المساواة بين الجنسين أولوية قصوى لقطاعي النفط والغاز

21:27 مساء
قراءة 3 دقائق

شيلي ترينش *

يعكس تطلع القطاعات الاقتصادية نحو المستقبل ضرورة إيلاء اهتمام كبير بالأولويات المحددة من أجل السعي وراء الفرص واغتنامها وتحقيق الإمكانات المستقبلية المستدامة. ويعد بناء ثقافة التكافؤ بين الجنسين وترسيخها في أماكن العمل من الأولويات الأكثر إلحاحاً التي يجب على الشركات العاملة في قطاعي النفط والغاز الاهتمام بها وتحقيقها عبر جميع مستوياتها التنظيمية. وبينما يتم تزويد القوى العاملة من الذكور بالمنصات اللازمة لتحقيق تطلعاتهم المهنية المستقبلية، فإنه لم تحظ القوى العاملة من الإناث حتى اليوم بالاهتمام ذاته للارتقاء بمستوى أدائهن على النحو المطلوب، ولكن المستقبل يحمل في طياته بوادر إيجابية، مع ضرورة تحديد الأطر اللازمة لمواجهة التحديات المستمرة التي تواجه أولوية التكافؤ بين الجنسين.

وعلى الرغم من طرح العديد من مبادرات التنوع والشمول، إلا أن نسبة الإناث من مجموع القوى العاملة في قطاعي النفط والغاز لم تتعد 22% بحسب البيانات التي تم الكشف عنها خلال عام 2019، ومع ذلك، استطاعت دول مجلس التعاون الخليجي إحراز تقدم ملحوظ على مستوى التكافؤ بين الجنسين عبر مختلف أسواقها، وذلك مع وجود مؤسسات المساواة بين الجنسين التي تسهم في دعم شركات النفط والغاز على التقدم والتطور في المنطقة.

فعلى سبيل المثال، أصدرت دولة الإمارات عام 2018 قانوناً للعمل ينص على المساواة في الأجور والرواتب بين الجنسين، ما ساهم في رفع نسبة الإناث من مجموع القوى العاملة الوطنية إلى 53% في العام التالي، بزيادة قدرها 24% مقارنة بالعام 1990. وبالمثل، تعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز مستوى مشاركة المرأة في القوى العاملة حتى تصل إلى نسبة 30% تماشياً مع رؤية 2030، حيث شهدت مستويات المشاركة ارتفاعاً ملحوظاً من 16% عام 1990 إلى 23% عام 2019.

وتبرز التحديات الكبيرة التي تسودها حالة عدم اليقين والتي تشهدها صناعة النفط والغاز مدى أهمية وضرورة التنوع والشمول ضمن القوى العاملة، الأمر الذي تناولته دراسة جديدة أطلقتها شركة «بوسطن كونسلتينج جروب»، والتي تم التطرق فيها للاستثمارات المستقبلية – التي ستنجم مع تعزيز مشاركة الإناث في مجموع القوى العاملة. ويمكن تحفيز الشركات على تعزيز المساواة بين الجنسين من خلال النتائج التي تظهر ارتفاع العائدات الناجمة عن الابتكار لدى الشركات الداعمة لمشاركة المرأة بنسبة 36% وقدرتها على مواجهة التحديات التي يشهدها القطاع بنسبة أكبر تصل إلى 35%. على صعيد آخر، حققت 10% من الشركات الكبيرة ذات القوى العاملة الأكثر تنوعاً، تدفقاً نقدياً أكبر بمقدار 2.3 مرة مقارنة بالشركات الأقل تنوعاً، وتتفوق أكبر الشركات التي تضم سيدات في مجالس إدارتها عن الشركات الأخرى بنسبة 66% في عوائد رأس المال الاستثماري.

ومع ذلك، فإن الواقع يفترض تحقيق المزيد من الإنجازات في هذا الإطار، حيث تتراوح نسبة مشاركة السيدات في القوى العاملة حالياً بين 5-10%، ما يتطلب الحاجة للتغلب على العقبات والتحديات القائمة، كأولوية قصوى قبيل الانطلاق في عمليات التقدم المستدام.

تتطلب الأوضاع الحالية من الشركات العاملة في قطاعي النفط والغاز ضرورة الاستثمار في الفرص المتاحة ومواجهة التحديات، تزامناً مع جهودها في مجال تطوير استراتيجيات التنوع والشمول.

ويتوجب على الشركات مواجهة مجموعة من التحديات المحددة، والمتمثلة في الدرجة الأولى في القوانين واللوائح القائمة، كما تشكل الفجوة على مستوى الكفاءات والمؤهلات تحديات أخرى طويلة الأمد.

وتتطلب مواجهة هذه التحديات وضع إطار شامل، عبر المستويات المهنية والوظيفية المختلفة:

مستوى المبتدئين: يمكن للقطاع والشركات العاملة فيه تشجيع مشاركة الإناث في برامج العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، ما يسهم في تعزيز جاذبية قطاعي النفط والغاز للنساء.

المستوى المتوسط: تتطلب هذه المستويات، ضرورة مضاعفة الإجراءات التي تضمن حصول النساء على الفرص نفسها التي يتمتع بها الرجال.

المستوى التنفيذي: تطبيق متطلبات الترقية بشكل عادل ما يضمن قياس التطور الوظيفي عند كل مستوى خلال المسيرة المهنية، بالإضافة إلى وضوح الرؤية المتعلقة بالوصول إلى المناصب القيادية.

 *مدير مفوض وشريك في شركة «بوسطن كونسلتينج جروب»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مدير مفوض وشريك في شركة «بوسطن كونسلتينج جروب»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"