أسر تخالف القانون وتشغّل عمالة مساعدة على غير كفالتها

تحقيق: محمد ياسين

تلجأ بعض أسر المقيمين في دولة الإمارات، إلى الاستعانة بالعمالة المساعدة، لمعاونتها بالأعمال المنزلية، ويضطر بعضهم للاستفادة من عروض العاملات اللاتي يوزّعن قصاصات مطبوعة على أبواب المنازل، عليها أرقام هواتفهن، ومعظمهن من الهاربات من كفلائهن. وكذلك استفادة بعض الأسر من خادمة على إقامة مواطن من أصدقائهم أو معارفهم، بسبب شروط الاستقدام المكلفة. ويعد تطبيق لائحة العمالة المساعدة، التي أعلنتها وزارة الموارد البشرية والتوطين، والذي حدد سقف للراتب لاستقدام العمالة من دول عدة؛ يجده بعضهم صعباً، ويزيد من الطلب على الخادمات الهاربات، أو من يقدمن خدماتهن من دون إقامة.

وطالب عدد من المواطنين والمقيمين، بتعديلات على اللائحة، لتخفيف العبء عن كواهل الأسر، وخفض قيمة استقدام العمالة المساعدة، وزيادة مدة إقامتها لعامين للمقيمين، بدلاً من عام واحد.

«الخليج» فتحت ملف العمالة المساعدة التي تعمل بشكل غير منظم في المنازل، والمشكلات التي قد تتسبب بحوادث سرقات أو اعتداءات على الأطفال وتعرض مشغلهم إلى المخالفة.

أكد فيصل أهلي، رئيس نيابة أول في نيابة الجنسية والإقامة بدبي، أن الاستفادة من العمالة المساعدة على غير الكفيل، تعد مخالفة يعاقب عليها القانون، وغرامتها 50 ألف درهم على من يشغلهم ومبلغ الغرامة نفسه للكفيل الذي لم يبلغ عن هروب مكفولته.

وأضاف أن هناك الكثير من القضايا التي نظرتها المحاكم، كان سببها عمالة مساعدة على غير كفالة مخدومها، مشيراً إلى أن سهولة الاستفادة من عمالة مساعدة على غير كفالة الشخص، قد تجلب الكثير من المشكلات والجرائم، مثل السرقة والاعتداء على الأطفال في غياب أولياء الأمور وغيرها من الجرائم.

استغلال وضع

واستعرض أهلي، عدداً من القضايا التي كان أطرافها أفراد عصابة تستقطب الخادمات، باستخدام مواقع التواصل، وتعرض عليهن العمل لدى أسر أخرى برواتب أكبر؛ حيث يقع من يستجيب إلى تلك الإغراءات ضحية لعصابات تستغلهم.

وأكد أهمية إلغاء الإقامة بمجرد إنهاء العلاقة بين الكفيل والعمالة المساعدة، حتى لا يتحمل الكفيل غرامة 50 ألف درهم، في حال هرب العامل من كفيله، وضبطه يعمل مع كفيل آخر، موضحاً ضرورة معرفة الإجراءات والمسؤولية التي حددها القانون على كل طرف في حال ترك العامل وظيفته أو الهروب من كفيله للعمل لدى آخر دون اتباع الإجراءات المعمول بها.

وقال فيصل أهلي: إن هناك مدة اختبار تكفل لأصحاب العمل، اختبار العامل وتمكنهم من التعرف في حال رغبته في استمرار علاقة العمل من عدمه، وعلى الكفيل الذي استقدم خادمة أو سائقاً على كفالته ولا يرغب في استمرار العمل، أن يلغي تأشيرة الدخول الخاصة به، سواء كانت إقامة أو زيارة، حتى لا تقع عليه مسؤولية بقائه في الدولة وتحمله قيمة الغرامة.

تعويض الكفيل

وأوضح أن «عوضني» هي إحدى مبادرات نيابة الجنسية والإقامة، لتعويض الكفيل الذي هربت مخدومته من منزله بمبلغ 10 آلاف درهم، ويصرف بعد الحكم النهائي وتحصيل مبلغ 50 ألف درهم، من رب عمل الخادمة التي تعمل لديه، وهربت من كفيلها الأول، مؤكداً أن النسيان أو الإهمال لا يعفي من المسؤولية.

وسرد قضية لشخص تقدم ببلاغ سرقة بحق خادمة تعمل في منزله، وبعد فتح البلاغ تبين أنه سمح لها بالعمل لديه، دون إقامة فخالفته الجهات المعنية، بمبلغ 50 ألف درهم.

تهريب العمالة

فيما قال المحامي محمد المرزوقي: إن المشرّع الإماراتي قنّن عملية استقدام العاملات وتشغيلهن، حرصاً على حماية حقوق جميع الأطراف، من الخادمة إلى صاحب العمل، وحتى مدير مكتب الاستقدام الذي هو الوسيط بينهما، لذا فقد سنّ القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2017 بشأن عمال الخدمة المساعدة، الذي يحدد ضوابط الاستقدام والتشغيل ل 19 مهنة تسري عليها أحكام هذا القانون.

خطر الخادمة

وأكد محمد بكر، مدير شركة للسياحة، أنه يفضل استقدام خادمة على كفالته حتى يأمن بعض المشكلات التي قد تحدث من خادمة هاربة أو على كفالة آخر، ليتمكن من تأمين أسرته من خطر خادمة قد تكون سبباً بسرقة أو جريمة أخرى.

وقال إن مكاتب «تدبير» تستغل تفردها بجلب العمالة، بزيادة أسعار الخادمات وكفالتهن، وعدم ضمان رد المبالغ، حال اكتشاف عدم خبرة الخادمة أو قدرتها على العمل.

زيادة مدة الإقامة

وأكدت منال محمد، أن كلفة استقدام العمالة المساعدة في المنازل كبيرة، ومدة الإقامة قصيرة جداً، لأن عاماً واحداً يثقل كواهل الأسر بكثير من الجهد في المراجعات والإجراءات الكثيرة التي قد تدفع بعض الناس، للاستفادة من خادمات هاربات، للعمل في المنازل، على الرغم من خطورة الأمر ومخالفته للقانون. وذكرت أنها استقدمت خادمة منذ بضعة أعوام، وبعد العمل لديها 6 أشهر، طلبت إجازة طارئة لمدة 15 يوماً، وسافرت بالفعل إلى وطنها بعدما دفعنا كلف إقامتها، وتذكرة سفرها، وخلال تلك الفترة كنا نتواصل معها، عبر «واتس آب»، وكانت تؤكد دائماً أنها ستعود إلى العمل في الوقت المحدد. وتابعت: ذهبت مع زوجي لاستقبالها برحلة رجوعها، إلا أنها لم ترجع، وحاولنا الاتصال، لكنها أغلقت هاتفها.

تأشيرة زيارة

فيما قال المحاسب محمد عثمان: إن العمالة المساعدة في المنازل أصبحت أمراً أساسياً لدى كثير من المقيمين لما تسهم فيه من تخفيف العبء عن الزوجين. مشيراً إلى أن بعض أفراد المجتمع يستقدمون خادمة بتأشيرة زيارة، ويشغلونها حتى تنتهي زيارتها، ثم يعيدون استقدمها مرة أخرى، بتأشيرة زيارة حتى يتفادوا كلفة إحضارها على كفالتهم، التي تناهز 11 ألف درهم سنوياً.

استقرار الأسرة

وأكد محمد عبد الرحمن (مشرف مبيعات)، أنه يفضل الاستعانة بالعاملة المساعدة بنظام الساعة أسبوعياً، على أن يستقدم خادمة، على الرغم من الحاجة إليها؛ بسبب شروط وإجراءات تجديد الإقامة للخادمة كل عام، كونها كبيرة ومكلفة جداً، فضلاً عن متابعته تجديد إقامة أفراد أسرته.

وناشد الجهات المختصة بزيادة مدة إقامة العمالة المساعدة في الدولة، على أن تشدد العقوبة على العمالة الهاربة. موضحاً أنه استقدم عاملة لمساعدة زوجته، وبعد أشهر من العمل غادرت المنزل، ما كلف الأسرة مزيداً من الأموال، لاستقدام عاملة أخرى.

كلفة عالية

وقال عماد السكري (محام) إن كلفة إقامة العمالة المساعدة تعد عائقاً كبيراً لاستقدامها، على الرغم من أنها ضرورة في ظل عمل الزوجين، وعدم تفرغهما لأعمال المنزل، مشيداً بفكرة مراكز «تدبير»، إلا أن أسعارها تجعل الاستفادة من العمالة المساعدة التي تجلبها أمراً صعباً. وذكر أنه يستفيد من خدمات شركات تقدم عمالة مساعدة بنظام الساعة، على الرغم من مبالغتها في سعر العاملات، فإنها أوفر من دفع مبلغ لاستقدام خادمة، ودفع كلف إقامتها سنوياً.

إعلان خادمة

فيما قالت أم أحمد، ربة أسرة إنها تستفيد من خادمة تعرفت إليها عبر إعلان، برقمها على باب منزلها؛ حيث تؤدي الأعمال المنزلية، نظير مبلغ شهري. مؤكدة أنها حاولت في وقت سابق استقدام خادمة من أحد المراكز، إلا أنها هربت بعد شهرين من عملها في المنزل، دون أسباب معروفة، وفقدت معها أكثر من 10 آلاف درهم، إقامة وإجراءات فتح بلاغ هروب.

مراكز تدبير

أطلقت وزارة الموارد البشرية والتوطين، مراكز «تدبير» التي بلغ عددها 50 مركزاً، منتشرة في جميع الإمارات؛ لتقديم الخدمات المتعلقة بمتطلبات الاستقدام والتشغيل؛ من حيث فتح ملف للمتعامل، واستخراج تصاريح وعقود العمل وتجديدهما وإلغاؤهما، والإبلاغ عن الانقطاع عن العمل، وسحب البلاغ وإنجاز جميع الأعمال الرسمية المتعلقة باستكمال مستندات العمالة المساعدة، والكشف الطبي والتأمين الصحي وبطاقة الهوية، وتثبيت الإقامة وتسلّم العمالة المساعدة عند وصولها إلى الدولة.