عادي
نذر صراع جبار بين القوى الكبرى تفوق مخاطره القوة النووية

أمريكا تنافس روسيا.. سباق صاروخي يفوق سرعة الصوت

01:36 صباحا
قراءة 5 دقائق
2
كتب المحرر السياسي:

على وقع تحذيرات متعددة المصادر من سباق تسلح عالمي قد يفضي إلى نتائج وخيمة، وتأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرس بأن الكون يقف على عتبة التدمير النووي، تتنافس دول عديدة بشراسة على تطوير أسلحة فرط صوتية، لسرعتها الكبيرة التي تفوق سرعة الصوت بمرات، فضلاً عن القدرة الكبيرة على المناورة والمدى البعيد، فيما يمثل التحدي الأكبر أن كل هذه التطويرات يجري أغلبها سراً في مواقع شديدة التحصين والحماية.

وتأكيداً لهذا السياق، أعلنت الولايات المتحدة أنها اختبرت صاروخاً يطير بسرعة هائلة تفوق سرعة الصوت بخمسة أضعاف وخصائص تقنية مبتكرة، في منافسة مباشرة مع روسيا التي سبقت الإعلان عن تطوير مثل هذه الطرازات، بينما أعلنت الصين وفرنسا وقوى كبرى أخرى عن خطط لتطوير أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت أيضاً.

وينظر خبراء ومراقبون بعين الخشية إلى ما يحدث. وعلى الرغم من التطمينات الدبلوماسية التي تحاول تهدئة المخاوف، هناك سباق تسلح خطِر مسرحه العالم أجمع، فروسيا والولايات المتحدة والصين تواصل تزويد قواتها بأنواع جديدة من منظومة صواريخ الفرط صوتية، وهو ما يمهد لثورة جديدة تتجه إلى تغيير شكل الحروب المستقبلية التي لن تقل ضراوة ورعباً عمّا كان عليه الحال وقت اكتشاف الأسلحة النووية، خصوصاً أن مثل هذه الصواريخ مصممة لتزويدها برؤوس نووية أقوى عشرات المرات من القنبلة التي دمرت بها القوات الأمريكية مدينة هيروشيما اليابانية في نهايات الحرب العالمية الثانية.

تقنيات جديدة

وبالعودة إلى التطور الجديد، فقد أصدرت وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للدفاع الأمريكية، بياناً جاء فيه: إن تجربة الطيران الحر للصاروخ (الفرط صوتي«هايبر سونيك») جرت الأسبوع الماضي، بحسب وسائل إعلام دولية مختلفة.

وحسب المعطيات المتوفرة، فإن هذه الفئة من الصواريخ تطير في الطبقة العليا من الغلاف الجوي بسرعات تتجاوز سرعة الصوت خمس مرات، أو حوالي 6200 كيلومتر في الساعة. وتقول الوكالة الأمريكية: «تم إطلاق الصاروخ، الذي صنعته شركة ريثيون تكنولوجيز، من طائرة قبل ثوان من تشغيل محركه من النوع سكرامجيت، الذي صنعته نورثروب جروما»

وكان الجيش الأمريكي، أعلن في مارس/آذار 2020، اختبار نموذج صاروخ فرط صوتي، يأمل في نشره خلال السنوات الخمس المقبلة؛ لمنافسة أسلحة مشابهة طورتها روسيا والصين.

تقدم روسي

ويتفق الخبراء على أن روسيا متقدمة حتى الآن في تطوير هذا النوع من الأسلحة. وقال المحلل الدفاعي المستقل في موسكو ألكساندر غولتس لوكالة الصحافة الفرنسية، «روسيا وحدها تملك الأسلحة الخارقة للصوت، لكن الجميع يريدها».

وتعود أسباب هذا السباق المفتوح إلى رغبة المتنافسين في تحقيق نقاط تفوق على الصعيد التقني والعسكري والسياسي، والانتقال من مفهوم التدمير المتبادل خلال الحروب النووية المعتمدة على ذخيرة غير تقليدية، إلى الاعتماد على وسائط إيصال صاروخية بزمن إيصال قصير جداً لا يسمح للخصم بأي رد فعل. وتقوم هذه العقيدة العسكرية على فكرة أساسية تهدف إلى حرمان الخصم أو العدو من الحصول على فرصة لاكتشاف الضربة الأولى وعدم إعطائه أي فرصة للرد عليها.

ولافت إلى الانتباه أن الطموح مفتوح على مزيد من التجارب، طالما أن أغلب الأنظمة الفرط صوتية المتوفرة لدى بعض القوى لا تزال تحت الاختبار، واللافت أيضاً أن التركيز على تطوير الصواريخ فائقة السرعة قد يكون هو البديل البعيد للأسلحة الجوية بما تتضمنه من مقاتلات وقاذفات هجومية، حتى تلك المتطورة جداً.

هاجس الحسم السريع

في فبراير الماضي، أعلنت روسيا والولايات المتحدة، بدء سريان قرار تمديد معاهدة «ستارت 3» المبرمة بينهما بشأن الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية لمدة خمس سنوات، وقال الجانبان وقتها إن العالم «أصبح أكثر أمناً»، لكن واقع الحال يخالف ذلك، فالجهود العسكرية في البلدين ما زالت منصبة على تطوير الأسلحة المضادة للصواريخ فرط الصوتية.

وبعدما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في وقت سابق، إن بلاده تمتلك صواريخ فرط صوتية «لا تقهر» ولا يمكن التصدي لها، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أنها تسعى جاهدة على إيجاد سلاح دفاع جوي رادع للصواريخ الفرط صوتية.

وغالباً ما تخوض الدول الحروب، وهي ترغب في تحقيق انتصار حاسم وسريع. وبعدما باتت القوة النووية هي صاحبة القدرة على حسم الحروب الكبرى، كما كان الأمر في نهاية الحرب العالمية الثانية، تتجه هذه الفرضية إلى التغيير بسبب التطور التكنولوجي للأسلحة «فرط-صوتية» التي تمتلكها أساساً روسيا والولايات المتحدة والصين، وسيكون أمام هذه القوى الثلاث تهديد كبير يتمثل في مواجهة تحدي الانتشار التكنولوجي للأسلحة فائقة السرعة، في وقت ترغب فيه دول عدة إلى دخول هذا السباق سواء بشكل منفرد أو بالتحالف مع واحدة من القوة الدول الكبرى.

وفي تعليقه على هذا الوضع، يقول الخبير بشأن الأسلحة النووية في «اتحاد العلماء الأمريكيين» هانز كريستنسن: «إنها بالتأكيد المرحلة الأولى في سباق التسلّح... بات تطوير قوى أصغر (أسلحة خارقة للصوت) مسألة وقت فقط».

وتابع: «لا أحد يعرف كيف يمكن أن يتجه الوضع»، مشيراً إلى أن إضافة القدرة النووية إلى الصواريخ فرط صوتية سيخلق تحديات أمنية شديدة الخطورة، وربما فوق الاحتمال البشري.

الصين تعرض جيلاً جديداً من «المسيّرات» والمقاتلات

استعرضت الصين، أمس الثلاثاء، إمكانياتها العسكرية التي تزداد تقدّماً بما في ذلك طائرات استطلاع مسيّرة، في حين تضع نصب عينيها أراضي متنازعاً عليها من تايوان وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي، وتخوض تنافساً مع الولايات المتحدة على الريادة. ويأتي تنظيم فعاليات معرض تشوهاي الجوي في جنوبي البلاد في وقت تسعى فيه بكين للتقيّد بالجدول الزمني لإعادة تجهيز جيشها للحروب الحديثة بحلول عام 2035.

ومن بين الإنتاجات المحلية المتطوّرة التي تم الكشف عنها النموذج الأولي للطائرة المسيّرة سي.اتش-6 البالغ طول جناحيها 20,5 متر. والطائرة مصمّمة للمراقبة ويمكن تزويدها بأسلحة لتنفيذ غارات، وفق وكالة جاينز لاستخبارات المصادر المفتوحة، والطائرة مصمّمة للتحليق على ارتفاع عشرة آلاف متر «لكن يمكنها الوصول إلى 15 ألف متر» وفق ما صرّح لوكالة فرانس برس تشين يونج مينج، المدير العام لشركة «أيروسبيس سي.اتش يو.ايه.في» المصنعة لها. وأوضح «يمكنها التحليق لفترات أطول (مقارنة بالطرازات السابقة)... وتنفيذ مهمات لوقت أطول بفاعلية أكبر». كما تم عرض الطائرة المسيّرة «دبليو.زد-7» المعدّة للتحليق على ارتفاع شاهق والمخصصة للاستطلاع والمراقبة البحرية، كما عرضت المقاتلة جاي-16.دي القادرة على التشويش على المعدات الإلكترونية. وهاتان الطائرتان موضوعتان في الخدمة ويستخدمهما سلاح الجو الصيني. وقال المحلّل العسكري سونج تشونج بينج إن هاتين الطائرتين «ستضطلعان بدور كبير في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"