عادي
فضيحة تزوير تهز البنك الدولي وصندوق النقد

«دوينج بيزنس».. هل تم التلاعب بالبيانات إرضاء للصين؟

22:45 مساء
قراءة 5 دقائق
كريستالينا جورجيفا
كريستالينا جورجيفا

قال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، إن المجلس التنفيذي للصندوق يراجع تقريراً مستقلاً جرى إعداده للبنك الدولي بشأن تصرفات لرئيسة الصندوق كريستالينا جورجيفا إبان فترة عملها السابق ضمن كبار مسؤولي البنك. وقالت جورجيفا إنها تختلف «بشكل جوهري مع نتائج وتفسيرات» التقرير الذي يزعم أنها ومسؤولين آخرين بالبنك الدولي ضغطوا على موظفين لرفع ترتيب الصين في أحد التقارير الرئيسية. وقدمت إيجازاً للمجلس بشأن القضية في وقت مبكر من يوم الخميس.

وقال رايس لرويترز «مجلس إدارة صندوق النقد الدولي يراجع المسألة حالياً»، مضيفاً «في إطار الإجراءات المعتاد اتباعها في مثل هذه الأمور، سترفع لجنة الأخلاقيات تقاريرها إلى المجلس».

وأشارت نتائج التحقيق المستقل، التي نشرت الخميس، إلى أن قيادات بالبنك الدولي، بمن فيهم الرئيس التنفيذي آنذاك جورجيفا، مارسوا «ضغوطاً غير مناسبة» على الموظفين لرفع ترتيب الصين في تقرير «ممارسة الأعمال 2018» الصادر عن البنك. ولم يكن لدى رايس تعليق فوري على موعد رفع لجنة الأخلاقيات في الصندوق تقاريرها إلى المجلس التنفيذي.

عبّر بعض المستثمرين والناشطين، عن استيائهم حيال ما جرى الكشف عنه بشأن ضغط قيادات البنك الدولي على الموظفين لرفع ترتيب الصين في تقرير مؤثر يصنف الدول على أساس مدى سهولة تنفيذ أنشطة الأعمال هناك.

وقالوا أيضاً إن وقف البنك الدولي لاحقاً لسلسلة التقارير السنوية «ممارسة أنشطة الأعمال» قد يجعل من الصعب على المستثمرين تقييم وجهة وضع أموالهم.

وخلص تحقيق أجرته شركة المحاماة ويلمرهيل، بناء على طلب من لجنة الأخلاقيات في البنك الدولي، إلى أن قيادات البنك الدولي بمن فيهم كريستالينا جورجيفا، التي ترأس حالياً صندوق النقد الدولي، مارسوا «ضغطاً غير مناسب» لرفع ترتيب الصين في تقرير «ممارسة أنشطة الأعمال 2018».

وفي ذلك الوقت، كان البنك متعدد الأطراف الذي مقره واشنطن يسعى للحصول على دعم الصين لزيادة كبيرة في رأس المال.

ويقول خبراء اقتصاديون إن مثل هذه التقارير الصادرة عن البنك الدولي وغيره، كانت مفيدة، لكنها منذ فترة طويلة عرضة للتلاعب.

وقالوا إن بعض الحكومات، التي ترغب في إظهار تقدم وجذب الاستثمار، قد تصبح شديدة الاهتمام بموقفها في التقارير، وكان الرئيس فلاديمير بوتين، يضع تحدياً للبلاد لاقتحام أعلى 20 في التصنيف بحلول نهاية العقد الماضي.

ورداً على سؤال للتعليق على توقف البنك الدولي عن التصنيفات، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «مهمة تحسين مناخ الأعمال ليست مرتبطة بوجود أي تصنيفات. التقييمات ما هي إلا مجرد مؤشر».

غير أن الأبحاث السابقة التي أجراها البنك الدولي أشارت إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كانت أعلى بالنسبة للاقتصادات ذات الأداء الأفضل في تقاريره.

تحقيق مستقلّ

وعارضت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا ما خلُص إليه تحقيق مستقلّ بأنّها ضغطت خلال عملها السابق في البنك الدولي على موظّفين لتعديل تقرير سعياً منها لتجنّب إغضاب الصين.

وبناءً على النتائج، أعلن البنك الدولي أنّه سيوقِف فوراً تقرير «دوينغ بيزنس» (ممارسة أنشطة الأعمال) بعدما كشف التحقيق عن مخالفات في تقريري 2018 و2020.

ورفضت جورجيفا، وهي بلغاريّة تولّت رئاسة صندوق النقد الدولي في تشرين الأول/أكتوبر 2019، نتائج هذا التقرير.

وأعلنت جورجيفا أنها أبلغت مجلس صندوق النقد الدولي بالوضع.

وقالت الجمعة للمسؤولين في صندوق النقد «لم أضغط، لا في هذه الحالة، ولا قبلها، ولا بعدها، على الفرق من أجل أن يتلاعبوا بالبيانات».

وأضافت «أطلب من الموظّفين التحقّق، وإعادة التحقّق، والتحقّق ثلاث مرّات، ولكنّني لم أغيّر يوماً أو أتلاعب بما تُخبرنا به البيانات».

وكانت جورجيفا قالت في وقت سابق في بيان «لا أتفق بشكل أساسي مع نتائج وتفسيرات التحقيق في مخالفات البيانات من حيث صلتها بدوري في تقرير «دوينغ بيزنس» الصادر عن البنك الدول عام 2018».

ويمكن لتلك الاتهامات أن تضر بسمعتها، وتوفر مادة للأمريكيين الذين لطالما انتقدوا المنظمات المتعددة الأطراف ومعاملتها للصين.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان «إنها استنتاجات خطرة»، مؤكدة أنها بصدد «تحليل التقرير».

أضافت «مسؤوليتنا الأساسية هي الحفاظ على نزاهة المؤسسات المالية الدولية».

وقال جاستن ساندفور من «مركز التنمية الدولية»، والذي كتب كثيراً عن المشكلات التي تعانيها المنهجية المعتمدة في التقرير «يجب أن نسمع روايتها (جورجيفا) للأحداث، لكن الأمور لا تبدو جيدة في الوقت الحاضر».

وأضاف «الاتهامات بضلوع رئيس صندوق النقد في التلاعب ببيانات اتهامات خطرة جداً»، معتبراً أن «ذلك يبدو مثل ضربة قوية للمصداقية».

تغيير تصنيف الصين

والتقرير المهم يصنف الدول بناء على قوانين الأنشطة التجارية والإصلاحات الاقتصادية، وقد تسبب بتنافس بين حكومات على مراكز أعلى لجذب المستثمرين.

وبحسب التحقيق، فإن بكين اشتكت من تصنيفها في المرتبة 78 على قائمة العام 2017، وتقرير العام التالي كان يفترض أن يظهر بكين في مرتبة أدنى.

وكان فريق البنك ومقره واشنطن يحضر تقرير 2018 فيما كانت قيادته منخرطة في مفاوضات حساسة لزيادة رأسمال الإقراض، الأمر الذي كان يتوقف على اتفاق مع الصين والولايات المتحدة.

في الأسابيع الأخيرة قبل صدور التقرير أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2017، طلب مدير البنك الدولي آنذاك جيم كيم، وجورجيفا التي كانت الرئيسة التنفيذية للبنك، من موظفين النظر في تحديث المنهجية في ما يتعلق بالصين، بحسب التقرير الذي أجرته مؤسسة ويلمر هيل القانونية.

وناقش كيم التصنيف مع مسؤولين صينيين كبار أبدوا استياء إزاء تصنيف بلدهم، وأثار مساعدوه سبل تحسينه، بحسب ملخص للتحقيق نشره البنك الدولي.

ومن أبرز إنجازات كيم توصله لاتفاق لزيادة موارد البنك الدولي بمقدار 13 مليار دولار.

وتطلبت الصفقة دعماً من الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب الذي عارض تقديم إقراض ميسر للصين، ومن بكين التي وافقت على دفع المزيد للحصول على قروض.

ووسط ضغوط من الإدارة العليا، عدّل موظفو البنك بعضاً من البيانات التي رفعت تصنيف الصين في 2018 سبع مراتب وصولاً إلى المرتبة 78، أي نفس المرتبة التي كانت تحتلها العام السابق، وفق التحقيق الذي حلل 80 ألف وثيقة وأجرى مقابلات مع أكثر من 30 موظفاً حالياً وسابقاً في البنك.

من أجل التعددية

وبّخت جورجيفا مسؤولاً رفيع المستوى في البنك الدولي «لإساءته إدارة علاقة البنك مع الصين والإخفاق في تقدير أهمية التقرير دوينغ بيزنس للبلد»، بحسب التقرير.

وبعد إجراء التعديلات شكرته «لقيامه بدوره في سبيل التعددية».

ثم زارت جورجيفا فيما بعد منزل المدير المكلف بالتقرير للحصول على نسخة وشكرته على المساعدة في «حل المشكلة».

واستقال بول رومر، الحاصل على جائزة نوبل وكان كبير خبراء الاقتصاد في البنك الدولي آنذاك، في كانون الثاني/يناير 2018 بعدما أبلغ صحفياً بأن المنهجية المعتمدة في التصنيف تم تعديلها بشكل قد يعطي الانطباع بأن اعتبارات سياسية أثرت في النتائج، وخصوصاً بالنسبة لتشيلي.

في ذلك الوقت نفى البنك الدولي بشدة أي تأثيرات سياسية في التصنيف.

وقال رومر لوكالة فرانس برس في مقابلة الخميس إنه وأثناء عمله في البنك الدولي، لم يكن مدركاً بأن جورجيفا كانت تضغط على موظفين من أجل الصين، رغم أن «شكوكاً» ساورته كما قال. وبالنسبة للتصنيفات، قال إنه عندما طرح تلك التساؤلات «دبرت كريستالينا وسيلة للتغطية على ذلك، للتستر».

وقال رومر «كان المديرون أشخاص يفتقرون للنزاهة، كان أمراً لا يُحتمل»، مضيفاً أن «نوع الترهيب الذي يصفه هذا التقرير كان حقيقياً».(وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"