عادي
توقعات باستمرار رفع أسعار الفائدة في النصف الأول

2023.. عام آخر من التحديات للأسواق العالمية

22:09 مساء
قراءة 7 دقائق
دبي: أحمد البشير

شهد عام 2022 نمواً متزايداً للتضخم مع ارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع توقعات النمو، فيما عانت أسواق الأسهم والسندات. وسيكون عام 2023 عاماً من الانعكاسات؛ حيث سيحاول المستثمرون تحديد نقاط التحول للتضخم، وأسعار الفائدة والنمو الاقتصادي والأسواق المالية على خلفية جيوسياسية معقدة، وفقاً لتقرير حديث لشركة «يو بي إس» المصرفية.

وأوضحت الشركة في تقريرها عن الآفاق الاقتصادية أن معدلات التضخم السنوية بلغت ذروتها في الولايات المتحدة، وهي في طريقها إلى بلوغ ذروتها في أوروبا. وفي المنطقتين، تتوقع «يو بي إس» أن ينخفض التضخم حتى عام 2023، لكن وتيرة وحجم المسار المنخفض سيسهمان في التقلبات، مما يعكس مخاوف المستثمرين من أن معدلات الفائدة المرتفعة قد تكون مطلوبة لفترة أطول.

على الرغم من أن البيانات الاقتصادية الواردة ستكون أساسية، فإن المحللين في «يو بي إس» يتوقعون قيام المجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) والبنك المركزي الأوروبي والبنك الوطني السويسري وبنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة النهائية في الربع الأول من عام 2023، أو الربع الثاني على أبعد تقدير.

واعتماداً على مدى ثبات التضخم، قد يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي في وضع يمكنه من خفض أسعار الفائدة بحلول نهاية العام.

توقعات النمو

مع بدء ارتفاع أسعار الفائدة في التأثير في الاقتصاد، تتوقع «يو بي إس» أن تنخفض توقعات النمو والأرباح خلال النصف الأول من العام. وبشكل عام، هناك توقعات بحدوث انكماش بنسبة 4% في الولايات المتحدة، وتراجع بنسبة 10% في أوروبا، ونمو بنسبة 2% في آسيا للعام بأكمله. ومن المفترض أن تتحسن توقعات النمو في وقت لاحق من عام 2023؛ حيث يبدأ المستثمرون في التطلع إلى عام 2024.

وكانت الدورة الاقتصادية للصين مختلفة عن بقية دول العالم، نظراً لنهج البلاد في إدارة جائحة «كوفيد-19». لكن التوقعات يمكن أن تبدأ في التحسن مع إعادة فتح الاقتصاد، والذي قد يكون على الأرجح في منتصف العام تقريباً؛ إذ سيسهم ذلك في دعم الاستهلاك، في حين أن الإنفاق المرتفع على البنية التحتية، سيساعد في التعويض عن الضعف في قطاع العقارات.

وفي الأغلب تؤدي صدمات التنقل في الأحداث الجيوسياسية إلى تقلبات في الأسواق المالية، لكنها نادراً ما تغير المسار الواسع للنمو الاقتصادي. ومع ذلك، ومع دخولنا في عام 2023، هناك خطر متزايد من أن السياسة يمكن أن تشكل نتائج النمو المستقبلي.

التوترات الجيوسياسية

تشكل الحرب الروسية في أوكرانيا تهديدات للطاقة والأمن لأوروبا وتزيد من خطر مشاركة الناتو. ومن غير المرجح أن تقل التوترات بين الولايات المتحدة والصين في ضوء تركيز بكين المتزايد على الاكتفاء الذاتي، وتحركات إدارة بايدن لتقييد التجارة لأسباب أمنية. وعلى مستوى الدولة الفردية، فإن التسييس المتزايد للقضايا الاقتصادية مثل التضخم وأسعار الفائدة، يوسع نطاق التدخلات السياسية الراديكالية واضطرابات السوق.

وأظهر عام 2022 كيف أن القرارات السياسية لا تزيد من التقلبات فحسب؛ بل لديها أيضاً القدرة على تغيير مسار أسواق الأصول؛ إذ إن حرب روسيا وأوكرانيا ونهج الصين في إدارة «كوفيد-19»، وحتى عدم الاستقرار المالي الناجم عن «الميزانية المصغرة» للمملكة المتحدة، أثرت جميعها في الاقتصادات العالمية من خلال قنوات متعددة. وفي عام 2023، تشمل مخاطر السياسة الرئيسية تصعيداً في الحرب الروسية الأوكرانية، وعثرات السياسة الاقتصادية في الصين، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وأخطاء السياسة النقدية أو المالية.

وكان لحرب روسيا على أوكرانيا في عام 2022 تأثيره الكبير في المسار الاقتصادي العالمي، مما أضاف صدمة تضخمية إلى عالم يتجه بالفعل إلى زيادة الطلب على المنتجات، وضعف أسواق العمل واضطراب سلاسل التوريد. ومع دخولنا عام 2023، يشكل ضم روسيا للأراضي التي احتلتها في أوكرانيا تهديداً محدقاً بالنسبة للأسواق العالمية.

قيود كوفيد-19

وعانت أسواق الأسهم الصينية خسائر بنسبة 44% في الشهور العشرة الأولى من عام 2022، ويرجع ذلك جزئياً إلى قيود التنقل الأكثر صرامة المرتبطة ب «كوفيد-19»، التي أعاقت الاستهلاك والاستثمار التجاري الجديد.

سوق السندات

أظهر الاضطراب في سوق السندات ذات الحواف المذهبة في المملكة المتحدة التحديات التي تواجه الحكومات التي تحاول زيادة الاقتراض بينما تبيع البنوك المركزية حيازاتها من السندات الحكومية لتقليل التضخم.

وفي حين أن الأحداث في المملكة المتحدة لها جوانب خاصة بها، إلا أن المخاطر المتأتية من المملكة المتحدة قد تؤدي إلى عدم الاستقرار المالي في الأسواق الأخرى.

وكانت توقعات أسعار الفائدة المرتفعة عاملاً رئيسياً في ضعف أداء السوق في عام 2022. ويخبرنا التاريخ أنه قبل تراجع السوق، يبدأ المستثمرون عادةً في توقع قيام المجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة.

توقعات سلبية

في وقت كتابة تقرير «يو بي إس»، يبدو أن تخفيضات أسعار الفائدة أمر بعيد المنال؛ حيث إن التضخم أعلى بكثير من الأهداف الرسمية، وكون مصداقية البنوك المركزية على المحك، فمن المرجح أن يتم رفع أسعار الفائدة أكثر.

ويتوقع الخبراء في «يو بي إس» أن تبلغ أسعار الفائدة ذروتها عند نحو 5% و 2.5% و 1.5% في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وسويسرا على التوالي.

ومع ذلك، تعتقد «يو بي إس» أن معدلات التضخم السنوية قد تجاوزت ذروتها في الولايات المتحدة، فيما تشير مؤشرات الوقت الفعلي للتضخم المستقبلي، بما في ذلك الإيجارات الجديدة ونمو الأجور وأسعار الواردات ومؤشرات الأسعار للمنتجات والخدمات، إلى التراجع.

ومن المرجح أيضاً أن يصل التضخم إلى ذروته في أوروبا قريباً؛ حيث يبدأ تأثير ارتفاع أسعار الطاقة في التلاشي، في حين سيؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تثبيط الإنفاق الاستهلاكي والتجاري.

ومن المفترض أن تسمح معدلات التضخم المنخفضة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي، والبنك الوطني السويسري، وبنك إنجلترا بإكمال دورات رفع الفائدة في الربع الأول من عام 2023، أو الربع الثاني على أبعد تقدير.

ومن المرجح أن تسهم السياسة النقدية الأمريكية الصارمة، وأزمة الطاقة في أوروبا، وفيروس كورونا المستجد وتحديات سوق العقارات في الصين في خفض النمو الاقتصادي وتراجع الأرباح في عام 2023.

أرباح الشركات

بشكل عام، نتطلع إلى انكماش أرباح الشركات بنسبة 4% في الولايات المتحدة، وتراجع بنسبة 10% في أوروبا، ونمو بنسبة 2% في آسيا، وهو ما يقل عن توقعات النمو البالغة 4% و 3% و7% على التوالي.

وتفوق أداء قطاعي السلع الاستهلاكية والرعاية الصحية على مؤشر «إم أس سي آي»؛ حيث حققا نمواً بمقدار 9% و11% على التوالي في الشهور العشرة الأولى من عام 2022. ويتوقع المحللون في «يو بي إس» أن يواصل كلا القطاعين أداء أفضل في الأشهر المقبلة مع تباطؤ النمو الاقتصادي، مع نمو بنسبة 7% ل السلع الاستهلاكية، و4% للرعاية الصحية.

وكان قطاع الطاقة هو أفضل قطاع الأسهم العالمية أداء في الشهور العشرة الأولى من عام 2022، بعوائد بلغت 33% مقابل خسائر بنسبة 21% للمؤشر الأوسع.

وبمعزل عن ذلك، يعد تباطؤ النمو العالمي سلبياً لقطاع الطاقة، لكننا نعتقد أن سوق النفط ضيقة بما يكفي لدعم ارتفاع الأسعار حتى لو انخفض الطلب.

قوة الدولار

بالنسبة للعملات، يحبذ المحللون في «يو بي إس» الاستثمار في الدولار الأمريكي والفرنك السويسري. ومن المفترض أن تساعد المعدلات المرتفعة نسبياً في الولايات المتحدة وتباطؤ النمو العالمي في المحافظة على قوة الدولار في الأشهر المقبلة، ومن المرجح أن يصبح الفرنك ملاذاً آمناً للتدفقات. وفي وقت لاحق من عام 2023، سيحتاج المستثمرون إلى الاستعداد لتراجع الدولار مع توقعات بخفض أسعار الفائدة.

وشهد الدولار قوة غير مسبوقة في عام 2022؛ حيث ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 16% في الشهور العشرة الأولى من العام، وهو في طريقه لتحقيق أكبر مكاسب سنوية له على الإطلاق. ومن المتوقع أن تستمر هذه القوة على المدى الطويل.

ملاذات آمنة

تتوقع «يو بي إس» استمرار تقلبات السوق الواسعة، ما يؤدي بالمستثمرين إلى البحث عن «ملاذات آمنة» مثل الدولار، ويظل بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر جرأة في رفع أسعار الفائدة مقارنة بالبنوك المركزية الرئيسية الأخرى، وهذا من شأنه أن يسمح للدولار بالمحافظة على قيمته الممتازة.

وأسهم رفع سعر الفائدة في وقت مبكر نسبياً من قبل البنك الوطني السويسري، إضافة إلى التضخم المنخفض بشكل كبير في سويسرا مقارنة بشركائها التجاريين، في وصول الفرنك إلى مستويات قياسية في عام 2022. خلال الأشهر المقبلة، من المرجع أن تستمر قيمة الفرنك في الارتفاع مقابل اليورو على خلفية الركود الأوروبي، والمخاوف بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

السندات الحكومية

ارتفعت عائدات السندات الحكومية بشكل حاد في عام 2022؛ حيث أعاد المستثمرون تقييم توقعاتهم بشأن أسعار الفائدة. ولكن في حين أن ذلك كان مؤلماً للمستثمرين في عام 2022، إلا أن هذا يبشر بالخير بالنسبة لعائدات طويلة الأجل على السندات الحكومية، من وجهة نظر «يو بي إس». وبالنظر إلى الاحتياجات التمويلية الكبيرة للإنفاق على البنية التحتية، نعتقد أن المعدلات الحقيقية من المرجح أن تكون أعلى في العقد المقبل مما كانت عليه في العقد الماضي.

وزادت عوائد ائتمان الشركات أكثر من عوائد السندات الحكومية في عام 2022، وسط مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي. وعلى الرغم من ارتفاع المخاطر على المدى القريب، فإن هوامش الائتمان الحالية واسعة مقارنة بالمتوسطات طويلة الأجل، مما يشير إلى توقعات عوائد جذابة للمستثمرين على مدى سنوات.

ومع تلاشي الضغوط من السياسة النقدية الأمريكية الأكثر تشدداً، ترى «يو بي إس» إمكانات جيدة لتحقيق عوائد طويلة الأجل في الائتمان عالي العائد وسندات الأسواق الناشئة.

أسواق الأسهم

تراجعت معظم أسواق الأسهم بشكل كبير في عام 2022، مما أدى إلى انخفاض كبير في تقييماتها. وانخفضت نسبة السعر إلى الأرباح الآجلة على مؤشر «إم أس سي آي العالمي» من 18.6 مرة إلى 14.1 مرة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، أي أقل بنسبة 3% من متوسط ال 20 عاماً البالغ 14.6 مرة.

وحققت صناديق التحوط أداءً أفضل من الأسهم والسندات في الشهور العشرة الأولى من عام 2022. وبالنظر إلى المستقبل، نعتقد أن عائدات صناديق التحوط ستستفيد من معدلات الفائدة المرتفعة والعائدات المتوقعة الأعلى في فئات الأصول التقليدية والتحوط، وستستمر الأموال في لعب دور رئيسي في تقليل المخاطر وإضافة التنويع إلى محفظة الأصول المتعددة.

وعلى مدى العامين الماضيين، حققت الاستثمارات في السلع الأساسية أداءً قوياً ووفرت منافع تنويع استثمارية كبيرة للمحافظ متعددة الأصول.

وعلى المدى الطويل، يعتقد المحللون في «يو بي إس» أن النمو المستدام في الطلب على الطاقة والغذاء والمعادن، يجب أن يستمر في دعم الأسعار.

وأدى زيادة العمل عن بُعد، إلى زيادة التركيز على حلول الأمن السيبراني. وقد دعم ذلك أداء القطاع بنسبة 10 نقاط مئوية مقابل قطاع التكنولوجيا الأوسع في الشهور العشرة الأولى من عام 2022. وتتوقع شركة «غارتنر»، وهي شركة أبحاث تكنولوجية، أن يرتفع الإنفاق على الأمن السيبراني بنسبة 11.3%، ليصل إلى 188 مليار دولار في عام 2023.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3d459b5z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"