عادي

تفاصيل مثيرة عن اغتيال "أسد وادي بنجشير"

19:22 مساء
قراءة 3 دقائق
أحمد شاه مسعود

كابول - أ ف ب
قبل يومين من اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001، جلس انتحاريان تابعان لتنظيم "القاعدة" الإرهابي ادعيا أنهما صحفيان لإجراء مقابلة مع أحمد شاه مسعود، آخر قائد بارز مقاوم لحركة "طالبان" حليفة التنظيم في شمال أفغانستان، لكن قبل أن يتمكن من الرد على أي سؤال، فجّرا عبوات ناسفة قال محققون لاحقاً إنها كانت مخبأة في معدات التصوير.
وبعد مرور 20 عاماً، كان اغتيال مسعود وهجمات 11 أيلول/سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة بالنسبة إلى العديد من الأفغان، الكارثتين التوأمين اللتين أطلقتا حقبة جديدة من عدم اليقين وسفك الدماء عادت أصداؤها إلى التردد في الأجواء بعد عودة طالبان إلى الحكم.
ومسعود ذو الشخصية الجذابة الملقب بـ"أسد بنجشير" نسبة إلى اسم وادي "بنجشير" مسقط رأسه، ذاع صيته خلال الثمانينات كقائد حرب عصابات بارع صد القوات السوفييتية، وبحلول أواخر التسعينات، كان يقاتل حركة طالبان وحليفها تنظيم "القاعدة".
كلاهما أراد التخلص منه
الهجوم الجريء الذي نفذه التنظيم، أمر به أسامة بن لادن نفسه، وتظاهر منفذو الهجوم بأنهم يصورون وثائقياً وحصلوا على مقابلة مع مسعود من خلال تقديم قصة ملفقة مطبوعة على ورق رسائل من مركز إسلامي في بريطانيا، وقد استخدموا جوازات سفر بلجيكية مسروقة للسفر، لكنهم لم يتمكنوا من مقابلة مسعود عند وصولهم في آب/أغسطس 2001 إلى قاعدته في قرية خواجة بهاء الدين، بسبب انشغالاته الكثيرة.
وقال فهيم دشتي، وهو صحفي ومساعد مقرب من مسعود بعد أسابيع قليلة من الاغتيال: "أمضوا عشرة أيام معنا بهدوء وصبر، ولم يصروا بتاتاً على إجراء المقابلة".
كان دشتي يجهز كاميرته الخاصة لتسجيل المقابلة، فيما كان اثنان من عناصر "القاعدة" ينقلان أسئلتهما باللغة العربية إلى المساعد المقرب من القائد، مسعود خليلي، لترجمتها.
وروى خليلي في تشرين الأول/أكتوبر 2001: "لم نكن نشعر بارتياح" خصوصاً لأنهم طرحوا أسئلة عن بن لادن، وأضاف: "كان +المصور+ يظهر ابتسامة شريرة. أما +الصحفي+، فكان هادئاً جداً"، وبمجرد سماع مسعود ترجمة الأسئلة، انفجرت العبوات الناسفة.
قائدكم قُتل
تسبب مقتل مسعود بصدمة في كل أنحاء أفغانستان والعالم، وكان ينظر الأفغان المناهضون لطالبان في ذلك الوقت والحكومات الغربية إلى مسعود على أنه الأمل الأخير لمحاربة الإرهابيين الذين كانوا وقتاً أكثر تشدداً، ومع استمرار "التحالف الشمالي" في مقاومة طالبان، أخفى مساعدوه خبر مقتله لأيام.
بعد أسبوع من مقتله، دفن مسعود في منزله بمقاطعة بازارك بولاية بنجشير، فيما شارك الآلاف من أتباعه في موكب الجنازة، وبني قبر رخامي اجتذب أعداداً كبيرة من أنصاره.
وقال أحد سكان المنطقة طالباً عدم ذكر اسمه بسبب مخاوف أمنية: "عندما قتل (مسعود)، كنت في بانشير. كانت قوات المقاومة محاصرة من كل الجهات"، وأضاف: "حتى أن طالبان أعلنت عبر الراديو: زعيمكم مات وأنتم انتهيتم، لكن وفاة الزعيم أعطت الشعب سبباً آخر للقتال بقوة أكبر".
إلا أن الأمور انقلبت رأساً على عقب في غضون أسابيع بعدما غزت الولايات المتحدة التي كانت تتطلع إلى معاقبة طالبان لإيوائها مرتكبي هجوم 11 أيلول/سبتمبر، أفغانستان.
سقط نظام طالبان بحلول نهاية العام 2001 بعدما استهدفته قاذفات أمريكية بتوجيه من مقاتلي التحالف الشمالي، وكان تنظيم "القاعدة" الإرهابي الذي كان يأمل في تعزيز مكانته عبر الهجومين في الولايات المتحدة وفي أفغانستان، هارباً.
سقوط بنجشير
شنت طالبان هجوماً خاطفاً مع مغادرة آخر القوات التي تقودها الولايات المتحدة أفغانستان، متوجة تمردها المستمر منذ 20 عاماً مع الاستيلاء على كابول في 15 آب/أغسطس.
ومجدداً، ظهرت حركة المعارضة الرئيسية في بنجشير، وهذه المرة بقيادة أحمد مسعود الذي كان يبلغ 12 عاماً عندما قتل تنظيم "القاعدة" الإرهابي، والده.
لكن طالبان سرعان ما أرسلت مسلحين لتطويق المنطقة، وقد أعلنت الاثنين أنها "سيطرت على وادي بنجشير".
ومن بين قتلى المقاومة الذي لقوا حتفهم في القتال العنيف، فهيم دشتي الصحفي الذي نجا من العملية التي استهدفت مسعود قبل 20 عاماً.
ونشر حساب تابع لحركة طالبان صورة لمسلحين في بنجشير أمام ملصق مُخرّب لأحمد شاه مسعود.
وقال أحمد والي، شقيق أحمد شاه مسعود، في جنيف يوم الثلاثاء، إنه رغم أن جبهة المقاومة الوطنية "أصيبت"، يمكن لآلاف المقاتلين العودة في أي وقت.
إنه سيناريو صعب لمحمد سناء صفا البالغ 63 عاماً، والذي عمل مع مسعود خلال الثمانينات عندما كانت القوات السوفييتية تشن هجمات يومية على بنجشير.
وقال صفا، إن "أحمد مسعود شاب ووطني، لكن ليس لديه خبرة عسكرية مثل والده. لو كان (والده) على قيد الحياة اليوم، لما شهدنا سقوط بنجشير في أيدي طالبان".

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"