عادي

تعرف إلى تاريخ القرصنة في العالم

20:39 مساء
قراءة 3 دقائق
غلاف

لم تكن القرصنة مجرد تاريخ أغلقت صفحاته، بل هي واقع حي تماماً، على الرغم من أن إحدى الموسوعات الصادرة في القرن الماضي، ذكرت أنها «ليست موجودة تقريباً في الوقت الحالي» فتكرار حوادث خطف الطائرات والسفن، بصورة حادة، في زمن قريب، يعد من جانب كثيرين بمثابة بعث للقرصنة، ما دفع الحكومات والمنظمات الدولية للنظر من جديد في مسألة مكافحة القرصنة، واتخاذ الإجراءات بشأنها.

يحاول «ياتسيك ماخوفسكي» في كتابه «تاريخ القرصنة في العالم» (ترجمه إلى العربية د. أنور إبراهيم) أن يطرح تصوراً لكل المراحل الرئيسية للقرصنة، هنا يمتد زمن الأحداث من العالم القديم حتى العصر الحديث، أما مسرح الأحداث فهو كل البحار، حيث كان أسطول القراصنة على حد قول كيبلنج: «هنا وهناك يرسل بالتحية إلى السفن التي يلتقي بها».

حوى عالم القرصنة أناساً من شتى الأجناس، ولم يهتم المؤرخون بدورها كشكل من أشكال الاحتجاج الاجتماعي (على الرغم من أنه لا يمكن تبريرها أو تصورها في قالب مثالي) وكانت مرتبطة أحياناً بالسعي لتحقيق نظام اجتماعي جديد، وفقا لأفضل مثل، وأوضح مثال على ذلك «جمهورية ليبرتاريا» دولة الحرية التي أقامها القراصنة في نهاية القرن السابع عشر، في شمال مدغشقر.

ألهمت صفات القراصنة العديد من الأدباء، وتم وضع هذه الصفات في قوالب شعرية، ويثير هذا الأمر سؤالاً حول أخيل وغيره من أبطال طروادة هل يمكن أن نسميهم قراصنة؟ لقد كانت أعمالهم شكلاً من أشكال الحروب الداخلية، بل إن التجارة البحرية في عمومها كانت آنذاك مرتبطة بالسلب والنهب.

يشير الكتاب إلى أن القرصنة ظهرت مع ظهور الملاحة البحرية، في العالم القديم اشتغل بها الفينيقيون أقدم وأفضل من ركب البحر، ثم جاء بعدهم الإغريق، ودخلت القرصنة حياة بعض القبائل الإغريقية الصغيرة، بل إنهم عدّوها حرفة رفيعة المنزلة، وبمرور الزمن وصلت القرصنة في حوض البحر الأبيض المتوسط إلى القدر، الذي أخذت فيه تشكل تهديداً ضد أعظم دولة في العالم القديم آنذاك وهي الإمبراطورية الرومانية.

يرى الكتاب أنه بسقوط الإمبراطورية الرومانية انهارت التجارة البحرية، الأمر الذي أدى إلى اختفاء القرصنة، على أنها عاودت الظهور لفترة أخرى قصيرة، وذلك عندما أخذت التجارة في العصور الوسطى في الانتعاش، وبعودة التجارة، عاد النهب البحري سيرته الأولى، هكذا أصبح من الواضح أن تطور الملاحة البحرية والعمليات التجارية في البحر كانا يمثلان المقدمة الحتمية لوجود القرصنة، لقد تطور النهب البحري بشكل مميز في العصور الوسطى، وخاصة في أحواض بحار الشمال، حيث كانت تمر بها أهم الطرق التجارية.

وأسهمت الطفرات الاجتماعية والاقتصادية، التي حدثت في الكثير من دول أوروبا في القرن السادس عشر، والتي أدت إلى انهيار العلاقات الإقطاعية السابقة، في القضاء على القرصنة في البحار المتاخمة لأوروبا، على أن النهب البحري عاد بعد أن طرأ عليه بعض التغيير الظاهري.

وفي أمريكا حيث ظلت الأشكال الاقتصادية التي انتهت في أوربا وما ارتبط بها من أشكال علاقات الإنتاج والتبادل المتخلفة، سائدة لبعض الوقت، كان بإمكان القراصنة في العالم الجديد، أن يربطوا بين نشاطهم في السلب واشتغالهم بالتجارة والملاحة.

وبحلول القرن الثامن عشر بلغ النهب البحري عند سواحل أمريكا الشمالية حدّاً لم يبلغه من قبل، كان للقراصنة نظامهم الخاص، كما كان لهم، إلى جانب هذا وكلاؤهم في معظم موانئ الساحل الشمالي لأمريكا، وقد تعرضت القرصنة على مدى تاريخها الطويل لفترات من الصعود والانهيار، وكان غياب التعاون الدولي قد ساعد على الوجود المستمر للنهب البحري، على نطاق كبير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"