عادي
الإمارات تحيي ذكراه ال 31 اليوم

راشد بن سعيد.. مسيرة قائد زاخرة بالإنجازات

02:37 صباحا
قراءة 7 دقائق
5

إعداد: محمد إبراهيم
منذ أيام انطلقت أعمال معرض «إكسبو 2020 دبي» العالمي، في مشهد يجسد مرحلة جديد من مسيرة البناء والتشييد في الإمارة، ويتزامن الحدث مع الذكرى ال31 لوفاة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، التي تصادف السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، لنستذكر من خلالها المسيرة العامرة وتاريخه الزاخر بالبناء والتشييد منذ قيام الاتحاد.

في ذكرى وفاة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، نستذكر جانباً مهماً من تاريخ النهضة والبناء والتشييد والإنجازات في دبي، إذ يشكل، طيّب الله ثراه، شخصية قيادية من الطراز الأول، استطاع أن يقود مسيرة البناء في دبي، وكان للمغفور له دور بارز في قيام الاتحاد ومسيرة نهضة الإمارات، طموحاته لا تعرف المستحيل، وإنسانيته يتناقلها الجميع، فإنجازاته ومسيرته جعلته حاضراً في القلوب والعقول.

تشكل مسيرة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، العامرة، محطات مهمة في تاريخ بناء الدولة، وأفرزت مسارات نوعية للتطوير والتشييد، وهذا يأخذنا إلى أهمية الدور الذي قامت به قيادات الرعيل الأول في الإمارات، الذين كانوا يصِلون الليل بالنهار لرفعة هذا الوطن المعطاء.

ويعد المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد، رائد البناء الأول وباني نهضتها الحديثة، مسيرته عامرة بالإنجازات والمكتسبات، وبصماته، طيب الله ثراه، مضيئة في مختلف المجالات، وكانت ركيزة أساسية وخريطة طريق نحو مسيرة التميز الريادة العالمية لدبي.

بناء الإنسان

ركز المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد على بناء الإنسان، والاستثمار في قدراته، وخدمة شعبه ووطنه، وتحقيق الخير والرخاء له، واستغلال الإمكانات والفرص المتاحة له في ذلك الوقت من أجل التخطيط لحاضر ومستقبل الإمارة التي باتت مدينة عالمية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأصبحت محط أنظار واهتمام رواد الأعمال والمتميزين في مختلف القطاعات، فقد كان الشيخ راشد عاشقاً لإمارة دبي، مخلصاً للاتحاد، رحل بهدوء وترك وراءه إرثاً من الإنجازات والمكتسبات.

تميز، رحمه الله، بقلة الكلام وكثرة التفكير، ونظرته الثاقبة وتخطيطه الدقيق للمستقبل، وطموحاته التي بلغت عنان السماء.. لم يعرف المستحيل يوماً، وقضى حياته بحثاً عن التميز والازدهار لدبي والإمارات، فقد أعاد هندسة بناء دبي، وسرد قصة نجاح الإمارة الممتدة لأكثر من 180 عاماً، ليثبت للعالم أن الفكر هو أعظم الموارد، وأن القيادة هي سر النجاح، وأن الإخلاص يبني الإنجازات.

تتلمذ في مدرسته، طيب الله ثراه، الكثير من القيادات التي أدركت معاني التطوير وأهمية البناء والتشييد، وكيفية الاستثمار في العنصر البشري، وماهية العمل الجاد وأبعاده وأهدافه، وصولاً إلى طريق التقدم والرقي، لاسيما وأن المغفور له، بإذن الله، نهض بدبي بإرادته الصلبة، وشارك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في تأسيس دولة الاتحاد.

بصمات مضيئة

للشيخ راشد بصمات كثيرة لا تنسى على الصعد الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، فقد كان من أوائل مؤسسي اتحاد الإمارات مع القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ويشهد له النهوض بإمارة دبي وتطويرها على مختلف المستويات، وبالأخص التنموية والتعليمية.

مر على رحيل الشيخ راشد، طيّب الله ثراه، 31 عاماً حيث غاب عن دنيانا في السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 1990، ولكن بقيت أياديه البيضاء ورؤيته الثاقبة وسيرته العطرة نبراساً لأبناء الوطن، يستمدون منه الهمة والعزيمة لاستكمال مشروعه التنموي والحضاري في تمكين دولة الإمارات، وإنضاج تجربتها الوحدوية.

مسيرة النهضة

كان المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد، رجلاً ذا عقل راجح وبصيرة نافذة، سخّر وقته وجهده وكل ما لديه لنهضة دبي، حتى صارت لؤلؤة الخليج، وأصبحت درّة نفيسة تروي حكايات نهضتها وتطوّرها في بلاد العالم أجمع، كيف لا وقد أدركت في سنوات قصيرة من عمر الزمان من التطور والنهضة في مجالات الحياة كلها ما لا يستطيع غيرها إدراكه في قرون. هذه هي عظمة القيادة، قيادة المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي حقق التميز، وهيأ الظروف لتحقيق المزيد منه.

إشراك المواطنين

البساطة كانت من أهم صفات الشيخ راشد، إذ كان يستمع للجميع ويرحب بمشاركة المواطنين في صنع القرار والتنفيذ، وقد صدقت رؤيته بجعل دبي «دانة الدنيا»، حيث إن النعمة المادية التي أغدقها الله على هذه الأرض الطيبة تختبئ بين طيات الصحراء أو تحت سطح الماء، ولكن النعمة المعنوية هي شخصيات هذه الدولة مثل المغفور له بإذن الله الشيخ راشد التي غيرت وجه التاريخ.

شخصية قوية

عندما بلغ الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الثامنة عشرة من العمر، دأب على حضور اجتماعات والده ومجالسه، وأخذ ينهل من خبرته الطويلة، ويتعلم من سيرته العطرة بين حكام الساحل الخليجي، فقد اشتهر والده بعروبته الأصيلة، وحرصه على القضايا العربية العالقة، وكرهه للاستعمار، وحلمه بالوحدة والأمن والاستقرار وخير المنطقة، فأحبه الجميع واحترموه.

قيام الاتحاد

كان لمشاركة الشيخ راشد بن سعيد في مجلس الإمارات المتصالحة دور في التمهيد للاتحاد، فقد كان على قناعة حقيقية بأن مستقبل إمارات الساحل المتصالحة سيكون أفضل إذا توحدت وأمسكت هي بزمام الأمور، وعمل مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على إقناع حكام الإمارات وقطر من أجل إيجاد كيان وحدوي؛ فكان يعرض خطته على الحكام في اجتماعات ثنائية، وفي عام 1965 وبالتعاون مع الشيخ زايد، دعا إلى اجتماع لحكام الإمارات السبعة إضافة إلى حاكمي قطر والبحرين في قصر الضيافة في دبي.

الحلم إلى حقيقة

عمل المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على إصدار وثيقة الوحدة والاتحاد بين دبي وأبوظبي في فبراير عام 1968م، وفي العاشر من يوليو/ تموز 1971م وجّه المغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد، دعوة من أجل المضي قدماً على طريق الاتحاد، واستمر في الدفع نحو الاتحاد حتى أعلن عنه رسمياً في 2 ديسمبر/ كانون الأول 1971م، حيث تولى منصب نائب رئيس الدولة، إضافة إلى رئاسة مجلس الوزراء؛ فعمل بكل جد على مراقبة الوزارات، لتكون في خدمة الشعب. ولما بدأت التحركات للمّ شمل الإخوة تحت مظلة واحدة، كان الشيخ راشد، من أوائل الذين وضعوا أيديهم بيد الشيخ زايد، بكل عزيمة وجهد وتفان، لاستكمال الحلم. وكان يشجع على سياسة التمهل وعدم التسرع والانسياق وراء الأحلام من دون وضع الأساسات الصحيحة التي تمكنها من الاستمرار.

تعدد الإنجازات

أظهرت صفات الشيخ راشد، أن لديه سمات القيادة وحسن تدبير الأمور، والقدرة على تولي زمامها، وقد كان عوناً لأبيه في شتى المجالات، خصوصاً في الشؤون الاقتصادية، حيث ساهم في تحسين المعيشة، الأمر الذي أكسبه شعبية وحباً من المواطنين، وكان تولّى منصب ولي العهد في الإمارة منذ عام 1928.

وتعددت إنجازاته قبل توليه إمارة دبي، وبرز كشخصية قيادية في العائلة قادرة على تسيير أمور المواطنين وتحقيق النهضة الاقتصادية المأمولة، لتسهيل مصاعب الحياة التي كانت تحيط بدبي آنذاك، خصوصاً في أواخر الثلاثينات لما فرضت الإدارة البريطانية قيداً على استيراد وتصدير المواد الغذائية من المنطقة، ما زاد الحياة الصعبة صعوبة فاستطاع بحنكته الالتفاف على هذا القرار الجائر بكل دبلوماسية وذكاء، وأثبت للجميع أنه الشخص الذي سيحقق «حلم دبي».

نهضة دبي

وضع الواقع الاقتصادي الصعب أمام عينيه، وساهم بجهد كبير في افتتاح البنك البريطاني للشرق الأوسط في عام 1954م، وقد وضع شرطاً على المستثمرين لتوظيف أبناء إمارته في المشروع الضخم، وفي عام 1950 افتتح أول مشروع طبي ضخم بتأسيس مستشفى آل مكتوم الذي يعد أول مستشفى حديث في الإمارات، وكان يتسع ل38 سريراً، وتوسع في عام 1968م ليتسع ل109 أسرّة. وفي عام 1960 ونتيجة لازدياد نسبة المواطنين والوافدين برزت الحاجة لبناء المساكن والشقق السكنية، فقام بإنشاء دائرة الأراضي والأملاك، وفي العام نفسه أمر الشيخ راشد بإنشاء شركة التليفون والبرق واللاسلكي.

وفي عام 1961 أصدر مرسوماً يقضي بإنشاء بلدية دبي، وفي عام 1962 افتتح الشيخ راشد أول جسر يربط ديرة ببر دبي (جسر آل مكتوم)، كما قام في 1963 بتأسيس شركة نفط، وتأسيس أول بنك وطني (بنك دبي الوطني المحدود)، برأسمال مليون جنيه استرليني.

الإنجازات تتوالى

وتوالت الإنجازات في نهاية الستينات وبداية السبعينات مع بدايات الاتحاد الذي كان أعظم إنجاز سعى إليه مع أخيه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويشهد لهما التاريخ الحديث بذلك، فسعى إلى إنشاء ميناء راشد والحمرية والميناء الصناعي في جبل علي وجدّاف دبي.

وفي الرابع من أكتوبر عام 1958 تولى الشيخ راشد، رحمه الله، رسمياً مقاليد الحكم في إمارة دبي، وبدأت منذ ذلك الحين مسيرة الإنجازات المتسارعة والمتواترة. ففي عام 1959م تم حفر خور دبي ليكون شرياناً للمدينة، يحمل إليها المزيد من المراكب المحملة بالتجارة العالمية، وفي العام نفسه تم افتتاح شركة كهرباء دبي العامة، وتم إبرام مشروع أعمال مسح جيولوجي بحثاً عن المياه العذبة مع حكومة قطر.

الشغف بالعلم

شبّ الشيخ راشد، رحمه الله، على حب المعرفة والشغف بالعلم، فقد تلقى تعليمه خلال المراحل الدراسية الأولى في علوم الفقه واللغة العربية التي كانت توفرها الكتاتيب في ذلك الحين، ثم التحق بعد ذلك بالتعليم النظامي في مدرسة الأحمدية في منطقة ديرة، فتفقه في العلوم الدينية إلى جانب علوم اللغة العربية والتاريخ والحساب والجغرافيا، وكان أصغر تلاميذ هذه المدرسة التي كانت المدرسة الوحيدة في دبي.

أهمية المعرفة

أدرك الشيخ راشد بن سعيد، طيّب الله ثراه، أهمية المعرفة لتحقيق الحلم، وعمل بكل جهد مخلص لتحسين التعليم في إمارته، فالإنجازات لا قيمة لها إن لم تجد من يحافظ عليها، بل ويطورها، وقد أولى المدرسة الأحمدية اهتماماً خاصاً، وأشرف عليها منذ عام 1954، وقدم الدعم المالي لأبناء دبي المبتعثين في الخارج، وخصص جزءاً من قصره كمدرسة عرفت باسم (السعدية) عام 1958، ثم افتتحت بعدها العديد من المدارس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"