عادي

الثغرة الإلكترونية

22:18 مساء
قراءة دقيقتين

كتب: محمد ياسين

طلب مدقق عمليات داخلية في إحدى الدوائر الحكومية الاجتماع بمديره ليستعرض التقرير السنوي للدائرة وما توصل إليه من اختفاء لمبالغ تقدر ب 6 ملايين درهم تعود إلى قسم تجديد الرخص التجارية. وقف المدير مذهولاً من الرقم، وطلب رئيس قسم تجديد الرخص التجارية للاجتماع العاجل.

وصل رئيس قسم الحسابات ومعه جهاز الحاسوب ليستعرض ما في تقريره عن تجديد الرخص التجارية ويحاول تدقيق العمليات بمساعدة مسؤول قسم الدعم التقني، ليجد أن ما جاء في تقرير المدقق صحيح، وأن هناك بالفعل عدداً من الرخص التجارية لم يقم أصحابها بتجديدها خلال العام الماضي، وتبلغ قيمة تجديدها 6 ملايين درهم على الرغم من إجرائهم الخطوة الأولى في عملية التجديد ودفع 10 % من قيمة التجديد.

على الفور أمر المدير رؤساء الأقسام المعنية بالتواصل مع أصحاب تلك المؤسسات، فأجمعوا على قيامهم بتجديد رخصهم من خلال مكتب تخليص معاملات يمتلكه ثلاثة من الجنسية الآسيوية وأبرزوا أوراقاً تثبت ذلك.

و بعد أيام من تدقيق المستندات التي يمتلكونها تبين أنها مزيفة واستغلال ثغرة في نظام الدفع، حيث يقوم أصحاب المكتب الذين كونوا عصابة، بإجراء أول خطوة في التجديد وتسليم أصحاب الرخص التجارية سندات دفع، وبعدها يقومون بإلغاء المعاملة ويسلمون أصحاب المؤسسات المستند على أنه قيد الإجراء.

تقدم المدير التنفيذي في الدائرة ببلاغ، وحسب إفادته في التحقيقات، فإن قسم التدقيق الداخلي، اكتشف ولوج أشخاص جددوا رخصاً لمؤسسات تجارية في مكاتب تخليص معاملات، ودفعوا 10% من قيمة التجديد، ومن ثم تمت طباعتها وتسليمها إلى صاحب المؤسسة ثم جرى إلغاء العملية.

وتابع المسؤول في التحقيقات الأمر ليجدوا أن مسؤولي التدقيق الداخلي في الدائرة حصروا تلك العمليات، ودونوا عدد الرخص وإجمالي المبالغ المترتبة على أصحابها، وقد بلغت قيمتها 6 ملايين درهم.

وبينت التحقيقات أن المدانين استغلوا خطأ في النظام الإلكتروني للدائرة، ونفذوا عمليات لمصلحتهم ودفعوا 10% فقط من قيمة تجديد الرخص، واحتفظوا بباقي المبلغ بعد إلغاء الرخصة.

وأفاد شرطي من قسم المباحث الإلكترونية في شرطة دبي في التحقيقات بأن فريق الإدارة توصل إلى المدانين في القضية بعد تتبع جرائمهم إلكترونياً، وتم القبض عليهم حيث كان أحدهم يحاول السفر خارج الدولة.

وقف الثلاثة أمام القاضي كل منهم ينظر للأخر بندم مدركين مهارة الأجهزة الأمنية في سرعة القبض عليهم قبل إنهاء خطتهم والفرار من الدولة بعد ما تمكنوا من الاستيلاء عليه من أموال، فكان أحدهم وهو العقل المدبر لعملية الاحتيال متخصصاً في علوم الإلكترونيات ويعرف آليه للوصول إلى البيانات، حيث وضع خطته للاستيلاء على أموال أصحاب الرخص التجارية والفرار قبل موعد تجديدها من خلال مكتب لتخليص المعاملات الحكومية.

وخلال جلسة المحاكمة صدر حكم بحبسهم 6 أشهر، وتغريمهم قيمة المبالغ التي استولوا عليها، وإبعادهم عن الدولة بعد قضاء العقوبة لإدانتهم بتزوير مستندات إلكترونية بعد استغلال ثغرة إلكترونية في عملية تجديد الرخص التجارية للمؤسسات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"