عادي
الخط يحاور التشكيل

خالد الجلاف يقطف النور في «ارتقاء»

14:57 مساء
قراءة 4 دقائق
الشارقة: علاء الدين محمود
ضمن فعاليات وأنشطة ملتقى الشارقة للخط، في نسخته العاشرة «ارتقاء»، معرض شخصي للفنان الإماراتي المخضرم خالد الجلاف، رئيس جمعية الإمارات لفن الخط العربي، الذي قدم لوحات وأعمال تحمل رؤية مختلفة لخطي الكوفي والمعلا، ويعتمد في ذلك على أسلوب شخصي طوره بعد سنوات من البحث والممارسة والاطلاع على إمكانية توظيف فن الخط في أعمال فنية ترضي محبي الفنون التشكيلية على اعتبار أن الحرف العربي مكون جمالي متكامل.
«قطوف النور»، هي مجموعة لوحات أبدعها الجلاف على مدى سنوات مستخدماً خط المعلا بأسلوب كلاسيكي لم يقدم في لوحات مبدعي هذا الخط، وإنما صبغ بلونية وطريقة ومنهجية الجلاف الفنية وخبرته في الخط، وكذلك يقدم الجلاف في هذا المعرض، الخط الكوفي، مقترناً بإبداعات وفنون ذائعة الصيت، وبتوظيف خلاق خاص للفنان مع رموز العمارة الإسلامية.
*عوالم
المعرض يقدم ممارسات فنية تحفل بالجمال وتتعدد مواضيعها، حيث تحضر عوالم من المعاني السامية والرموز والدلالات، والرسائل السامية، فيحضر الوطن ومعاني التضحية من أجله، ويغوص الجلاف كذلك عميقاً في أخلاق الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة عبر لوحات تبرز تلك القيم النبيلة، كما يحتوي أيضاً على لوحة مهداة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شكراً وتقديراً لرعايته للملتقى ودوره البارز والكبير في رعاية فنون الخط العربي لسنوات طوال.
*رؤية
الجلاف من جانبه، تحدث لـ«الخليج»، عن دلالة عنوان المعرض «قطوف من نور»، مشيراً إلى أن كل لوحة تحمل نورها الخاص سواء على مستوى المحتوى النصي، أو أسلوب الكتابة، حيث إن معظم الخطاطين في العادة تحمل لوحاتهم الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية، وذلك نور في حد ذاته، إضافة إلى ما يفعله الفنان من خلط للألوان ورؤيته البصرية والجمالية، لافتاً إلى أن المعرض كذلك تناول العلاقة بين الخط العربي والعمارة عبر مجموعة من اللوحات لمعالم معمارية إماراتية ولدول عربية وإسلامية، إضافة إلى لوحات كلاسيكية من خطي المعلا والكوفي، وعدد من اللوحات تحمل الأسلوب الخاص للفنان في دمج الألوان وإبراز الحرف العربي في أبهى صورة.
*رسائل
والغالبية للعظمي للوحات في المعرض، هي في الأصل عبارة عن أحاديث وآيات قرآنية يطوف فيها الجلاف بين مدارس مختلف الخط العربي، معرباً عن أمله في أن تصل رسائل اللوحات إلى الجمهور، وذلك يشير إلى عمق أعمال الجلاف التي تتضمن معاني ورؤى جمالية وفكرية، ودائماً ما يؤكد أهمية الخط واحداً من أهم الفنون الإسلامية، الأمر الذي يتطلب ضرورة الاهتمام به وكذلك باعتباره الفن القومي الأول للدولة وللعالم العربي والإسلامي، وذلك ما يدفع الجلاف للقول: «إن الخط العربي هو فن الأجداد، والمطلوب نهضة كبيرة تقدمه لكل العالم باعتباره منجز العرب الأول في مجال الإبداع».
*عالم الصورة
ولعل المتابع والمتأمل في أعمال الجلاف المولود في عام 1962، لابد أن يستوقفه اهتمامه الكبير وتركيزه الخاص على الإمكانيات الفنية والبصرية التي يحفل بها الخط الكوفي بأساليبه وأشكاله وأنواعه المتعددة والمتنوعة، حيث إن الجلاف وجد في هذه الأنواع من الخطوط مادة غنية، واستطاع بمخيلته وانفتاحه على عالم الصورة التشكيلية المعاصرة أن يبعث فيها طاقة جديدة.
*أصالة
الخط العربي عند الجلاف أكبر من أن يحصر في نظرة نمطية جامدة، إنه حياة متجددة على الرغم من عمقه الضارب في الأصالة، ويقول عن ذلك: «الخط العربي مرتبط بالتراث بشكل عام، لكنه ليس شكلاً ولا حياة جامدين، على العكس إنه يتطور بتطور التراث نفسه، وهنا علينا أن نبصر جيداً أن التراث ليس مجرد قطع وحفريات؛ بل هو الأدب والفنون وغيرها من ألوان الثقافة، وإذا كانت كل تلك الفنون تتطور، فلم لا يتطور الخط العربي نفسه ليأخذ من الحداثة ومدارسها دون أن يفقد ماهيته الأصيلة»، ويؤكد الجلاف دائماً أن استعمال الخط العربي في الأعمال الفنية يجب أن يكون وفق قواعده وأسسه للحفاظ على أصالته وجماله، وأن الغرض الرئيسي من الاهتمام بفن الخط العربي هو الحفاظ على الهوية الحضارية للعرب والمسلمين خصوصاً مع الأجيال القادمة.
ولعل ما يميز الجلاف في تجربته الممتدة مع فن الخط العربي، وهو التزامه العميق بتعاليم الدين الإسلامي، وبتركيزه على ظاهر المعاني وباطنها، لذلك دائماً ما يتجه في تشكيلاته الخطية نحو إبراز الجمالية التصميمية الهندسية المخزونة، التي يمكن توليدها من طواعية حروف الكتابة العربية، وفي توازي الخطوط المستقيمة وتبادلاتها وتقاطعاتها مع الخطوط الدائرية.
*أسلوبية خاصة
وبصورة عامة، فإن أعمال الجلاف تتميز بتجددها في التكوين العام للوحة وفي رسمه للحروف المستلهمة لأساليب الخط الكوفي، بما يمكن القول معه إن الجلاف لا يرسم أشكالها عن طريق النقل المباشر؛ بل يعمل على استدعاء أسلوبية خاصة به تلائم التكوين الهندسي للعمل، وبما أن التجديد في التكوين وفي ابتداع أشكال جديدة للحروف هو مبحث أساسي في إنشاء العمل الفني، فإن لوحات الجلاف لا تكرر بعضها، لا في التكوين، ولا في أشكال الحروف، ما يجعل منها أعمالاً إبداعية فنية تشير إلى روح الابتكار.
والواضح في مسيرة الجلاف الإبداعية، أن ثقافته الفنية، ومحبته للخط العربي، هي نتاج تثقيف ذاتي، حيث نجده في الأصل متخصصاً في علوم القانون والإدارة، غير أن الفنان تتلمذ في وقت باكر على يد الخطاط العربي نزار عبد الرحمن الدوري، الذي يدين له بالفضل في ترسيخ عشقه للخط، لتأتي أولى مشاركات الجلاف الفنية في عام 1984، في المعرض المصاحب للأسبوع الثقافي الأول لجامعات دول الخليج العربي بالكويت، ليتواصل بعدها نشاطه في معارض جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وعدد من الملتقيات والفعاليات الأخرى الداخلية والخارجية.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5ct734ua

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"