عادي
محظورة قانوناً وغرامتها 30 ألف درهم

الدروس الخصوصية.. خطر يدمر الطلبة

23:16 مساء
قراءة 5 دقائق
الاهتمام بدروس التقوية في المدارس

تحقيق:إيمان سرور

أسباب كثيرة تؤدي إلى لجوء الأهالي والطلبة للدروس الخصوصية، والاعتماد على المدرس الخصوصي، الذي أصبح اليوم أمراً حتمياً تلجأ إليه معظم الأسر؛ لرفع عبء متابعة أبنائها أكاديمياً، ومساعدتهم على المذاكرة والتحضير، مع اقتراب موسم الامتحانات، متناسين أن هذه الظاهرة تخلق لدى الأبناء الاتكالية، وعدم المبادرة والتفكير، والخمول العقلي، وقد تنتقل هذه العادة المدمرة معهم إلى مرحلة الدراسات الأعلى.

يؤكد تربويون أن أسباب اللجوء للدروس الخصوصية، تتوزع على الطالب وأسرته والمعلم والمدرسة، ومن بينها، صعوبة وطول المناهج، وعدم وضوحها، وضعف الطالب في بعض المواد، وكثرة غيابه، وعدم انتظامه في حضور الحصص الدراسية، وإلغاء معظم المدارس ومنها الخاصة بشكل رئيسي، للكتاب المدرسي، والاستعاضة عنه بمواقع إلكترونية، والاهتمام بالأنشطة على حساب المادة العلمية، إضافة إلى ضعف مستوى بعض المعلمين، وانشغال الكثير منهم بالأعباء الإدارية، وتدني رواتبهم، واضطرارهم إلى تشجيع الطلبة على تلقي دروس خصوصية؛ لتحقيق دخل إضافي، يساعدهم على مواجهة أعباء الحياة المعيشية لهم ولأسرهم.

السؤال الآن: كيف ننقذ أبناءنا من هذه الظاهرة التي عجز القائمون على التربية والتعليم عن التصدي لها، على الرغم من استحداثهم لبرامج ووسائل تربوية بديلة لإقناع أولياء الأمور بالعزوف عن هذه الآفة؟ وما أبرز العوامل التي أدت إلى تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية؟، وكيفية مواجهتها بطريقة فاعلة؟.. هذا ما سنتعرف إليه من خلال التحقيق التالي.

حظر

يقول خالد السعيدي، مدير مدرسة (حلقة ثالثة): إن بعض الأسر ترى أن «الدروس الخصوصية عن بُعد»، تتماشى مع إجراءات التباعد المتخذة، وتتناسب مع الظروف الاستثنائية مثل الدراسة عن بُعد بالنسبة لطلبة المدارس الحكومية أو «التعليم الهجين»؛ المعتمد حالياً في معظم المدارس الخاصة في ظل جائحة «كورونا»، مشيراً إلى أن القانون يحظر الدروس الخصوصية وجميع أشكال «دروس التقوية» باللقاء المباشر في المنازل والأماكن الخاصة ومراكز التعليم، إلا أن الأهالي يرون أن ممارسة الدروس الخصوصية عن بُعد، أمر ضروري ويصب في مصلحة الطالب والأهالي، وما تزال هذه المشكلة قائمة ولن يتم حسمها إلا بتشديد الرقابة على مروجي الدروس الخصوصية من داخل وخارج الميدان التربوي وخلق وسائل بديلة؛ للاستغناء عن معلم الدروس الخصوصية، وتغيير ثقافة المجتمع تجاه الدروس الخصوصية.

اعتراض

ويُبدي كل من ناصر محمد فرحات، مرتضى هارون، وعبد الله النمري - أولياء أمور، اعتراضهم على مبدأ الدروس الخصوصية، سواء كانت عن بُعد أو حضورية، مشيرين إلى أنهم وأبناؤهم الطلبة يواجهون اليوم في ظل هذه الظروف الاستثنائية ضغوطاً نفسية كبيرة، وستتفاقم من دون شك باعتماد الدروس الخصوصية (حضورياً) التي تزيد مخاطر نقل عدوى كورونا بين أفراد المجتمع، رافضين بشكل حاسم فكرة الدروس الخصوصية في هذه المرحلة الصعبة.

سلامة

وتؤكد سمية عبد الله بالليث، ولية أمر، أنه لا يوجد فارق بين الدروس الخصوصية الافتراضية وبين التعلّم عن بُعد، ففي الحالتين المنفعة قليلة بالنسبة للأبناء، مشيرة إلى أنها لا تحبذ أن تُحضر معلماً لأطفالها إلى المنزل؛ حفاظاً على سلامة أفراد عائلتها، لافتة إلى أن جميع الأهالي يمرون حالياً بفترة صعبة في متابعة دروس أبنائهم، ويفتشون عن حلول تدعمهم عملياً ونفسياً، خاصة وأنه يوجد حالياً رأي قانوني يفرض مساءلة كل من عرّض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر.

برامج ضرورية

تقول رحاب حسن إسماعيل – ولية أمر- إن المعلمين ملزمون بالعمل مع طلابهم خارج ساعات الدوام الرسمي؛ لتقديم المساعدة الأكاديمية المطلوبة لهم، وهذا ما دعت إليه وزارة التربية والتعليم، مؤكدة أن المدارس ملزمة بوضع البرامج الضرورية؛ لدعم الطلبة وحصولهم على المساعدة التي يحتاجون إليها؛ لتحقيق المخرجات التعليمية المطلوبة، موضحة: إن المساعدة يمكن تقديمها للطلبة قبل بداية اليوم الدراسي أو بعد انتهائه، خاصة وأن الأهالي لا يستطيعون تحمل مصاريف جديدة لحصول أبنائهم على الدروس الخصوصية، فوق التزاماتهم المالية التي يصرفونها على تعليمهم في المدارس الخاصة.

وتفضل مزون محمد الهاشمي - ولية أمر- أن تستعين هذا العام بمعلم دروس خصوصية يحضر يومياً إلى المنزل؛ لتدريس أولادها الثلاثة في مراحل دراسية مختلفة، خاصة وأنها اقتنعت مؤخراً بأن تلقي دروس خصوصية عن بُعد ليست مجدية لأبنائها، وأن تلقي الدروس واقعياً (وجهاً لوجه) أكثر فائدة للطالب.

دروس «أون لاين»

هناء أحمد الشيباني (أُم لستة أبناء) تشيد بفكـــــرة طــــــــــرح دروس خصـــــوصية معتمـــــدة مــــــن وزارة التربية والتعليم «أون لاين» مشيرة إلى أنها فكرة ممتازة بالنسبة لها، وستدفع الكثير من أولياء الأمور إلى إعادة النظر في اللجوء للمعلم الخصوصي، مؤكدة بأن الدروس على منصة الوزارة الإلكترونية ستساعد الطلبة وأولياء أمورهم على متابعة الدروس، خاصة وأن منصة الدروس الإلكترونية تشمل معلمين معتمدين من الوزارة وبالتأكيد سيكونون أكثر قدرة وفائدة للأبناء من أي معلم من خارج منهاج الوزارة.

صعوبة المناهج

وتقول عواطف أبو الشوارب، ولية أمر، إن الدروس الخصوصية مرهقة مالياً، وتعد عبئاً على ميزانية الأسرة، وأن أولياء الأمور لا يستطيعون التغاضي عنها؛ نظراً لصعوبة المناهج الدراسية، خصوصاً الأمريكية والبريطانية، في مدارس التعليم الخاص، وكثرة المواد الدراسية المقررة، في المنهاج الوزاري، مشيراً إلى أن معظم الأسر تجد صعوبة في مساعدة أبنائها، خاصة وأن المناهج تدرس باللغة الإنجليزية وتحتاج إلى متخصصين. وتطالب نخب تربوية وأولياء أمور طلبة في مدارس التعليم الخاص، بسن تشريعات قانونية رادعة، تصل إلى حد الفصل للهيئات التدريسية التي تقدم وتروج للدروس الخصوصية؛ حيث تقول أمل درويش الغانم، موجهة خدمة مجتمعية: إن ظاهرة الدروس الخصوصية تستفحل قبيل بدء الامتحانات، كما تشتد وتيرتها في موسم الامتحانات النهائية من كل عام دراسي، خصوصاً صفوف طلبة المدارس الخاصة المنهاج الأجنبي؛ حيث يصل سعر الحصة الدراسية إلى قرابة 1000 درهم في ليلة الامتحان.

تخفيف الظواهر السلبية

ويتمنى كل من أحمد عبد الرحمن جمعة، والفاتح محمد سعيد وضرغام معتز الهيبة - أولياء أمور- على الإدارات المدرسية في التعليم الخاص بأخذ زمام المبادرة، واستحداث برامج تقوية على مدار العام؛ لدعم طلابها الذين يحتاجون إلى دروس تقوية في بعض المواد الدراسية، مقابل مبلغ رمزي للمعلمين.

دوامة

وتُقر الدكتورة أمينة الماجد، استشارية أسرية وتدريب، أن معظم الأُسر تلجأ إلى الدروس الخصوصية وتعدها طريقة مثلى؛ للتخفيف من عبء متابعة أولياء الأمور لأبنائهم من صغار السن؛ حيث يعيش الآباء في دوامة بين أداء مهامهم الوظيفة، ومتابعة أبنائهم، كما توجد أمهات لا تتمتع بمستوى تعليمي يمكنها من متابعة دراسة أطفالها عن بُعد؛ كونها لا تمتلك أبجديات استخدام الأجهزة الإلكترونية، ما يجعلهن يشعرن بالتقصير تجاه أبنائهن، خاصة وأن التعليم عن بُعد يحتاج إلى دعم ومتابعة وتأهيل، فعوامل التشتت عند الطلاب أصبحت لا حصر لها.

وحول أسباب لجوء الأسرة والطالب لمعلم الدروس الخصوصية، تقول الدكتورة كريمة العيداني، استشارية علم النفس التربوي: إن انخفاض مستوى المعلم في الفصل، من الأسباب الرئيسية التي تضطر الطالب للجوء إلى معلم خارج المدرسة.

مخالفات

وتقول انتصار علي صلاح، معلمة الرياضيات، أن الإعلانات التي تروّج لدروس خصوصية في جميع المواد الدراسية، تملأ مواقع التواصل الاجتماعي مع أرقام مدرسين مجهولين، محذرة من خطورة التجاوب مع مروجي الدروس الخصوصية الذين قد يشكلون خطراً على الأبناء، مشيرة إلى أن النيابة العامة أشارت في قرارها المعدل (54) لسنة 2020، إلى أن قيمة مخالفة مزاولة نشاط الدروس الخصوصية عن طريق الاتصال المباشر (اللقاء الشخصي) في الأماكن العامة أو الخاصة أو الزيارات المنزلية، تبلغ 30 ألف درهم للقائم بتقديمها أو تنظيمها أو التوسط فيها، و20 ألف درهم للمسؤول عن الأماكن الخاصة الذي سمح بتقديمها أو تنظيمها.

حلول فعلية

ومن بين الحلول الفعلية للحد من انتشار الظاهرة، يرى أحمد الحمادي – اختصاصي خدمة مجتمعية، ضرورة تقليل المتطلبات الأكاديمية والواجبات الدراسية والحد من كثرة الاختبارات المتتالية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"