استراتيجيات قطاع السيارات

00:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

ياسر شابسوغ *

لم يسبق للبشر أن شهدوا تغيّراً في جوانب حياتهم والتكنولوجيا التي تلعب دوراً أساسياً فيها بهذه السرعة من قبل، وعند مراقبة التغيّرات التي طرأت على كيفية قيامنا بالأنشطة اليومية في السنوات العشر الأخيرة، سنجد أن التغيير الذي كان يحتاج إلى عقود ليحدث في السابق، أصبح الآن يستغرق عاماً أو أقل.

هذا الأمر انعكس على استراتيجيات مختلف الشركات العالمية، التي باتت تسعى للتوافق مع رغبات واحتياجات قاعدة عملائها الحاليين والمحتملين المتغيرة باستمرار، لتشهد تغييرات تراوح بين تعديل قائمة المنتجات المخطط لها، وتصل حتى تغيير هوية علاماتها التجارية ورؤيتها بالكامل.

ونرى ذلك اليوم من خلال سعي مختلف شركات السيارات لحجز مكان ريادي لنفسها في قطاع النقل في المستقبل، وتوسيع أعمالها لتشمل بعض العناصر التي بتنا متأكدين اليوم من كونها تعد جزءاً من كيفية تنقلنا في المستقبل، مثل السيارات الكهربائية وحلول وخدمات النقل والمركبات المبنية حسب الطلب، وغيرها الكثير، إلى جانب السعي لتحقيق الاستدامة من خلال استخدام الطاقة النظيفة والمواد القابلة للتدوير.

يتزايد في السنوات الأخيرة الطلب على السيارات من فئة الدفع الرباعي (SUV) مقابل سيارات الصالون؛ وذلك نتيجة حاجة العائلات للمساحة الواسعة التي توفرها هذه السيارات، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ حيث يبلغ متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة 2  6 ومع انتقال السيارات تدريجياً من الاستخدام الفردي للاستخدام العائلي.

هناك الكثير من التغييرات التي تطرأ على أسلوب حياة عملاء السيارات، ولا بد للشركات الراغبة بمواصلة المنافسة إجراء تغييرات جذرية في منتجاتها واستراتيجياتها لتتمكن من الاستمرار.

كذلك، أصبحت مكانة التكنولوجيا في عالم السيارات مختلفة تماماً عن السابق، ففي حين كانت الغاية من الكماليات في الماضي هي إضافة لمسة من الفخامة إلى السيارات، تبدو عائلات اليوم أكثر حاجة لوجود هذه الكماليات في السيارة، مع الحاجة الأكبر إلى البقاء على اتصال دائم بمختلف الشبكات، إلى جانب الحاجة لاستخدام مختلف الأنظمة مثل نظام الملاحة وأنظمة مساعدة السائق التي تزيد من أمان السيارات لكل العائلة، وتساعدها في الانطلاق نحو وجهات جديدة بسهولة بمساعدة التكنولوجيا المتطورة.

هذا يأتي كذلك نتيجة للاعتماد المتزايد على التكنولوجيا أثناء التنقل بالنسبة للجميع، وليس فقط للسائقين، وبالتالي ضرورة تهيئة مختلف البيئات التي سيمكث فيها الأفراد لاستيعاب هذه التكنولوجيا، سواءً أكان المنزل أم مكان العمل أم السيارة وغيرها.

ولا يجب أن يقتصر استثمار التكنولوجيا على توفير ما يطلبه ويستخدمه ركاب السيارات أصلاً؛ بل يجب أن يمتد لإنشاء بيئة اجتماعية داخل المقصورة نفسها.

ومع تزايد نشاطات العائلات الخارجية، بات من الضروري توفير محرّكات ومجموعات نقل حركة قادرة على زيادة التضاريس والمسافات التي تستطيع السيارات قطعها، وبالتالي توسيع الخيارات المتاحة للمغامرات العائلية؛ ولذلك تنتقل شركات السيارات لتزويد سياراتها الرياضية متعددة الأغراض من مختلف الأحجام بنظام الدفع الكلي (AWD)، والذي يمكّنها من الخوض في مختلف التضاريس، وتجاوز حدود الطرقات المعبّدة.

ولا يكفي التطوّر الهائل الذي تشهده الأجزاء الميكانيكية من السيارات لتلبية هذه الاحتياجات الجديدة، إنما لا بد من الاستفادة من التكنولوجيا لمنح السائق المزيد من التحكم، وتمكينه من استخدام السيارات في مختلف البيئات.

ولكن في الوقت نفسه أصبحت العائلات أكثر وعياً واهتماماً بمختلف القضايا المرتبطة بصناعة السيارات، مثل التغير المناخي والتلوث البلاستيكي، ما يجعلها تأخذ العوامل الأخلاقية بعين الاعتبار عند اختيار الشركات التي ستشتري منتجاتها منها، وتبحث بشكل متزايد عن وسائل نقل أكثر مرونة وتكاملاً ومسؤولية تجاه البيئة.

كذلك، تركّز شركات السيارات الآن على تحقيق انتشار واسع للسيارات الكهربائية، وتخطط لتعزيز منتجاتها العالمية من السيارات الكهربائية. 

إن الاستماع لحاجات ورغبات العائلات العصرية بات ضرورة ملحّة لتحقيق النجاح في قطاع السيارات، ولم تعد المنافسة اليوم متعلّقة فقط بالجودة والميزات المقدّمة؛ بل بمدى سرعة التغيير والاستجابة للتغييرات التي تحصل أسرع من أي وقتٍ مضى في قطاع السيارات شديد التنافسية.

* المدير التنفيذي للعمليات في «كيا الشرق الأوسط وإفريقيا»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المدير التنفيذي للعمليات في «كيا الشرق الأوسط وإفريقيا»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"