هـــل عـــاد هوس «الميمي»؟

22:11 مساء
قراءة 4 دقائق

ماثيو بروكر *

بعد نوبة جنون الأسهم العام الماضي التي شهدت تحول شركة «جيم ستوب» المغمورة آنذاك إلى أكثر الأسهم شهرة في العالم، واكتساب العملة المشفرة «دوج كوين» ذات الطابع المضحك المليارات من حيث القيمة، إضافة إلى سطوع نجم «إيه إم سي»، تسلط وول ستريت الضوء اليوم على إحدى القصص المالية المذهلة التي تروي صعوداً صاروخياً غامضاً أثار حيرة المجتمع المالي.

فكيف تصبح قيمة شركة تكنولوجيا مالية متواضعة، يبلغ عمرها ثلاث سنوات فقط ويعمل بها 50 موظفاً تقريباً، أربعة أضعاف قيمة مجموعة «جولدمان ساكس» العملاقة في أقل من شهر؟ هذا ما حصل فعلاً مع شركة «إيه إم تي دي ديجتال» AMTD Digital المدرجة في بورصة نيويورك، ومقرها هونغ كونغ.

منذ اليوم الذي تم فيه إدراج سهم AMTD Digital، مزود منصات الحلول الرقمية في آسيا، ذو الرمز «HKD»، ارتفع سعره بنسبة فاقت ال 14000% ليصل مستوى 2555 دولاراً للسهم الواحد من 7.8 دولار فقط. وتُرجم مستوى السعر المرتفع للغاية في وقت قصير إلى رسملة سوقية ضخمة تجاوزت ال 470 مليار دولار، واحتلت على إثره الشركة مكانة عالية بين الشركات القوية الأخرى من حيث التقييمات، استناداً إلى بيانات جمعتها بلومبيرج، متفوقة بذلك على «ميتا»، و«فيزا». لكن السهم تراجع ليغلق بعد ذلك عند 1679 دولاراً في 2 أغسطس/آب قبل أيام. 

ما أذهل السوق هو أن «إيه إم تي دي ديجتال»، التي بلغت إيراداتها السنوية الأخيرة 25 مليون دولار فقط، مقارنة بالشركات المالية العملاقة الأخرى التي تُفصح عادة عن مئات المليارات من الدولارات في الإيرادات كل عام، تمتلك الآن قيمة سوقية تقارب 203.55 مليار دولار، على الرغم من هبوط سعر السهم مجدداً قبل أيام بنسبة 34% ليغلق عند نحو 1100 دولار. وباتت قيمة إيه إم تي دي أكبر من قيمة «أدوبي»، أو «سيسكو»، أو «إنتل»، أو حتى الشركات المالية الضخمة مثل «ويلز فارجو»، و«مورجان ستانلي»، إضافة إلى «جولدمان ساكس» كما ذكرنا. الأمر الذي صعد بAMTD لتغدو في مصاف 5 أكبر شركات مالية في العالم من حيث القيمة السوقية، بعد «بيركشاير هاثاواي»، و«جيه بي مورجان تشيس»، و«بنك أوف أمريكا»، و«البنك الصناعي والتجاري الصيني».

ومع ذلك، يستمر التقلب في سعر سهم «إيه إم تي دي ديجتال» منذ 2 أغسطس؛ إذ انخفض السهم مجدداً بنحو 27% ليتم تداوله عند نحو 846 دولاراً الجمعة. بالمحصلة، ومنذ أن سجلت رقماً قياسياً يوم الثلاثاء، انخفضت AMTD بنسبة 57%، ما أدى إلى محو نحو 175 مليار دولار من القيمة السوقية. وبينما ظهرت الشركة على رأس قائمة «فيدلتي» للأسهم الأكثر تداولاً عدة مرات خلال الأسبوع، إلا أنها تفتقر إلى بعض الخصائص الرئيسية. وبالنسبة للمبتدئين، ليس لدى «إيه إم تي دي» حتى الآن أي خيارات متاحة للتداول بها.

شركة «إيه إم تي دي ديجتال» هي في الأساس مزود منصة رقمية تابعة لمجموعة «AMTD IDEA» مع شركات تمتد على قطاعات متعددة، بما في ذلك الخدمات المالية الرقمية، وحلول نظام سبايدر نت، والوسائط الرقمية والمحتوى، والتسويق والاستثمارات الرقمية.

وقال ماكس جوكمان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «AlphaTrAI» لإدارة الأموال: «لست متأكداً تماماً من نموذج العمل الموجود لدى إيه إم تي دي، لكن هذا لم يكن مهماً بالنسبة إلى حشود المستثمرين الأفراد الذي أشعلوا منصة ريديت في وقت سابق». مضيفاً: يبدو أن ظاهرة أسهم «الميمي» قد لا تنتهي أبداً، ويبقى أن نرى ما إذا كان سهم AMTD مؤهلاً لينضم إليهم.

باعتراف الجميع، يتم تقييم الشركات ليس بناء على ما هي عليه الآن، ولكن بناء على ما قد تصبح عليه. فهل هناك قصة أساسية أو سرد منطقي يمكن أن يفسر الارتفاع المكافئ لتقييم «إيه إم تي دي»؟ لا يوجد. إلا إذا كانت الشركة على أبواب إنتاج الجيل الجديد من هواتف آيفون، أو لديها أكبر مستودع ذهب غير مكتشف في العالم.

الشركة لا تزال ببساطة، جزءاً من تحالف بسيط يسعى للحصول على ترخيص مصرفي رقمي في سنغافورة، وتقدم خدمات إلى بنك افتراضي في هونغ كونغ. فماذا عن الأشخاص الذين يقفون وراءها؟ يبدو أن مجموعة «AMTD» لديها بعض الداعمين المرتبطين، أمثال مجموعة CK التابعة لرجل الأعمال لي كا شينج، والتي أعلنت أنها ستبيع حصتها المتبقية في الشركة الأم. ولكن حتى اللمسة السحرية لشينج، ثاني أغنى رجل في هونغ كونغ والمستثمر الأسطوري، لا يمكنها أن تخلق 400 مليار دولار من القيمة من فراغ، والصعود الغامض لشركة إيه إم تي دي في جميع الاحتمالات له أصول مبتذلة للغاية.

كما أن الاسم الرئيسي وراء «إيه إم تي دي ديجتال»، بحسبما ذكرت وكالة بلومبيرج نيوز هذا الأسبوع، هو المصرفي السابق ورئيس مجلس إدارة المجموعة كالفن تشوي، الذي يواجه حالياً حظراً صناعياً في هونغ كونغ لفشله في الكشف عن تضارب المصالح عندما كان يعمل لدى مجموعة «يو بي إس» المصرفية.

وعليه، سواء كانت «إيه إم تي دي» تشبه ملحمة جيم ستوب على منتدى «وول ستريت بيتس» التابع لمنصة «ريديت» أو أي سهم ميمي آخر، يجب على المستثمرين الأفراد توخي الحذر بشأن المحتالين الذين ينشرون معلومات خاطئة أو مضللة لإحداث نوبة شراء من شأنها رفع سعر السهم ثم إغراق الأسهم من خلال البيع بالسعر المتضخم. وهو ما يعرف باستراتيجية «الضخ والتفريغ» المتبعة لدى بعض المستثمرين المؤسساتيين الكبار.

*كاتب ومحرر في التمويل والسياسة الآسيوية في «بلومبيرغ»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب ومحرر في التمويل والسياسة الآسيوية في «بلومبيرغ»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"