الرسالة وصلت

هنا الشارقة
23:43 مساء
قراءة دقيقتين

** عساكم لاحظتم في المقالين الماضيين أنني توقفت كثيراً عند رسالة القيم الإنسانية التي خلّفها المونديال القطري عند جماهير العالم، تلك القيم التي تبلورت في التنظيم والضيافة، والمشاركة المشرفة لمنتخب «أسود الأطلس»، فكلاهما أكمل الآخر عند مستقبلي تلك الرسالة، التي ما كانت لتصل بقوة هكذا لو لم تكن القيم جميلة ورائعة، ولو لم يكن هناك نصر على الأرض لمنتخب عربي يحمل اللواء ويضرب المثل عملياً بسلوك لاعبيه.

** ولا أذيع سراً إذا قلت إنني ما فطنت بسرعة لقيمة هذه الرسالة إلا لأنها كانت أول وصية أوصاني بها سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عندما شرفت برئاسة المجلس الرياضي، إذ كانت توجيهات سموه مباشرة ومحددة، بأن تكون للرياضة رسالة أخلاقية تذكي المثل والمبادئ بغض النظر عن حسابات الفوز والخسارة، وعسى مابين أيدينا الآن من ردود فعل متباينة لدى شعوب عالم الكرة، أكبر برهان على عظمة هذه الرسالة التي اعتبرتها الإرث الخالد للمونديال.

** لقد كانت ردود الفعل شتى وفي كل الاتجاهات، لكني سأكتفي اليوم بمثلين أراهما أبلغ من سواهما لأنهما من نجمين كبيرين، وقد بدا في اللحظة التاريخية للحدث المونديالي أن الأول وهو «ميسي»، وما أدراك ما ميسي في عالم وتاريخ كرة القدم؟ يسلم راية التألق في ملاعب اللعبة ل«مبابي» ابن الثالثة والعشرين، فالأول «بالبشت» العربي من فوق منبر الاحتفال باللقب العزيز قال للعالم إنه رأى في المحفل القطري مالم يره في كل المونديالات الماضية، أما الثاني أو النجم القادم «مبابي»، فقد كان مستاءً من ردة فعل مدربه ديشان تجاه زميله كوامي بعد أن أهدر ضربة الجزاء، إذ لم يختلف فيها عن أي مشجع متعصب في المدرجات، مع أن ضربة الجزاء من الوارد إهدارها، ونجوم كثيرون أشهر منه أضاعوها في لحظات لا تقل حرجاً عن تلك، فالاثنان توقفا عند الخلق والسلوك، ورغماً عنهما، استغرقا في بحث الأسباب التي وراء تلك الفروق، فكانت القناعة طواعية بأن الثقافة العربية مختلفة عن ثقافتهم، وإن ما يتم ترويجه عنهم ليس صحيحاً بالمرة، فتعاملاتهم فيها سماحة وحب وسلام، وقيمهم الإنسانية تتجلى سلوكاً جميلاً داخل الملاعب وخارجها.

** إنه «صدام القيم»، الذي أحدثه المونديال العربي، ما بين الشرق بإشراقاته التربوية الجميلة، والغرب بأفكاره وتقليعاته الغريبة، والرسالة هكذا وصلت على أحسن ما يكون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3e947bb5

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"