علمني كيف أتعلم

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

على الرغم من إيجابيات التعلم عن بعد والتي لا يستطيع أحد إنكارها، فإن هناك أيضاً العديد من السلبيات المقرونة بهذا النوع من التعليم، من أبرزها أنه لا يصلح للمراحل التأسيسية إلا في أضيق الحدود، خاصة في سنوات التأسيس الأولى؛ لأنها سنوات البناء ويحتاج فيها المتعلم إلى إثارة وتوظيف جميع حواسه عند التعلم، حتى يحصل على تعلم حقيقي يساعده في بناء معارفه وخبراته وتكوين وتوسيع مفاهيمه ومهاراته الأساسية التي سينطلق منها وبها، للمراحل التعليمية المتقدمة.
في التعلم عن بعد افتقد الطلاب مهارات التعلم، وكيف يتعلمون، مما أدى إلى اتساع فجوة الفاقد التعليمي في مهارات التعلم الأساسية لدى شريحة كبيرة من الطلاب، بمن فيهم ذو الأداء المرتفع، خاصة في المراحل التأسيسية الأولى، وبالتالي تدنت مستوياتهم التحصيلية. وقد يعود ذلك إلى أسباب كثيرة منها زيادة عدد التلاميذ في الفصول مع ضيق الوقت لدرجة تفوق قدرة المعلم على المتابعة والتوجيه والتعليم، واعتماد أغلبية المعلمين على أسلوب الإلقاء الذي ترافقه أسئلة صفية سطحية تنتهي بترديد الطالب لما يطرحه المعلم في الحصة، مما يسهم في تكريس الدور السلبي للتلاميذ في التعلم، وكذلك الفهم الخاطئ للدعم من قبل بعض الأسر، كأن تقوم الأم أو المعلم الخاص بأداء الواجبات والمهام والامتحانات عن الطالب بهدف الحصول على أعلى الدرجات، مما يؤدي إلى حرمان الطالب من بناء وممارسة مهارات التعلم الأساسية لديه، وبالتالي عدم قدرته على التعامل مع التحديات التعليمية. وقد بدا ذلك واضحاً عند إجراء الامتحانات الحضورية وعجز الطلاب عن التعامل مع الأسئلة.
نحن بحاجة إلى التفكير في علاج لهذه النتائج السلبية، من خلال طرح وتنفيذ برامج ومبادرات لتطوير ممارسات المعلمين التعليمية، بما فيها استراتيجيات وأساليب التعليم والتعلم والتقييم والانتقال من مرحلة التلقين إلى مرحلة التعليم والتعلم، وتدريب الطالب على بناء مهارات التعلّم المنظم ذاتياً، لنصل به إلى مرحلة أو درجة «علمني كيف أتعلم»، والتي تعد أعلى درجات التعلم، وهذا من شأنه أن يحدث تغيراً كبيراً في دور المعلم ودور المتعلم. وبدلاً من أن يكون الطالب مجرد متلقٍ للمعلومات يصبح نشطاً في البحث عن المعلومات ومعالجتها وإعادة إنتاجها، وعرضها بطرق مختلفة، ويكون المعلم مدرباً ومرشداً ومقيّماً لهذا التعلم.
والوصول إلى هذه المرحلة يتطلب منا تطوير مهارات المعلمين في التخطيط والتصميم للعملية التعليمية، وتوظيف معرفة المعلمين بنقاط القوة ونقاط الضعف لدى طلبتهم، وأساليب تعلمهم والاستفادة منها في إثارة دافعيتهم للتعلم واكتساب المعرفة؛ لما له من عظيم الأثر عليهم وعلى وإقبالهم وتفاعلهم أثناء العملية التعليمية، وتمكينهم من مهارات التعلم الأساسية، ومن ثم ممارسة التعلم والتقييم الذاتي، وتحمل مسؤولية تعلمهم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مسؤول تطوير جودة التعليم في وزارة التربية والتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"