المميزة. وهو أمر يصف أزمة مستمرة داخل الاقتصادات الناشئة التي تفتقر إلى محركات النمو.

إن هوس «جيم ستوب/روبن هود» ليس سوى أحدث مثال على مجموعة الشباب أو الرجال المستائين الذين يتجمعون معاً لمهاجمة الأباطرة. وتسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم لإيجاد طرق تنزع فيها فتيل مواقف مماثلة، ولكن الأمر ليس سهلاً بسبب قوة وسائل التواصل الاجتماعي، وجنون الجماهير.

وينبغي أن تحظى آسيا بتقاليدها المتمثلة في الحكومات القوية، والانضباط الاجتماعي الأكبر، وأسواق الأوراق المالية التي تدار كاحتكارات تجارية، بفرصة أفضل. ونحن بحاجة إلى تحقيق توازن بين السماح للأسواق بالتداول بحرية وتجنب التجاوزات التي يمكن أن تكون مدمرة على المستوى الوطني.

إن أغلبية أسواق الأسهم الآسيوية أصغر نسبياً وأقل سيولة، ما قد يعطي مجالاً أقل للشراء. وفي أغلبية الدول الآسيوية، من السهل، ولو بشكل نسبي أيضاً، فرض ضوابط على الإنترنت وعلى أنشطة سوق الأوراق المالية في حالة حدوث ضغط على صناديق التحوط. أما بالنسبة للمستثمرين بشكل عام، فتستمر المخاوف بشأن فقاعات سوق الأسهم والتوترات الاجتماعية في تقويض الثقة بالتوقعات على المدى المتوسط، على الرغم من أن احتمالية تحقيق المزيد من الأرباح تبدو جيدة على المدى القصير في الفقاعة الحالية للسيولة الوفيرة.

وليس من المستغرب أن يتم السعي وراء الذهب وعملة ال«بتكوين»، اللذين حققا مكاسب على مدى الأشهر ال12 الماضية بنسبة 16% وأكثر من 200% على التوالي. ويسعى مشترو هذه الأصول للحصول على تأمين ضد انخفاض قيمة النقود الورقية وزيادة التضخم في السنوات المقبلة. أما الأصول الصلبة، بما في ذلك السلع والمنتجات الغذائية والعقارات في مواقع جذابة، فقد تكون مطلوبة أيضاً.

والرابح الآخر المتوقع في حرب الأسواق الدائمة كان ال«رنمينبي»، الذي ارتفع بنسبة 8% مقابل الدولار الأمريكي خلال الأشهر الستة الماضية. وهذا يدل على أن البر الرئيسي للصين يبدو جذاباً كملاذ للمستثمرين العالميين الذين يسعون إلى التحوط ضد المخاطر المتزايدة.

لقد كان تركيز بكين الكبير على الاستقرار الاجتماعي والمالي، وفي ذروة الوباء في الصين العام الماضي، اتخذت الحكومة تدابير لتحفيز الاقتصاد، لكنها لم تكن تدابير مفرطة، بل عقلانية بشكل كبير.

والآن، بعد أن حققت الصين انتعاشاً على شكل حرف V، تظهر السلطات علامات على التحول إلى تحيز شديد بسبب تركيزها على الاستقرار. وتقدم السندات الحكومية الصينية ذات السنوات العشر عائداً يفوق ال3 في المئة، في حين أن سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات تحقق عائداً يزيد قليلاً على 1 في المئة.

وفي الصين، كما هو الحال في أي مكان آخر، يعد التفاوت في الثروة مصدر قلق، لكن يبدو أن الحكومة تسيطر على المشكلة. وتم تشديد القيود على المعاملات العقارية لثني المضاربين.

وأعلنت بكين العام الماضي أنها قضت على الفقر المدقع، وهو إنجاز رائع لبلد كان الناس يتضورون فيه جوعاً حتى الستينات. كما تأمل في زيادة عدد سكان الطبقة المتوسطة بشكل كبير، الذين يبلغ تعدادهم حالياً نحو 400 مليون نسمة، بحلول عام 2035.

الأهم من ذلك، تزايد وعي السلطات الصينية بقوة وسائل التواصل الاجتماعي وتشديد الرقابة على عمالقة الإنترنت في البلاد.

* الرئيس والمؤسس المشارك لمجموعة «فاليو بارتنرز» لإدارة الأموال (صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

الرئيس والمؤسس المشارك لمجموعة «فاليو بارتنرز» لإدارة الأموال

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"