هل تشدد «الاحتياطي» مفيد لمستثمري الدخل؟

22:05 مساء
قراءة 3 دقائق

ستيف برايس *

تزداد صعوبة الاستثمار في الدخل أكثر فأكثر، فالاتجاه الهبوطي طويل الأجل في أسعار الفائدة وعوائد السندات يقتضي من المستثمرين أن يكونوا أكثر إبداعاً وأن يقبلوا بمستويات أعلى من المخاطر لتحقيق دخل (أو عائد) قريب من 4%. ونعتقد أن نبرة الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشدداً ستجعل الأمور أسهل قليلاً، ولكن ليس إلى حد كبير.
فإذا ما رجعنا إلى أواخر التسعينات من القرن الماضي، عندما بدأت حكومة سنغافورة بإصدار السندات لأول مرة، نرى أن الأمر كان يسيراً نسبياً على مستثمري الدخل – إذ كان عائد سندات العشر سنوات نحو 4%، وبالتالي يمكن أن يؤدي هذا دوراً هاماً كركيزة في أي تخصيص يُستخدم لدفع العائد إلى أكثر من 5%، مع تخصيصات أخرى، مثل صناديق الاستثمار العقاري. 
وبالعودة إلى الوضع اليوم، نرى أن عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات قد انهار إلى مستويات 1-2%. والوضع نفسه نراه في الولايات المتحدة وأوروبا.
وقد دفعنا هذا الانخفاض المستمر في عائدات السندات إلى إطلاق برناج في عام 2014 لتخصيص الاستثمار في أصول متعددة لتحقيق الدخل. وكان هدفنا من ذلك ذا شقين: الأول، تحقيق عائدات بنسبة 4-5%، والثاني، الاستمرار في تحقيق عوائد إجمالية إيجابية. وبالإجمال، حققت هذه الطريقة نجاحاً كبيراً – فقد بقي عائد التخصيصات المقومة بالدولار الأمريكي أعلى من 4% وحقق التخصيص متعدد الأصول عوائد تراكمية بلغت أكثر من 60% منذ انطلاق البرنامج.
ومع ذلك تزداد صعوبة تلبية متطلبات الحد الأدنى للعائد بشكل مستمر، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأصول وانخفاض العائدات. 
ومن هذا المنطلق، نعتقد بشكل عام أن اتباع الاحتياطي الفيدرالي سياسة متشددة نوعاً ما يعد خبراً جيداً. حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى ارتفاع عائدات السندات الحكومية، وهو ما يعني بدوره انخفاض أسعار السندات. ومع ذلك، سنجد أن ارتفاع العائدات سلاح ذو حدين بمجرد أن نأخذ بعين الاعتبار إعادة استثمار العائدات من السندات المستحقة.
فلنفترض أنك قد استثمرت في سند ذي عائد بقيمة 5%. ففي حال ارتفعت عوائد السندات، ستنخفض أسعارها، الأمر الذي قد يشعرك بألم خسارة هذا السند على المدى القصير، لكن يمكنك أن تشعر بالارتياح لأنك إذا صبرت حتى الاستحقاق، فأولاً ستسترد استثمارك بالكامل مع الفائدة (مع افتراض عدم وجود تعثر في السداد) وثانياً، سيكون العائد الذي يمكنك أن تعيد استثمار عائداتك به أعلى، ما يساعدك على تحقيق هدف الدخل المنشود على المدى الطويل.
وفي ضوء ذلك، نُركِّز في بنك ستاندرد تشارترد على ثلاثة مجالات رئيسية لتنويع تخصيصات الدخل التي يرجح أن تكون أكثر مرونة في مواجهة ارتفاع عائدات السندات.
أولاً، الأسهم ذات العوائد المرتفعة، خاصة في أوروبا. فلا تزال عوائد توزيعات أرباح الأسهم في أوروبا تنافسية للغاية وتتخطى عتبة 4%. وفي الوقت نفسه، نعتقد أنه لا يزال هنالك مجال لارتفاع قيمة رأس المال المستثمر، نظراً إلى قوة التعافي الاقتصادي والتخفيف من القيود التنظيمية التي أعلنها البنك المركزي الأوروبي مؤخراً بشأن توزيعات أرباح القطاع المالي، هذا بالإضافة إلى الأداء القوي المتوقع لبعض القطاعات ذات القيمة مثل قطاع الطاقة.
ثانياً، في مجال السندات، نفضل تلك التي تقدم عوائد أعلى في السوق. فعلى الرغم من أن التقييمات الأعلى تعني إمكانية تحديد سقف للمردود قريب من العوائد المعروضة، فإننا نرى مجالاً لعائدات أسعار كبيرة في السندات دون التصنيف الاستثماري الصادرة من آسيا.
ثالثاً وأخيراً، ما زلنا نبدي إعجابنا بما يسمى بالأصول المختلطة، التي تجمع بين خصائص السندات والأسهم، وذلك لسببين، أولهما أن عوائدها المعروضة أكثر جاذبية بالمقارنة مع الأصول الائتمانية الأخرى وثانيهما أن الأصول المختلطة، مثل السندات المشروطة القابلة للتحويل (CoCos) والأوراق المالية الممتازة، أثبتت تاريخياً مرونتها في بيئة ترتفع فيها معدلات الفائدة والعوائد. ومن بين الأصول البديلة، تواجه صناديق الاستثمار العقاري المكتبية قدراً أكبر من عدم اليقين في ظل ترتيبات العمل من المنزل، مع أن العرض المحدود للمساحات المكتبية عالية الجودة يوفر عاملاً إيجابياً يدعم قيمة صناديق الاستثمار العقاري. والجدير بالذكر، أن أعمال البيع بالتجزئة التقليدية لا تزال تعاني من ضغوط، خاصة في ظل التحول الهيكلي للقطاع إلى التجارة الإلكترونية والرقمنة، الأمر الذي ساهم في ارتفاع وتيرة الطلب على الخدمات اللوجستية ومراكز البيانات. ولذلك، فإن المجالات المفضلة لدينا هي صناديق الاستثمار العقارية المنكشفة على أصول الخدمات اللوجستية ومراكز البيانات، بالإضافة إلى صناديق الاستثمار العقاري الصناعية التي يمكن أن تستفيد من التعافي الاقتصادي الدوري.
* الرئيس التنفيذي للاستثمار، وحدة إدارة الثروات، بنك ستاندرد تشارترد

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي للاستثمار، وحدة إدارة الثروات، بنك ستاندرد تشارترد

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"