عادي

مريم الهاشمي... الناقد فارس النص

14:09 مساء
قراءة 4 دقائق
مريم الهاشمي
  • مساعدة الكاتب في مقدمة أولويات النقد
الشارقة: علاء الدين محمود
«النص الأدبي الإبداعي كالفرس الأصيل الذي يحتاج إلى فارس حقيقي، ويُلقي بالمتطفل على صهوته أرضاً، وهذا الفارس هو الناقد العارف والمتمكن من مداخل النص»، تلك الكلمات للناقدة الإماراتية الدكتورة مريم الهاشمي، تحمل دلالات مهمة، فهي تفصح عن ناقدة تلج إلى النص الإبداعي بقوة المعرفة الأكاديمية التي لا مجاملة فيها، ولئن سادت في الإمارات والعالم العربي في زمن مضى سلطة الناقد غير المتخصص، والذي يعتمد على الانطباع وربما المجاملة بصورة كبيرة، فقد ولى ذلك العهد بظهور جيل من النقاد المتخصصين والمتسلحين بالعلم والمعرفة، ولعل ظهور مريم الهامشي في الساحة الإبداعية الإماراتية قد جاء متزامناً مع ميلاد هذا الجيل الجديد، فهي تعتبر في الوقت الراهن واحدة من أهم المشتغلين في هذا الحقل المهم، والذي بغيره لن يتطور الفعل الأدبي، ولها العديد من المؤلفات والإصدارات النقدية التي أثرت بها المكتبتين الإماراتية والعربية، وتترأس حالياً نادي النقد الذي انطلق ضمن الأندية الثقافية في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.
لم تكتف مريم الهاشمي بشهادة البكالوريوس الجامعية، لتبدأ في 2003 بدراسة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة «أمريكان وورلد»، وبعد ذلك بدأت في خوض مسيرة جديدة في 2010 بشهادة ماجستير أخرى في اللغة العربية ـ قسم الأدب والنقد «أدب قديم»، من كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي، والتي نالت منها شهادة الدكتوراه في اللغة العربية قسم الأدب والنقد «أدب حديث»، وعملت كأستاذة للغة العربية والدراسات الإماراتية، ومعلمة في وزارة التربية والتعليم، في تدريس مادة اللغة العربية من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، ولعل أكثر ما يميز تجربة الهاشمي، ذلك السعي الدؤوب في التحصيل المعرفي والأكاديمي بصورة مستمرة، وذلك ما جعلها من الأسماء المهمة في عالم النقد الأدبي، إضافة إلى نشاطها الكبير في الحراك الثقافي عبر صفحتها في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي تعتبرها الهاشمي نافذة مهمة للتواصل مع القراء، كما شاركت في المؤتمر الدولي للغة العربية، وأنشطة مؤسسة «العويس الثقافية»، وندوة الثقافة والعلوم في دبي، واتحاد كُتَّاب وأدباء الإمارات.
  • أهمية
وعلى الرغم من انحياز وتفضيل الهاشمي للناقد المتخصص، إلا أنها دائماً ما تؤكد على أهمية الكتابات النقدية في الملفات الثقافية للصحف، فهي تسعى بالفعل وبصورة كبيرة إلى دعم الحراك الثقافي، ومن المهم والضروري أن يعمل المشتغلون بالنقد على الاطلاع والمواكبة من أجل فعل نقدي حقيقي وذكي، وبناءً على ذلك تؤكد الهاشمي، أن هناك مساحة جيدة من النقد الأدبي في الساحة المحلية، وهناك أيضاً جوائز متخصصة مثل: جائزة الشارقة لنقد الشعر العربي، وفي جائزة الشيخ زايد للكتاب، وغيرها من الجوائز التي تؤكد حضور النقد ودوره في الساحة الثقافية والإبداعية، وبالنسبة للهاشمي، فإن من المهم والضروري للناقد أن يكون محايداً وبعيداً عن التحيزات الفكرية والأيديولوجية، وأن ينظر إلى الأدب من وجهة نظر إبداعية ومستقلة، وذلك ما يطمح أي ناقد للوصول إليه، وفي هذا السياق فإن الهاشمي ترى أن هناك حركة ثقافية لافتة في الإمارات، فضلاً عن العديد من المبادرات التي تصب في اتجاه الزخم الإبداعي، وهي بحاجة إلى عملية النقد، وقد ظل المبدع المحلي على الدوام يبحث عن الناقد لكي يطور نفسه وأدواته، وفي المقابل ظل النقد موجوداً بأنواعه وأشكاله المختلفة من انطباعي وأسلوبي ومنهجي، وترى الهاشمي أن عملية النقد في المجتمع المحلي غير متوازنة مع عملية النتاج الإبداعي في الإمارات، ومن المهم النهوض بالنقد وتطويره بصورة أكبر.

برج عاجي
في معرض رؤيتها للعلاقة بين الناقد والكاتب، ترى الهاشمي أن من المهم أن لا يتم تقييد الأدب، حيث أن الهدف من النقد هو تقويم الأعمال الإبداعية ومساعدة الكاتب، بالتالي ليس صحيحاً أن الناقد يعيش في برج عاجي، فهو موجود ومن المهم أن يلجأ إليه المبدع، وفي سياق تحديدها لجمهور النقد أو المتلقي الشغوف بالكتابات التي يتوفر فيها النقد، تشير الهاشمي إلى أن جمهور القراءات النقدية النظرية في كل مكان قليل نوعاً ما بالمقارنة مع قراء الرواية وبقية الأنماط والكتابات الإبداعية، حيث إن المؤلفات في مجال النقد تظل حبيسة رفوف المكتبات والجامعات التي تحتضن الأبحاث والدراسات وتجعلها متاحة لطلبة الدراسات العليا الذين يشكلون جزءاً من جمهور النقد البسيط، وبالنسبة للهاشمي، هناك مفهوم ضبابي حول النقد، فهو في الأساس عملية فكرية فلسفية، أما ما يتعلق بالاختصاص الأدبي، فهو يشكل جزءاً من النقد بمفهومه الواسع.
  • مؤلفات
رفدت الهاشمي المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات النقدية ذات القيمة الكبيرة، والتي أسهمت في إثراء الحراك الثقافي بصورة عامة والنقدي بشكل أساسي وخاص، ولعل من أهم مؤلفاتها النقدية كتاب «تطور الحركة الشعرية في الإمارات -جماعة الحيرة»، وصدر عن اتحاد الكتاب، وحصل على جائزة «أفضل مؤلف يصدره أبناء الإمارات عن الدولة» في مسابقة مؤسسة العويس للإبداع 2018، كما صدر لها مرجع مهم بعنوان «رثاء المدن والممالك بين بغداد والأندلس»، وكتاب «غربة المدني.. دراسة تحليلية عن الشاعر أحمد أمين المدني»، و«الشعر في الخليج بين الشعبي والفصيح... قراءة في الأثر الثقافي والاجتماعي»، والعديد من المؤلفات النقدية الأخرى.
إلى جانب النقد، فقد خاضت مريم الهاشمي، تجربة الكتابة الإبداعية عبر روايتها «النسخة الجديدة»، التي صدرت عام 2019، وتشير الهاشمي إلى أن كتابة الرواية كانت رغبة في محاولة فهم أكبر لتقنيات الرواية والوقوف على عناصرها الفنية، ويتناول العمل جوانب اجتماعية كالزواج من أجنبيات، ومعاناة أبناء الأجنبية بين ثقافتين مختلفتين، والأعراف الأسرية، وزواج الأقارب.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yck3rcdr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"