البيانات المفتوحة مفتاح المدن الذكية

21:00 مساء
قراءة 3 دقائق

يحيى إلهامي*

أتاحت معظم الدول مجموعات من بياناتها ليستفيد منها جمهور الناس، أبناء البلد والسياح، وبعد أن بدأت الجهات الحكومية في البلدان حول العالم بتقديم البيانات بادرت الشركات في بناء تطبيقات في شتى المجالات بالاعتماد على هذه البيانات مثل الطقس، والمنظومات الصحية، والفنادق والسياحة وغيرها لتمكين المستخدم من الاستفادة منها على حاسوبه أو هاتفه الذكي، ولولا البيانات المفتوحة وتحديثها باستمرار ما كان ليتاح لنا الاستفادة من الكثير من التطبيقات الحيوية في حياتنا اليومية.

فما هو المقصود بالبيانات المفتوحة؟ إنها بيانات متاحة مجاناً للجمهور، ما يمكن أي فرد أو مؤسسة من استخدامها أو معاودة استخدامها أو توزيعها أو مشاركتها مع الآخرين من دون قيود.

ويتم توفير هذه البيانات من جهات حكومية وخاصة عبر شبكة الإنترنت، وتتوفر في دولة الإمارات بوابتان للبيانات المفتوحة هما؛ أرقام الإمارات وبيانات الإمارات، وتتوفر في كل منهما مجموعات من البيانات مرتبة ضمن قطاعات متنوعة مثل الصحة والاقتصاد والصناعة والتجارة والتعليم وغيرها الكثير، ما يمكن الشركات من ابتكار تطبيقات تفيد المجتمع وتمكن الباحثين من إجراء الدراسات التي تقود إلى تقدم وازدهار المجتمعات.

وقد تبنت حكومة دولة الإمارات سياسة البيانات المفتوحة، من أجل تسهيل حصول الناس على البيانات والمعلومات، وتتيح جميع الجهات الاتحادية في الدولة بياناتها ومنشوراتها على مواقعها الإلكترونية، ويمثل المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء المصدر الحكومي المختص بالإحصاءات الوطنية في جميع القطاعات.

وأود الإشارة إلى أن دولة الإمارات تمكنت من تحقيق المركز الثالث عالمياً في مؤشر «استخدام الشركات للبيانات الكبيرة والأدوات التحليلية» في تقرير التنافسية الرقمية العالمية لعام 2021، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، كما جاءت الإمارات في المرتبة 16 عالمياً محققة 75 نقطة في المعدل العام في تقرير «مخزون البيانات المفتوحة (ODIN)» لعام 2020 والذي تصدره منظمة البيانات المفتوحة ويشمل 187 دولة حول العالم.

وبادرت هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، في عام 2018، بإطلاق مسابقة سنوية للبيانات المفتوحة «هاكاثون الإمارات»، من أجل نشر ثقافة البيانات وتحفيز أفراد المجتمع وطلبة المدارس والجامعات على توظيف البيانات في سبيل تطوير حلول رقمية مبتكرة، تسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي، وتطوير المدن الذكية المستدامة.

ومما لاشك فيه أن البيانات المفتوحة تسهم في تحسين المدن والبنى التحتية، وهي مفتاح التحول إلى المدن الذكية، والتخطيط العمراني الحديث، وتسهم في إحداث نقلة نوعية في مستوى وجودة خدمات النقل والمواصلات.

كما أن للبيانات المفتوحة دوراً مهماً في تحسين مستوى التجاوب مع الكوارث، وتوظيف جميع الموارد اللازمة في حالات الطوارئ، وتشكل ركناً أساسياً في تحسين مستوى الخدمات الحكومية، وتتيح المجال أمام الأفراد والشركات الناشئة في إبداع خدمات ومنتجات جديدة، ويتبع ذلك خلق مجالات عمل، وفرص اقتصادية جديدة، ويسهم ذلك كله في إيجاد معارف جديدة من خلال دمج البيانات من مصادر متنوعة ومعالجاتها بأساليب وأدوات متعددة الأبعاد.

إن فوائد البيانات المفتوحة كثيرة ومتنوعة، ومع زيادة عددها وتوسعها فإن منافعها تزداد بشكل طردي أيضاً، ومن أهم مزاياها الشفافية فهي تتيح التعرف على الخدمات الحكومية بل وإبداء الرأي فيها، حتى بات معروفاً أن حكومة الإمارات تجري مسابقات على أفضل الخدمات الحكومية الإلكترونية ويستطيع الجميع المشاركة فيها، وبذلك يتم الحكم على أفضلها من قبل المستخدمين، ما يوفر الشفافية لتطوير هذه الخدمات وتحسين مستواها لتكون جاهزة لتلبية الاحتياجات المستقبلية.

من جهة أخرى فإن البيانات المفتوحة لها تأثير إيجابي على التنمية الاقتصادية، حيث تشير دراسة لمؤسسة ماكنزي إلى أن 7 قطاعات قادرة على توليد ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار سنوياً على هيئة قيمة مضافة، وتلجأ الشركات إلى تسخير البيانات المفتوحة للحد من تكاليف العمليات التشغيلية، وتحسين الكفاءة، وابتكار حلول ومنتجات وتطوير خدمات جديدة.

ولا شك أنه مع توفر المزيد من البيانات المفتوحة نستطيع الوصول إلى ما يمكن تسميته بالمعارف المفتوحة، وهي الخطوة التالية بعد البيانات المفتوحة، وبطريقة أخرى فإن مستقبل البيانات المفتوحة سيتشكل من خلال تعاون المؤسسات والأفراد بشكل جمعي بهدف تقديم فوائد أكبر وأعمق للمجتمعات، حيث نتطلع إلى أن تعمل المؤسسات معاً على مشاركة بياناتها لابتكار استخدامات جديدة بما يسهم في رفاه المجتمع.

* المدير التنفيذي لشركة «تحالف الإمارات للحلول التقنية»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/key9ef2p

عن الكاتب

المدير التنفيذي لشركة «تحالف الإمارات للحلول التقنية»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"