عادي
رفوف إماراتية

«جماعة الحيرة»..ثلاثة شعراء يغزلون القصيدة

19:31 مساء
قراءة 4 دقائق
مريم الهاشمي
  • - نتاج أدبي مميز أثر في المنطقة

الشارقة: عثمان حسن

«تطور الحركة الشعرية في الإمارات - جماعة الحيرة»، هو كتاب صدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات للناقدة الإماراتية الدكتورة مريم الهاشمي، وقد سبق وحصل الكتاب على جائزة أفضل مؤلف عن فئة (أفضل مؤلف يصدره أبناء الإمارات عن الدولة) في مسابقة مؤسسة العويس للإبداع 2018، كما أنه جزء من أطروحة علمية نالت عنها الباحثة د. الهاشمي شهادة الدكتوراه.

اعتمدت د. مريم الهاشمي تصنيف الدكتور يوسف نوفل الذي نظر إلى جماعة الحيرة باعتبارهم كانوا يشكلون مدرسة شعرية في الإمارات تمثلت في جيلين: الجيل الأول ويمثله الشاعر سالم بن علي العويس (1887 – 1959)، والجيل الثاني وهم المعنيون بالدراسة: الشاعر سلطان العويس (1925 – 2000) والشاعر الشيخ صقر القاسمي (1924 – 1994) والشاعر خلفان بن مصبح (1923 – 1946).

جاء الكتاب في مقدمة وتمهيد ومدخل عام، وبابين كل باب يحتوي على ثلاثة فصول والعديد من المحاور.

في تمهيد الكتاب تصف د. الهاشمي الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي خيمت على الحياة العامة التي عاش في ظلها شعراء الحيرة، كما قدمت نبذة عن الحياة الثقافية المحلية والعربية في تلك الآونة، وقدمت أيضا تراجم لشعراء الحيرة من حيث (المفهوم والنشأة).

سلط الكتاب الضوء على الصورة الشعرية، وبنية القصيدة، وبنية الإيقاع الموسيقي في تجربة الشعراء محل الدراسة، وفي التفاصيل استعرض الفصل الأول من الباب الأول التجربة الشعرية للشيخ صقر القاسمي، هذه التجربة التي كان للموروث الإسلامي تأثيره فيها، وامتد هذا التأثير إلى تجربة خلفان بن مصبح وسلطان العويس، حيث اتكأت كثير من نصوصهم على المصادر الإسلامية وخاصة استلهام معاني القرآن الكريم، وأوردت نماذج شعرية من ديون «وحي الحق» للشيخ صقر القاسمي ومنها قوله:

إن في ديننا اعتصام وئام

هو من خطة الشقاق براء

أسوى دين أحمد وهداه

خطة نستسيغها سمحاء

ومن النماذج التي أوردتها د. الهاشمي للشاعر خلفان بن مصبح قوله:

مقيم بمرج ليس لي من أحبه

سراجي ضياء النجم والليل مسهري

إذا هاجت الذكرى وزار خيالها

تكون معي كالوابل المتحدر

وبخصوص تجربة الشاعر سلطان العويس، فقد أكدت الهاشمي أنه فضلاً عن تأثره بالموروث الإسلامي، فقد امتاز شعره بمعجمه اللغوي التراثي، ومن يقرأ أشعاره يلحظ الكثير من الصور البيانية القديمة المستوحاة من التراث، ودللت على ذلك بإحالات المرأة عند العويس ومواصفات جمال المرأة في شعره، هذه المواصفات التي تأرجحت بين التيارين الكلاسيكي والرومانسي، فهو يقول:

ضحكت والحسن لها برد

فتمايل كالبان القد

وأريج المسك لها نفس

وورد الروض لها خد

وحرير الفتنة تنشره

ومحط الخصر له ورد.

* الصورة الشعرية

وبخصوص الصورة الشعرية، درست الهاشمي الخصائص الفنية للصورة الشعرية عند الشعراء الثلاثة، هذه الخصائص التي توزعت على ثلاثة مستويات (التشبيهية، الاستعارية، الكنائية)، كما رصدت التأثيرات الكلية والجزئية لبنية القصيدة، وتحول هذه البنية من الذاتية إلى الموضوعية، وميل القصيدة إلى السرد الذي ينتابه التوتر والإيحاء بواسطة التعبير اللامباشر، كما رصدت تداخل الأسطورة في بنية القصيدة وتداخل الحكاية في لحمتها، بوصفها عنصراً من عناصر الدراما، واتجاه القصيدة عند الشعراء إلى الطول وتعدد الأصوات، واستخدام البديل الموضوعي، والموضوع الواحد، كما تناول الكتاب أهم التأثيرات الكلية، كموضوع المدينة في الشعر العربي الحديث.. وقدمت الهاشمي نماذج من تعدد البنى في أشعار خلفان بن مصبح، والشيخ صقر القاسمي وسلطان العويس.

*الشعر الفصيح

يشكل الكتاب إضافة نوعية لرصيد الدراسات التي تناولت الشعر الإماراتي، كما يشير إلى بداية ظهور الشعر الفصيح في الدولة، وهو يلقي الضوء على أوائل من حملوا لواء الأدب، وقصب السبق في عالم الشعر الإماراتي، خاصة في الحقبة التي سبقت قيام دولة الاتحاد، وهؤلاء أي (جماعة الحيرة) كان لهم أثر كبير في إرساء القواعد الثقافية والأدبية في المنطقة، واستطاعوا بجهدهم الشخصي أن يوصلوا نتاجاتهم الأدبية إلى خارج حدود بلادهم.

تشير د. مريم الهاشمي في تقديمها للكتاب إلى أنه يجيب عن تساؤلات تخطر في بال أفراد المجتمع الإماراتي خاصة الشريحة التي تهتم بمتابعة الحركة الثقافية بشكل عام، والشعرية بوجه خاص، خاصة عن بواكير نشأة هذه الحركة وروادها وكيف تطورت؟ وما هي أول قصيدة عمودية في المنطقة؟ وكيف كانت البيئة الثقافية في تلك الفترة؟.

*منهج وصفي

اعتمدت د. الهاشمي في كتابها المنهج الوصفي التحليلي في دراسة العصر سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وهو منهج يسلط الضوء على ملامح الحياة الثقافية العربية، التي كانت الإمارات جزءاً من نسيجها، ونوهت بأهمية البعد التاريخي لهذه الحياة الثقافية، وكان ذلك واضحاً في أشعار جماعة الحيرة، ومن سبقهم من أمثال علي بن سالم العويس.

يرد في الكتاب أن (جماعة الحيرة) برزوا في النصف الأول من القرن العشرين ولقبوا بهذا الاسم من بعض النقاد، لا سيما وأنهم ترعرعوا في المكان نفسه (الحيرة) وكانوا أصدقاء منذ الطفولة. ولقد درجت كتابات النقاد على وصف الجماعة ب «الشعراء المخضرمين» ونظر البعض الآخر إليهم كحلقة انتقال من الشعر التقليدي إلى الشعر الحديث.

*مسارات

من جانب آخر، فإن الكتاب يستعرض المسارات الحياتية والمهنية لكل واحد من الشعراء الثلاثة، ويضيء على التحديات التي واجهتهم خاصة على الصعيد التعليمي، حتى وصولهم إلى منابع المعرفة والمصادر الثقافية، وهو يتطرق كذلك إلى الخصائص الفكرية عند شعراء الحيرة الذين استطاعوا تطوير قدراتهم اللغوية والشعرية من شتى المصادر، وفي مقدمتها القرآن الكريم، حيث أشارت د. الهاشمي إلى أن خطاب القومية العربية قد تصدر شواغلهم الفكرية، إلى جانب ما حملته أشعارهم من أسئلة وأطروحات وجودية ووجدانية.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc57umrb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"