بوساداس وهرمجدون النووية

00:34 صباحا
قراءة 3 دقائق

تشارلز بيرسون *

قد يكون جيه بوساداس أغرب ثوري في التاريخ، اسمه الحقيقي هو هوميرو كريستالي، وقد ولد لعائلة فقيرة في الأرجنتين عام 1912، لكنه غدا موضوعاً لكتاب جديد للصحفي Gittlitz ( جيتيلتز)، أريد أن أصدق: البوساديون واليوفو، ونهاية العالم الشيوعية.

 ويعترف جيتيلتز بأن موضوعه هو موضوع «يعده الكثيرون هامشياً وطقوسياً وغريباً وسخيفاً (الأجسام الطائرة المجهولة والتروتسكية)». ومع ذلك، وكما أشارت صحيفة «ذي نيشن»: «خلال منتصف القرن العشرين، كان بوساداس أحد أبرز التروتسكيين (تروتسكي هو ثوري روسي ومنظر شيوعي ساعد لينين وبنى الجيش..) في نصف الكرة الغربي».

 كان بوساداس ناشطاً في الأممية الرابعة، التي تأسست عام 1938 من قبل المنفي ليون تروتسكي وأنصاره؛ لإحباط الستالينية (الأممية الرابعة منظمة اشتراكية ثورية دولية تتكون من أتباع ليون تروتسكي، المعروفين أيضاً باسم التروتسكيين، والتي يتمثل هدفها المعلن في إطاحة الرأسمالية العالمية وتأسيس الأممية البروليتارية؛ عبر الثورة العالمية). وفي الخمسينات، ترقى بوساداس ليترأس مكتب أمريكا اللاتينية للأممية الرابعة. انفصل بوساداس مع شركائه عن الأممية الرابعة في عام 1962 ليشكلوا «بوساديست» الأممية الخاصة بهم. ولا تزال منظمة «بوساديست» الدولية موجودة، إلى جانب حفنة من الطوائف البوسادية الصغيرة التي لا تزال تعيش في أمريكا اللاتينية. وهناك مجموعات بوسادية على الفيسبوك، وأبرزها «رابطة العمال بين المجرات - البوساديون».

 وهناك سمتان تميزان البوسادية عن سلالات أكثر تقليدية من التروتسكية: إيمان بوساداس بالكائنات الفضائية الخيرية ونظرة بوساداس المشرقة للحرب النووية.

 كتابات بوساداس الأساسية عن الكائنات الفضائية عبارة عن مقال يعود للعام 1968 بعنوان «الأطباق الطائرة». في هذا المقال، يراكم بوساداس افتراضاً غير مبرر فوق آخر. فهو يفترض أن أي حضارة متقدمة علمياً بما يكفي للسفر عبر الفضاء؛ يجب أن تكون مسالمة واشتراكية؛ وذلك لأن التكنولوجيا المتقدمة للكائنات الفضائية ستخلق اقتصادات الوفرة، وبالتالي إنهاء النزاعات على الموارد. كما يدعي بوساداس أن المواجهات البشرية مع الكائنات الفضائية، تؤكد الطبيعة السلمية لهؤلاء. ويصور الرأسماليون الكائنات الفضائية على أنها معادية حتى لا يتطلع سكان الأرض المضطهدون إليها؛ طلباً للمساعدة.

 وكل هذا سخيف للغاية لدرجة أنني لن أزعج نفسي بتحليل كل شيء؛ لكن سأشير فقط إلى أنها قفزة هائلة عندما نفترض أن التقدم التقني يولد بالضرورة السلام. لقد تقدم النازيون تقنياً؛ لكنهم لم يكونوا مسالمين. وحذر الراحل ستيفن هوكينج من أنه إذا تلقى البشر إشارة يمكن التحقق منها من عالم آخر، فيجب أن يكونوا «على حذر من الرد»، «فلقاء حضارة متقدمة يمكن أن يكون كلقاء الأمريكيين الأصليين مع كولومبوس؛ وذلك لم يكن جيداً».

 ويمكن رفض معتقدات بوساداس حول الأجسام الطائرة المجهولة؛ لكن أفكاره حول الحرب النووية مجنونة وقريبة بشكل غير مريح من العقيدة النووية الأمريكية. فقد اعتقد بوساداس أن الصراع بين الرأسماليين والعمال سوف يبلغ ذروته في هرمجدون النووية. وبعيداً عن الخوف من هذا، يجب حسب بوساداس أن نرحب بالحرب النووية؛ لأنها ستجتاح الرأسمالية والستالينية وستؤدي إلى اشتراكية حقيقية. وجادل بوساداس بأن على الاتحاد السوفييتي شن ضربة نووية استباقية على الغرب. ويعترف بوساداس أن الحرب النووية ستقتل الملايين من الناس، ولكن بما أن عدد العمال أكبر من الرأسماليين، فإن العمال سيرثون الأرض.

 إن نظرة بوساداس المتفائلة بشأن الحرب النووية يصدمنا، فقد فرض نظاماً أخلاقياً صارماً على أتباعه، وكان يعتقد أن الإمبرياليين يتآمرون ضده.

 ولكن كيف يجب أن نقيم مكانة بوساداس في التروتسكية؟ إن الأيديولوجية الثورية يجب أن توفر دليلاً للعمل لكي تكون ذات قيمة. أما بالنسبة للحرب النووية، فإن بوساداس يقترح علينا تدمير العالم لإنقاذه. وينبغي علينا جميعاً أن نكون ممتنين؛ لأن بوساداس لم يكن لديه أسلحة نووية؛ بل كان منظماً وناشطاً ومنظراً مفلساً.

* محامٍ وعضو في تحالف بيتسبرغ لمكافحة حرب الطائرات بدون طيار

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

محامٍ وعضو في تحالف بيتسبرغ لمكافحة حرب الطائرات بدون طيار

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"