دبلوماسية القوة

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم تلجأ الولايات المتحدة يوماً إلى استخدام الدبلوماسية الناعمة في علاقاتها الدولية، بل كانت على الدوام تستخدم دبلوماسية القوة أو ما يُطلِق عليها جوزيف ناي «القوة الصلبة» أو «القوة الساخنة»، من منطلق استراتيجية تعتمدها، لحمل الآخرين على اتباع سياساتها وإجبارهم على عدم سلوك أي نهج يتعارض مع إرادتها.

ومن هذا المنطلق، لطالما لجأت الولايات المتحدة إلى شن الحروب المباشرة أو التهديد، أو فرض العقوبات الاقتصادية، أو ممارسة الضغوط السياسية، لتحقيق هدفها في الهيمنة والسيطرة والنفوذ، حتى ولو كان ذلك يتعارض مع القانون الدولي أو الشرعية الدولية.

الرئيس الأمريكي جو بايدن، وخلال اجتماع عقده مع قيادة «البنتاغون» يوم أمس الأول، تحدث بصراحة عن هذا الدور، والإصرار الأمريكي على البقاء في قمة النظام الدولي، مستنداً إلى ما تمتلكه واشنطن من فائض قوة بقوله: «إن الولايات المتحدة ستستمر في قيادة الآخرين من خلال الدبلوماسية، مدعومة بأفضل قوة قتالية في العالم»، من دون أن يعترف بأدوار القوى الأخرى بالمشاركة في النظام الدولي، أو الإقرار بأن القوة الأمريكية، لم تعد كما كانت، بل هي تعيش حالة من التراجع والانكفاء سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، بعد أن تعرضت لهزائم عسكرية لا يمكن إنكارها في مختلف الحروب التي خاضتها، وأخيراً في أفغانستان والعراق.

ورغم وجود حوالى 800 قاعدة عسكرية حول العالم، مع ما يتراوح بين 150 و200 ألف جندي ينتشرون فيها، لم تتمكن الولايات المتحدة من تثبيت وجودها، وفرض هيمنتها المطلقة، بل هي تواجه حالة من العصيان والتمرد على إرادتها في معظم دول العالم، كما تواجه منافسة شرسة من قوى بازغة مثل الصين وروسيا والهند، تريد أن يكون لها دور في تشكيل النظام الدولي الجديد، من أجل قيام نظام عالمي متعدد تسوده العدالة والمساواة.

وعندما يكشف مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق روبرت أوبراين في حديث لمحطة «فوكس نيوز» عن ضعف الجيش الأمريكي، وعدم قدرته على شن حرب شاملة، بقوله: «إن القوات البرية لديها القليل من الإمكانات، والقوات البحرية والعسكرية ضعيفة، والقوات الجوية ضعيفة للغاية، وقوات المارينز هي وحدها الأكثر فعالية»، فإن هذا الاعتراف من جانب مسؤول أمريكي سابق، لديه دراية بوضع جيش بلاده، فإن حديث بايدن عن القوة العسكرية التي تدعم الدبلوماسية، يصبح مشكوكاً في صحته وفي جدواه.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يعترف من جهته بأن حقبة الحرب الباردة انتهت، وأن المنافسة قائمة لتحديد النظام العالمي الجديد، لكنه يصّر على أن الولايات المتحدة «لديها الأدوات اللازمة لبذل قصارى جهدها للعب دور مركزي في هذا النظام»، أي أن الولايات المتحدة لن تستسلم بسهولة للتغيير المنشود، وما زال يتحدث عن تحقيق «هزيمة استراتيجية» لروسيا في أوكرانيا، والتعاون متعدد الأطراف «للتنافس مع الصين» التي اتهمها «بتسريع جدولها الزمني للاستيلاء على تايوان».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/muh692yw

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"