خارطة طريق جديدة للعلامــات التجاريــة

أليسيا فريند *
لقد أدى الاضطراب السريع والواسع النطاق الناتج عن جائحة «كوفيد-19»، إلى تغيير العديد من عاداتنا وقيمنا، وفي حين أن بعض هذه التغييرات قد تكون قصيرة الأجل، فإن بعضها الآخر ستترتب عليه آثار طويلة المدى على مستقبلنا الاجتماعي. وبالنسبة للعلامات التجارية التي تتطلع إلى رسم مسار طويل الأجل للانتعاش والنمو، سيكون من الأهمية بمكان فهم كيف ستشكل هذه التغييرات وجه العقد المقبل. 
وحدد تقرير جديد صادر عن شركة «دينتسو أنترناشيونال» أربعة موضوعات شاملة تغطي اتجاهات المستهلكين الجديدة، والتي تقدم للعلامات التجارية خارطة طريق لتحديد كيف عليها التطوّر خلال العقد المقبل، وهي: 
*النشاط العالمي، حيث ستؤدي مجموعة جديدة من التأثيرات والأسباب إلى تحفيز قرارات المستهلك. 
*المجتمع الاصطناعي.. حيث إن التحسينات الاصطناعية والتجارب الافتراضية ستكون لها فوائد محتملة على صحتنا، ولكنها تطرح أيضاً أسئلة أخلاقية مهمة على العلامات التجارية. 
*العلامات التجارية الأكبر حجماً.. إذ ستحوّل العلامات التجارية تركيزها بشكل أكبر على خدمة المستهلكين بفعالية في جميع جوانب حياتهم، كما ستكون البيانات أساسية لتحديد القطاعات الأكثر ربحية على المدى الطويل. 
*العائد على الإنسان، حيث سيتحول انتباهنا نحو السمات والقدرات التي تميزنا كبشر، مما يؤدي إلى تجديد الاحتفاء بما يجعلنا فريدين.
ويعد المحفّز المركزي في فكرة اعتبار المستهلكين نشطاء هو تغيّر المناخ، إذ يعتقد سبعة من كل 10 أشخاص (68%)، أنه بحلول عام 2030، ستتم معاقبة العلامات التجارية من خلال فرض الغرامات أو زيادة الضرائب عليها في حال فشلت في تقليل تأثيرها البيئي. وبالنسبة للعديد من العلامات التجارية، فإن الإبلاغ عن مبادراتها المناخية الملموسة يمثل تحدياً وفرصة للنمو. 
ونظراً لأن 69% من الأشخاص يخشون أيضاً أنه بحلول عام 2030، ستكون لديهم سيطرة أقل على بياناتهم بالمقارنة مع اليوم، ستستخدم أجهزة المساعدة الرقمية الشخصية بشكل متزايد لإدارة علاقات العلامات التجارية في العقد المقبل. وسيكون العثور على استراتيجيات «غير متصلة بالإنترنت» جيدة للوصول إلى المجتمعات إلى عملاء جدد. 
وفي الوقت ذاته، ستستمر مفاهيم الهوية في التوسع لتشمل نطاقاً أوسع من القيم، بما في ذلك الاستدامة وحقوق الأقليات والسكن الحضري أو الريفي. وعلى سبيل المثال، قال 29% من المستهلكين إنهم منزعجون من الإعلانات التي لا تعكس المجتمع من حيث العرق والجنس، وستحتاج العلامات التجارية إلى اتخاذ إجراءات لمعالجة هذه المخاوف. 
من جهة أخرى، ستعمل التكنولوجيا بشكل متزايد على تمكين الناس من ترقية حالتهم الجسدية والنفسية. ومع ذلك، ستكون هذه التحسينات حكراً على قلة مميزة من الذين يمكنهم تحمل تكاليفها. وفي الواقع، يتوقع ثلثا المستهلكين على مستوى العالم من المؤسسات والشركات على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة أن تستخدم التكنولوجيا بطريقة لها تأثير مجتمعي أوسع، مما يشير إلى أن العلامات التجارية ستحتاج إلى منح الأولوية للتطبيق الأخلاقي والعادل للتكنولوجيا.
وبالنسبة للكثيرين، كانت الجائحة بمثابة اختبار لقدرتنا على الحفاظ على صحتنا الجسدية والنفسية. ومن المقرر أن يستمر هذا الوعي المتزايد بالصحة والرفاهية، حيث يسهل ذلك من خلال تطوير التكنولوجيا التي ستمكن المستهلكين من اكتساب رؤية أفضل لمستواهم الصحي. ويتوقع أكثر من نصف الأشخاص (53%) الذين شملهم استطلاع شركة «دينتسو أنترناشيونال» استخدام التكنولوجيا على أساس يومي لقياس جوانب صحتهم على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة.
في ضوء هذه النتائج، هناك مجموعة واضحة من السلوكيات التي ستكون أساسية لنجاح العلامات التجارية، والتي تطلق عليها «دينتسو» مصطلح «الذكاء الشامل». ويصف هذا المصطلح القدرة على دمج وجهات النظر والقيم والسلوكيات الجديدة في عرض قيمة العلامة التجارية، على خلفية اتساع عدم المساواة والتعقيد الأخلاقي.
*المحللة في شركة «دينتسو أنترناشيونال»