حوار دولي حول سوريا

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

ما يلفت الانتباه في الأيام الأخيرة، هو تزايد النشاط والاهتمام الدولي بالملف السوري مع اقتراب انتهاء فترة التفويض التي منحها مجلس الأمن لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا تحديداً، في العاشر من يوليو/تموز المقبل، وكأن ملايين المحتاجين في بقية أنحاء البلاد، غير محتاجين أو لا علاقة لهم بالأمر.
لا أحد بطبيعة الحال، يعترض من حيث المبدأ، على إيصال المساعدات إلى أي كان، وفي أي منطقة كانت داخل الأراضي السورية، شريطة عدم تسييس هذا الملف الإنساني، مع توخي العدالة في التوزيع، غير أن ما يحدث على أرض الواقع هو تحويل هذا الملف إلى ملف سياسي بامتياز. 
فالغرب عموماً المناهض للدولة السورية، ومعه الداعمون للجماعات المسلحة يصرون على إيصال هذه المساعدات رغماً عن الحكومة السورية، ومن دون الأخذ في الاعتبار احترام سيادة البلاد والحقائق الجديدة التي نجمت عن استعادة الدولة السورية سيطرتها على ثلاثة أرباع أراضيها، انطلاقاً من عدم الاعتراف بشرعية الحكومة المركزية في دمشق، مع أنه كان يمكن إيصال هذه المساعدات عبر دمشق وبإشراف الأمم المتحدة. 
حسناً فعل المبعوث الأممي جير بيدرسون عندما تحدث عن وجود خمسة جيوش في سوريا، وثلاث مناطق خاضعة لأكثر من سيطرة، مشدداً على أن هذا الأمر يجب أن يتغير، وتعهد بالعمل على إطلاق حوار دولي حول سوريا.
يُدرك الغرب والشرق والمجتمع الدولي بأسره، أنه حان الوقت لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، بعد نحو عشر سنوات من الصراع الداخلي والتدخلات الخارجية، وهذا الكم من الضحايا والدمار، من دون أن تسقط الدولة السورية. 
ويُدرك الجميع أيضاً أن الصراع الدائر الآن في أروقة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، بين موسكو وواشنطن وحلفائهما حول تمديد فترة إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا، وهو الوحيد المتبقي من بين أربعة معابر (ثلاثة منها على الحدود مع تركيا والرابع على الحدود مع العراق)، سينتهي باستخدام الفيتو الروسي، إذا لم يتم الاعتراف بدور دمشق، حتى وإن حدثت مساومات بين واشنطن وموسكو في اللحظة الأخيرة. 
فما هو واضح الآن، هو أن قمة جنيف بين بايدن وبوتين مؤخراً، فشلت في التوصل إلى اتفاق حول آلية إيصال المساعدات، وإن تحدث كثير من التقارير والتصريحات عن تقارب روسي أمريكي في الملف السوري. ربما يكون هذا الموضوع محل اختبار للعلاقة المستقبلية بين الجانبين، حيث يواجه التصلب الروسي بتأكيد واشنطن، إبقاء القوات الأمريكية في سوريا تحت عنوان محاربة «داعش»، وعدم تغيير موقفها بشأن الجولان، بعد أن ترددت أنباء عن نيتها إلغاء الاعتراف الأمريكي الذي قامت به إدارة ترامب السابقة في السيادة الإسرائيلية عليها. 
وفي كل الأحول، يبدو أن حديث بيدرسون بشأن إطلاق حوار دولي حول سوريا، هو الأكثر أهمية الآن، وإن كان الحوار الدولي لم ينقطع بطرق وأشكال مختلفة، إلا أن الأمر بات يعتمد على الإرادة الدولية وجديتها في إيجاد حل شامل للأزمة المستعصية حتى الآن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"