عادي

مفاوضات فيينا تنتظر حسم «النووي»

23:23 مساء
قراءة 4 دقائق
1

كتب- المحرر السياسي

يبدو أن الآمال تبخرت بقرب الوصول إلى اتفاق في مفاوضات فيينا الخاصة بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق الأساسي حول الملف النووي الإيراني المبرم عام 2015، بعد انتخاب إبراهيم رئيسي أحد أبرز صقور النظام في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

بعد أن انفضت الجولة السادسة من المفاوضات التي يدفع الاتحاد الأوروبي بقوة لإنجاحها، والتي جرت وسط أجواء من التفاؤل الحذر، غادرت الوفود فيينا إلى عواصمها للبحث في القرار النهائي حول الاتفاق.

 وتوحي عبارة العودة إلى العواصم لاتخاذ القرار، والتي ترددت في وسائل الإعلام بأن هناك توجساً من أن لا تعود بعض تلك الوفود، خاصة وفد طهران، إلى فيينا ثانية، ما يهدد بفشل المفاوضات بشكل نهائي.

 مناورات ومطالب صعبة

وسادت أجواء من التهديد والمناورة بعد فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الإيرانية نظراً لعلم واشنطن المسبق بأن المتشددين في النظام الإيراني الذين أوصلوا رئيسي إلى المنصب، وعلى رأسهم المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، غير متحمسين لإنجاح المفاوضات بدليل مماطلة الوفد الإيراني التي فهم منها أن طهران تناور إلى ما بعد الانتخابات وتضع العصا في عجلات الاتفاق سعياً لتحقيق مطالبها التي لا تزال واشنطن ترفضها.

 وخلال الجولات السابقة واصلت طهران رفع سقف مطالبها للمستوى الذي لا يمكن لإدارة بايدن القبول به. وتشمل هذه المطالب تعويضات من الولايات المتحدة عن الأضرار التي لحقت بإيران نتيجة الانسحاب من الصفقة وكذلك المساعدة على إحياء بعض الصفقات الاستثمارية والتجارية الدولية التي ألغيت أو لم تتحقق بعد أن أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات.

 كما مارست إيران ضغوطاً خلال المحادثات من أجل إزالة اسم إبراهيم رئيسي من قائمة العقوبات، الأمر الذي وافق عليه الأمريكيون الذين يقولون إنه قيد الدراسة.

ويجد الأوروبيون أنفسهم في وضع معقد تزيد من تشابكاته تفاصيل كثيرة منها ما يتعلق بالعقوبات الأمريكية ومنها ما يتعلق برهانات طهران على تخلخل استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة وتعقيدات المواجهة مع بكين .

 وتحذر القوى الأوروبية التي تحاول إحياء الاتفاق النووي الإيراني، من أنه برغم احتمال موافقة إبراهيم رئيسي على إعادة فرض القيود على البرنامج النووي الإيراني، إلا أنهم يؤكدون أنه سيكون أكثر تصادماً مع الغرب من سلفه الرئيس الحالي حسن روحاني.

 تقارب وجهات النظر

 ورغم أن مفاوضات فيينا قطعت أشواطاً على صعيد تقريب وجهات النظر، وأنهت عدداً من القضايا العالقة، إلا أن التوصل إلى اتفاق عند استئناف المحادثات، متوقف على استعداد طهران في ظل الوضع المستجد بعد الانتخابات، لتقديم تنازلات، كما أنه متوقف على الخطوة التالية التي تقدمها واشنطن فيما يتعلق برفع العقوبات عن شخصيات رئيسية في النظام الإيراني منهم الرئيس الجديد.

 وفي أحدث تصريح لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جاك ساليفان، قال إن الكلمة الفصل بشأن الاتفاق حول الملف النووي الإيراني تعود للمرشد الأعلى خامنئي، وليس للرئيس. ويحتمل مثل هذا التصريح تأويلين أحدهما يعني أن المفاوضات سوف تستمر من النقطة التي وصلت إليها وليس هناك ما يهدد التوصل إلى اتفاق. ويفهم منه أيضاً أن دور الرئيس الحالي حسن روحاني المحسوب على الإصلاحيين وهم أقل تشدداً، في إنجاح المفاوضات ودفعها باتجاه توقيع الاتفاق، هو دور هامشي.

  وقال المنسق الأوروبي لمفاوضات فيينا، إنريكي مورا، “نحن أقرب إلى اتفاق لكننا لم نصل بعد”. وأضاف مورا أنه يتوقع في الجولة المقبلة “عودة الوفود من العواصم بتعليمات وأفكار أكثر وضوحاً حول كيفية إتمام الاتفاق بشكل نهائي”. وتوقع أن تقدم الجولة السابعة صورة أوضح حول طبيعة تفكير الحكومة الجديدة في طهران وما إذا كانت هناك نوايا صادقة لاستكمال الاتفاق بوجود روحاني أو بعدمه.

 إلا أن المرحلة الفاصلة بحد ذاتها توفر ملاذاً لإعادة رسم استراتيجية التفاوض وطبيعة المناورات التي تخدم المصالح الإيرانية آخذة بعين الاعتبار حرص القوى الكبرى في العالم على إغلاق هذا الملف وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي وروسيا المشاركان في المفاوضات. من جانب آخر لا يخفى على طهران انشغال دوائر صنع القرار الأمريكي في خطط عاجلة لاستكمال حلقة الحصار على الصين.

 وفي إطار تلك المناورات تعلو نبرة الخطاب الأمريكي كأداة لتليين الموقف الإيراني. فقد ألمح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى أن انسحاب بلاده من المفاوضات النووية في فيينا يقترب، مشدداً على أن العقوبات باقية وأن باب التفاوض لن يبقى مفتوحاً للأبد. وقال بلينكن في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي إن استمرار السلطات الإيرانية في تطوير برنامجها النووي قد يصبح قريباً عقبة لا يمكن التغلب عليها إطلاقاً. 

 وتقول إدارة بايدن إنها على استعداد لإلغاء التدابير الاقتصادية المتعلقة بالأنشطة النووية والمنصوص عليها في الاتفاق النووي، لكنها تؤكد أنها ستبقي عقوبات أخرى من بينها ما يتعلق بحقوق الإنسان.. فإلى أي مدى يطول صبر العالم؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"