عادي

الحرب الأوكرانية.. تعبئة وتلويح بـ"النووي"

00:24 صباحا
قراءة 4 دقائق

كتب - المحرر السياسي:

مع تسارع وتيرة الحرب الدائرة في أوكرانيا، جددت الولايات المتحدة، تعهدها بمواصلة تسليح كييف لتعزيز هجماتها المضادة للجيش الروسي، حتى بعد قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسال المزيد من القوات إلى المعركة وتهديده باستخدام الأسلحة النووية.

يقول الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الخطوات التي اتخذها نظيره الروسي لن ترهب بلاده، مشيراً في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، إلى إن الولايات المتحدة ستقف متضامنة مع أوكرانيا ضد الهجوم الروسي.

وتأتي هذه التصريحات بعد ساعات من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن استدعاء نحو 300 ألف جندي احتياطي وإرسالهم إلى جبهات القتال في أوكرانيا، مع إجراء استفتاء في المناطق التي سيطرت عليها قواته، والذي ينذر بضم واسع للأراضي الأوكرانية إلى روسيا.

وقد حذّر الرئيس الروسي من أنه في حال تعرضت وحدة الأراضي الروسية وشعبها للتهديد، فإنه سيستخدم جميع أنظمة الأسلحة التي بحوزته، بما فيها الخيار النووي.

ويشير المحللون، إلى أن التصعيد يمثل محاولة من جانب موسكو لتعزيز مكاسبها في شرق أوكرانيا وردع المزيد من الدعم الغربي لكييف، قبل أن تخسر أي أراضٍ سيطرت عليها مؤخراً لصالح القوة الأوكرانية، كما أنها محاولة من قبل بوتين لحل مشكلة التعداد العسكري والذي يمنع قواته من القيام بعمليات هجوية مضادة، مع المخاطرة بانهيار مواقعه في ساحة المعركة، في حين تقول كييف إن تنظيم الاستفتاءات المرحلية وعمليات ضم الأراضي، لن يمنع القوات الأوكرانية من استعادة هذه الأراضي.

وإذا قام بوتين رسمياً بضم الأراضي التي يسيطر عليها جيشه، فيمكنه أن يصف العمليات العسكرية الأوكرانية المستقبلية بأنها هجمات على روسيا نفسها، ما يمنحه الإذن باتخاذ المزيد من الإجراءات رداً على ذلك، ومنها الرد النووي، باعتبار أن الأمن الوطني الروسي يتعرض للتهديد.

إلا أن إعلان التعبئة العسكري الأخير واستدعاء المزيد من القوات الروسية، قد يكون علامة ضعف لا قوة، وفقاً لبعص المحللين، حيث استعاد الهجوم المضاد الأوكراني الذي تم تنفيذه بالقرب من «خاركيف» ما يقرب من 2300 ميل مربع من الأراضي، كما تمكن من تحرير عشرات القرى، بينما ألحق خسائر كبيرة في الجيش الروسي قدرت بستين ألف جندي.

دعم القوات الروسية

وعلى المدى القصير، قد تساعد الإجراءات الجديدة روسيا على تعزيز موقعها الجديد في ساحة المعركة. والأهم من ذلك، أن هذه التعبئة الجزئية، ستؤدي إلى تعليق جميع عقود الخدمة العسكرية قصيرة الأجل لعدد كبير من الجنود. ففي محاولة لسد الثغرات في قواته، لجأ الجيش الروسي إلى تجنيد جنود بعقود مجزية قصيرة الأجل لمدة تصل بين 4 أشهر إلى 6 أشهر. والآن ومع دخول نظام التعبئة العسكري حيّز التنفيذ، فلن يكون بإمكان هؤلاء الجنود ترك الخدمة عند انتهاء عقودهم.

وفي حال أجريت الاستفتاءات لضم مناطق مثل «لوغانسك» و«دونيتسك» و«خيرسون» و«زابوريجيا»، فمن المحتمل أن يكون باستطاعة موسكو نشر المجندين الروس بشكل قانوني في هذه الأراضي الأوكرانية المتنازع عليها. لكن من المرجح أن يكون الجنود الذين تم ضمهم حديثاً ضعيفي التدريب، وخبرتهم القتالية السابقة ليست كافية، فقد أدى مقتل عدد كبير من الضباط الروس في ساحات القتال على أيدي الأوكرانيين، إلى تراجع عدد الخبرات العسكرية.

كما أن التعبئة الجزئية التي أعلن عنها بوتين محفوفة بالمخاطر السياسية، وتهدد بغضب مؤيديه الوطنيين، الذين قد يصورونه على أنه عاجز عن تحقيق مكاسب في الحرب. وفي الوقت نفسه، فإن أي تعبئة تخاطر بزيادة معارضة أولئك الذين ظلوا صامتين نسبياً حتى الآن بشأن الحرب.

ومن الممكن أيضاً أن يخلق شبح إعادة بناء الجيش الروسي حوافز للقادة الأوكرانيين لمضاعفة جهودهم للاستيلاء على أراضي إضافية الآن، قبل إغلاق نافذة العمليات الهجومية. وقد يشجع التزام بوتين المتجدد وتهديداته النووية الحلفاء الغربيين على إمداد أوكرانيا بأسلحة أكثر تطوراً. وبالتالي، فمن غير المرجح أن تحقق التعبئة الجزئية لروسيا أي نوع من النصر الحقيقي. لكن من شبه المؤكد أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الحرب، ما يسمح لروسيا بالصمود في القتال لسحق القوات الأوكرانية.

دعم أمريكي متواصل

ووفقاً لمسؤول مطلع في الكونغرس، ستواصل الولايات المتحدة، تزويد كييف بمزيد من الأسلحة نفسها التي ساعدت الجيش الأوكراني على تحقيق مكاسب ضد القوات الروسية. في حين يقول أحد كبار المسؤولين الأمريكيين إنه من غير المرجح أن يؤدي إعلان بوتين إلى أي شيء بخلاف تعزيز عزم الإدارة الأمريكية في الدفاع عن أوكرانيا.

وقد أدى قرار الإدارة الأمريكية بتزويد أوكرانيا بأنظمة الصواريخ المدفعية «هايمارس»، إلى تغيير كبير في ساحة المعركة لصالح كييف، إلا أنه وفي المقابل عانت القوات الأوكرانية خسائر في الأراضي والأفراد، ذلك لأن المدفعية الروسية بعيدة المدى تفوقت عليها.

ويقول ديمتري جورنبرغ، الخبير في قضايا الأمن الروسي في مؤسسة «سي إن أيه» للأبحاث الدفاعية، إن إعلان بوتين للتعبئة العسكرية هو «علامة يأس»، مشيراً إلى تضافر العديد من العوامل المقلقة لبوتين في الأيام الأخيرة، بما في ذلك خسائر الجيش الروسي في شمال شرق أوكرانيا، وفشل بوتين في الحصول على دعم كبير خلال القمة الأمنية الدولية في أوزبكستان، وتزايد الإحباط من إخفاقات الجيش الروسي.

ومن المحتمل أن تستخدم روسيا القوات الإضافية في محاولة لدعم الوحدات في أوكرانيا التي عانت بالفعل خسائر قتالية فادحة، بدلاً من محاولة بناء وحدات جديدة، لتعزيز انتشار الجيش، وفقاً ل جورنبرغ.

والنتيجة هي فرصة للقوات الأوكرانية لمحاولة إحراز تقدم هجومي مضاد قدر الإمكان قبل وصول أي تعزيزات روسية؛ إذ دأب الأوكرانيون على تقويض الدفاعات الروسية بشكل مطرد خارج مدينة «خيرسون» الجنوبية وفي الجزء الشمالي من منطقة «دونيتسك».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yz23tahy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"