«كوب 27».. التركيز على التمويل والخسائر

21:40 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

عقد مؤتمر الأطراف السابع والعشرون لتغير المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية (من 6 الى 18 نوفمبر 2022)، في ظل ظروف عالمية غير مواتية، لا من الناحية السياسية، حيث علقت الصين تعاونها مع أمريكا فيما خص المفاوضات الثنائية المسهلة للتوافق بين كافة أطراف التفاوض المناخي؛ ولا من الناحية الاقتصادية، حيث أهدرت أوروبا أموالاً ضخمة لتمويل الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعني عملياً تطيير موضوع التمويل من سلة القضايا التي يمكن أن يحقق فيها المؤتمر بعض الاختراقات؛ واضطرار بلدان أوروبا في ضوء أزمة الطاقة التي تواجهها نتيجة لعقوباتها على النفط والغاز الروسيين، إلى إعادة فتح مناجم الفحم من جديد. إضافة إلى المعوقات التقليدية الحاضرة دوماً على طاولة التفاوض، ومنها الخلافات حول أولوية الثالوث المناخي: التخفيف (خفض الانبعاثات)، والتكيف مع الظواهر المناخية السلبية، وتمويل برامج ومبادرات التخفيف والتكيف، وتلكؤ البلدان الأوروبية وأمريكا في الوفاء بالتزاماتهما المالية.

لذلك، لتفويت الفرصة أمام المحاولات المعتادة لتبديد وقت المؤتمر وتشتيت جهود المفاوضين في قضايا فرعية، ركزت مجموعة ال 77+الصين (مجموعة الدول النامية)، جهودها التفاوضية،على القضيتين الرئيسيتين، وهما التمويل، والخسائر والأضرار. رغم أن دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، لا تحبذ مقاربة هذين الموضوعين الحساسين.

فيما يتعلق بالأضرار والخسائر، فقد وقفت سداً منيعاً في اجتماعات بون التحضيرية التي عقدت خلال الفترة من 31 مايو إلى 16 يونيو 2022، أمام محاولات الدول النامية لتحديد الالتزامات المالية (تمويل برامج ومبادرات خفض الانبعاثات «التخفيف»، والتكيف في الدول النامية المهددة بما تسمى اصطلاحا مناخيا، الخسائر والأضرار، Loss and damage) الناتجة عن تسارع وتيرة الكوارث الطبيعية المتطرفة، كإحدى ظواهر تغير المناخ. فقد رفضت دول الاتحاد الأوروبي إنشاء مرفق تمويل مخصص لقضية الخسائر والأضرار، ورفضت إدراجه على جدول أعمال مؤتمر الأطراف في مصر. وكان هذا الموضوع قد أُقر في مؤتمر الأطراف ال 19 في وارسو (نوفمبر 2013)، بإنشاء «آلية وارسو الدولية للخسائر والأضرار» الناتجة عن الظواهر الطبيعية المتطرفة والأخرى البطيئة الحدوث في البلدان النامية المعرضة بشكل خاص لآثار تغير المناخ. ومنذ ذلك الوقت نجحت الدول النامية في تثبيته على جدول أعمال كل جولات التفاوض، لكنها حتى الآن لم تتمكن من تحقيق هدف إنشاء صندوق لتعويض الدول النامية المتضررة من أعاصير وسيول الكوارث الطبيعية الأخرى التي تتعرض لها جراء التغير المناخي، ومنها بصفة خاصة الدول النامية الجزرية الصغيرة (Small Island Developing States – SIDS) بسبب مواقف أمريكا وأوروبا الرافضة لذلك.

فيما يتعلق بالتمويل، حتى اليوم لم تفِ الدول الغربية بوعدها الخاص بتأمين مبلغ 100 مليار دولار سنوياً كانت قد تعهدت في مؤتمر الأطراف الخامس عشر في كوبنهاغن عام 2009 بدفعها بحلول 2020. وهذا أكثر المواضيع الذي تكره أوروبا وأمريكا مناقشته في المفاوضات. لذلك فقد وضعته الدولة المنظمة لمؤتمر جلاسجو (بريطانيا بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي) في آخر قائمة جدول أعماله، لذا لم يحظَ سوى بآخر يوم في المؤتمر لمناقشته.

بحسب صحيفة Hindustan Times الهندية (20 تشرين أول/أكتوبر 2022)، كان تركيز الهند في مؤتمر شرم الشيخ على وضع تعريف للتمويل متفق عليه من كافة الأطراف؛ وإصدار قرار بشأن الهدف الجماعي الجديد المتعلق بالتمويل بعد عام 2025؛ وتقييم الالتزام الذي تعهدت به البلدان المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنويا لتمويل المناخ بحلول عام 2020؛ والمسائل المتعلقة بالمادة 2.1 (ج) من اتفاق باريس التي تنص على جعل «التدفقات المالية متسقة مع مسار خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتنمية المقاومة لتغير لمناخ». هنا اصرت الدول النامية، على أن تجيء التدفقات المالية المناخية من الدول المتقدمة للدول النامية، في صورة منح وليس في صورة قروض، كما فوجئت بذلك جنوب إفريقيا، حين اكتشفت أن 97% من تمويل خطتها للتحول بعيداً عن الفحم (نزولاً عند ضغوط الدول الأوروبية)، هو في صورة قروض واجبة الدفع.

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/cuv9ps8t

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"