عادي

جزيرة صير بو نعير.. الملاذ الآمن لنوادر الكائنات الحية

18:25 مساء
قراءة 3 دقائق
السلاحف البحرية
السلاحف البحرية
السلاحف البحرية

تعتبر جزيرة صير بو نعير المعلنة محمية طبيعية، الملاذ الآمن لنوادر الكائنات- بموجب مرسوم أميري- من أهم مواطن تكاثر سلاحف «منقار الصقر» المهددة بالانقراض ضمن قائمة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
فعند انتصاف ليل أول يونيو من كل عام، تصل إحدى سلاحف «منقار الصقر» لجزيرة صير بو نعير ضمن العديد من أنواعها التي قد بدأ توافدها منذ ثلاثة أشهر سابقة، للتعشيش ليلاً في شواطئ الجزيرة الأكثر تميزاً وأماناً بعيداً عن الأضواء والضوضاء ليصل عدد أعشاش السلاحف إلى أكثر من 300 عش منتشر على 27 شاطئاً رملياً في الجزيرة التابعة لإمارة الشارقة، وتبعد عن سواحلها مسافة 110 كيلومترات شمالاً.
وتتم سلحفاة «منقار الصقر» مهمتها بنجاح في وضع بيضها، بعد أن حفرت عشها من دون قلق من عبث بشري، لتترك ما بين 90 و110 بيضات في العش، وتعود إلى البحر في حين ستستغرق عملية تفقيس البيض ما بين 50 و70 يوماً.
في تلك الجزيرة الساحرة الممتدة على مسافة 13 كم مربع تشاطر طيور النورس الأسخم (أبو صنين) وطيور الخرشنة الكائنات الأخرى استعمار شواطئها لتصنع في تربتها الحمراء آلاف الأعشاش وهي مطمئنة لاختيارها الملاذ الآمن الذي وُضعت له قوانين صارمة لحماية الكائنات الحية الموجودة فيها.
وتزخر الجزيرة بالعديد من السلاحف البحرية الخضراء النادرة، والغزلان والقنافذ والزواحف لتشكل محميتهم المتكاملة دون عبث بشري بطبيعتها، حيث سجلت الجزيرة اكتشاف وجود سمك المعطف الأحمر والذي لم يسبق اكتشافه في مياه الخليج من قبل.
وارتبطت جزيرة صير بو نعير بالذاكرة الشارقية لما تحفظه سجلاتها من الأحداث المهمة ذات القيمة التاريخية، ففيها أنشأ البريطانيون في فترة وجودهم بالمنطقة أول سكة حديد في الإمارات التي بقي منها بعض القطع الموجودة بجانب الشاطئ تحت سطح البحر.
ومن الشواهد التاريخية التي تحتفظ بها الجزيرة «بئر» تميزت بعذوبة مياهها التي تحكي الروايات عن قدرتها في شفاء الأمراض.
وعثر في الجزيرة على أوان فخارية يعود بعضها إلى العصر الحديدي أي إلى نحو 3500 عام مضت، في حين يعود بعضها الآخر إلى 1500 عام، ما يؤكد استمرار النشاط البحري للجزيرة خلال 35 قرناً.
وتوجد في الجزيرة أيضاً مقبرة تضم رفات عدد من الغواصين ومناجم التعدين التي تمثل مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ تطور الشعوب القاطنة على ضفاف الخليج العربي.
وتبدو الجزيرة الحمراء بتضاريسها وتمازج ألوان تربتها بوهجها الوردي مثل كوكب المريخ، حيث تُشير معلوماتها إلى أنها غنية بالمعادن، بما فيها الكبريت وأكسيد الحديد، لذلك تلونت تربتها بالأحمر، واستخدمت السكة الحديدية في الماضي لنقل المعادن إلى السفن لتصديرها إلى الخارج، وخصصت لاستخراجها مناجم بقيت موجودة حتى اليوم على شكل كهوف.
وتتميز الجزيرة بشواطئها الرملية وصفاء مياهها ومحيطها الغني بالحياة المرجانية والسمكية التي تضم أكثر من 76 نوعاً من الأسماك و40 نوعاً من الشعاب المرجانية.
جزيرة صير بو نعير التي وصفها الشعراء بـ«الدمعة التي سقطت في مياه الخليج».. تمتزج بها معاني البحر بالطبيعة البيئية النادرة، لتروي قصة علاقة أبناء الشارقة الحميمية بالبحر التي لطالما شكلت لهم مسرحاً للعمل والرزق والمغامرة في الوقت الذي كانت فيه الملجأ الآمن للسفن التي تواجه أعاصير البحر، وكانت مقراً للغواصين والباحثين عن اللؤلؤ.
وتمتاز المحمية بأهميتها الدولية، إذ تم إدراجها في الاتفاقية الدولية للأراضي الرطبة (رامسار) لما تتمتع به من صفات ومكونات غنية وزاخرة، وكذلك ضمن قائمة اليونيسكو التمهيدية لمواقع التراث العالمي وقبولها أيضاً في مذكرة تفاهم حول حماية وإدارة السلاحف البحرية في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا.
وكان سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة قد شهد فعاليات النسخة الثانية والعشرين من مهرجان صير بو نعير السنوي الذي أقيم على مدار يومي 3 و4 يونيو الجاري، ويستهدف إبراز القيمة والمكانة البيئية والسياحية والحضارية للجزيرة وترسيخ علاقة الأجيال المتعاقبة ببيئتهم وتراثهم.
«وام»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"