عادي

روسيا وأوكرانيا.. الحرب الطويلة

23:59 مساء
قراءة 4 دقائق

كتب - المحرر السياسي:

على الرغم من بعض المكاسب التي حققتها القوات الأوكرانية في الحرب مع روسيا، تتوقع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أشهراً من القتال المكثف، مع انتصارات وخسائر لكلا الجانبين، ما يحفز خطط الولايات المتحدة لطرح حملة مفتوحة لدعم كييف، مع عدم وجود بارقة أمل بالوصول إلى اتفاقية لإنهاء الصراع بين الطرفين.

أدى النجاح المفاجئ الذي حققته القوات الأوكرانية في مناطق احتلتها القوات الروسية في نهاية الأسبوع الماضي، إلى نشوة بين الأوكرانيين الذين استنزفتهم أشهر القتال، كما أنها عززت الآمال بين العديد من داعمي كييف الأجانب في أن جيشها الضعيف قد يكون قادراً على طرد القوة الروسية الأكبر والأفضل تسليحاً.

وقد وعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهو يرفع علم بلاده باللونين الأزرق والأصفر فوق مدينة «إيزيوم» المحررة الأسبوع الماضي، بأنه سيكون «من المستحيل بالتأكيد احتلال وإخضاع شعبنا.. الشعب الأوكراني».

قتال الشتاء

ويقول مسؤولون في كييف إن قواتهم استعادت نحو 3 آلاف كيلومتر مربع في منطقتي «خيرسون» و«خاركيف»، وفي غضون ذلك، وصفت وزارة الدفاع الروسية الانسحاب لقواتها من تلك المنطقتين بأنه «إعادة تنظيم» تكتيكي.

من جهة أخرى، يقول المسؤولون الأمريكيون، إنه في حين أن أداء القوات الأوكرانية في العمليات الهجومية كان أفضل مما توقعه حتى داعموها في واشنطن، إلا أن تلك القوات ستواجه فترة من القتال العنيف خلال الأشهر التي تسبق الشتاء، متوقعين مساراً «غير خطّي» للحرب. وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية إنه على الرغم من إثبات القوات الأوكرانية قدرتها على التصدي للتقدم الذي حققته روسيا في أعقاب الهجوم في ال 24 من فبراير/شباط، فإن روسيا لا تزال تحتفظ بقوة عسكرية كبيرة. ويضيف المسؤول أن لدى روسيا معدات وأسلحة وذخائر كبيرة متمركزة في الأراضي التي تسيطر عليها موسكو في أوكرانيا، ناهيك عما لديها في روسيا، ولذلك، فإن الحرب لم تنته بعد على الرغم من هذا الزخم الكبير.

دعم أمريكي

وتدعم هذه التوقعات استراتيجية الولايات المتحدة في محاولة حشد التأييد والدعم الدولي وتوسيع المساعدات العسكرية تدريجياً دون الضخ الفوري لأسلحة أثقل قد تؤدي إلى حرب أوسع.

وأعلنت إدارة بايدن مؤخراً أنها سترسل ما قيمته 600 مليون دولار من الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا، بما في ذلك المزيد من ذخيرة المدفعية. بهدف إطالة أمد الحرب قدر الإمكان. وقد بلغ حجم المساعدات لأوكرانيا نحو 15 مليار دولار منذ بدء الحرب.

والشحنة الجديدة، التي ستشمل أيضاً رادارات مضادة للقذائف وأنظمة مضادة للطائرات من دون طيار ومعدات لإزالة الألغام، يواصل البنتاغون إرسال كميات كبيرة من الذخيرة التي تحتاج إليها أوكرانيا لتنفيذ عمليات عسكرية مركزة في جنوبي البلاد وشرقها وشمال شرقها. والجدير بالذكر أن هذه الشحنة لم تشمل نظام الصواريخ التكتيكية «MGM-140» أو صواريخ «ATACMS»، وهي صواريخ موجهة طويلة المدى يمكنها ضرب أهداف تصل إلى 190 ميلاً.

صمود روسي

ولا تزال القوات الروسية تسيطر على أجزاء شاسعة من أوكرانيا، بما في ذلك مدن «خيرسون» و«ميليتوبول» و«ماريوبول» وشبه جزيرة القرم، والتي ضمتها روسيا إلى أراضيها في عام 2014، ومن المتوقع أن يستغل الرئيس الروسي الأشهر الباردة، لتعزيز معنويات جيشه قبل شن حملة عسكرية كبيرة جديدة في الربيع.

ولا يزال بوتين صامداً أمام العقوبات الأوروبية – الأمريكية التي لم تُحدث حتى الآن أي تأثير على الاقتصاد الروسي. وقد كان الأمل في أن العقوبات ستخنق بسرعة آلة الحرب الروسية في أوكرانيا، ما يجعل من الصعب على الكرملين مواصلة جهوده في ساحة المعركة. لكن الاقتصاد الروسي أثبت أنه أكثر مرونة بكثير مما توقعه العديد من كبار مسؤولي في إدارة بايدن عندما شرعوا في معاقبة موسكو في فبراير، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الإيرادات القياسية التي جنتها في الربيع والصيف من ارتفاع أسعار الطاقة. وفي المئة يوم الأولى من الحرب، حققت روسيا إيرادات قياسية بلغت 93 مليار يورو (92.7 مليار دولار) عن طريق تصدير النفط والغاز والفحم، وفقاً للمركز الفنلندي لأبحاث الطاقة والهواء النظيف.

التعبئة العامة

وأثارت انتكاسة روسيا في «خاركيف» تكهنات حول ما إذا كان بوتين سيضطر إلى اللجوء إلى التعبئة العامة لدعم حربه في أوكرانيا، وهو احتمال رفضه الكرملين في الوقت الحالي، أو حتى استخدام أسلحة نووية تكتيكية في الوقت الذي تسعى فيه روسيا للتعويض عن خسائرها.

وحتى الآن، يرى المسؤولون الأمريكيون صعوبة في دعوة الطرفين الروسي والأوكراني إلى مفاوضات محتملة لوقف القتال؛ إذ تلاشت سلسلة من المحاولات لإجراء محادثات جوهرية في وقت مبكر من الحرب؛ حيث تبنى كل جانب نهجاً أكثر تطرفاً تجاه الآخر.

وسيكون من الصعب على الرئيس الأوكراني التفاوض على تسوية حتى لو أراد ذلك؛ إذ إن قرار التفاوض بات قي أيدي الولايات المتحدة على ما يبدو.

ولا يزال هدف الولايات المتحدة هو مساعدة أوكرانيا على تحقيق تقدم في ساحة المعركة، والذي من شأنه أن يعزز موقفها التفاوضي في حالة حدوث محادثات في نهاية المطاف مع روسيا.

خيارات صعبة

وهنالك جزء رئيسي آخر في خطة إدارة بايدن لدفع الصراع نحو التسوية، وهو جهودها لإضعاف الميزة الاقتصادية والتكنولوجية لروسيا من خلال العقوبات وغيرها من الوسائل، لكن ذلك لم يؤت ثماره حتى الآن.

لكن خبراء من بينهم ألكسندر فيرشبو، الذي عمل سفيراً للولايات المتحدة في روسيا ونائباً للأمين العام في حلف شمال الأطلسي، يقول إن التوتر قد يصل في النهاية إلى ذروته في حال واجهت أوكرانيا خياراً بين الاستقرار في الأراضي التي كانت تسيطر عليها قبل ال 24 فبراير/شباط، أو الدخول في صراع أطول بهدف استعادة جميع المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية منذ عام 2014.

وأضاف: «يصرّ الأوكرانيون الآن على أنهم لن يتنازلوا عن شبر واحد من أراضيهم، لكن في مرحلة ما ستكون هناك حاجة إلى خيارات صعبة. وفي الوقت الحالي لا تريد إدارة الرئيس بايدن اتخاذ موقف حيال ذلك».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mwehnjdu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"