عادي
«الخليج» تحاور ( CHATGPT)

الذكاء الاصطناعي ثورة علمية تستنهض أنظمة التعليم

01:02 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: محمد إبراهيم

كثيراً ما نسمع عن أهمية الذكاء الاصطناعي، وقوة تأثيره في المجالات كافة، إلا أن هناك تبايناً بين الأفراد والمؤسسات في المجتمعات حول هذه الثروة العلمية الجديدة، إلى أن كشفت أداوت الذكاء الاصطناعي عن جانب من قدراته وإمكاناته، أخيراً، لتبهر العالم، وتستنهض أنظمة التعليم، لتعيد النظر في المنظومة التعليمية من جديد.

خبراء وأكاديميون أكدوا أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي سجلت حضوراً لافتاً في المجتمعات، أخيراً؛ إذ عالجت معظم القضايا المُلحة ب«كبسة زر»، وبدقة تفوق قدرات العنصر البشري الطبيعية، ليقع على عاتق وزارات وهيئات التعليم على مستوى العالم مهام إيجاد سبل جديدة للتطوير وإعادة هيكلة أنماط التعليم، وطرائق تدريسه، لمواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي.

أكد تربويون ومعلمون أهمية أن يكون الذكاء الاصطناعي جزءاً أصيلاً من منظومة التعليم، وليس مجرد مادة علمية يتم تدريسها للطلبة، فضلاً عن التركيز على بناء تشريعات وقوانين، لاستخدامه للمحافظة على أخلاقيات وقيم التعليم.

«الخليج» تقدم من خلال هذا التحقيق، رؤى الخبراء والتربويين وأهل الميدان التربوي حول الذكاء الاصطناعي، وكيفية توظيفه في قطاع التعليم لجميع المراحل، وتمكين الجيل الحالي والراهن من أدواته وقدراته.

أبرز التطبيقات

البداية كانت مع «الخليج» التي رصدت أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشائعة خلال الأشهر القليلة الماضية، واطلعت على إمكاناتها؛ إذ تبين قدرتها الفائقة على أداء المهام بدقة فائقة، ومعالجاتها معالجة سريعة تحاكي المجالات كافة.

وتصدر برنامج ( CHATGPT ) قائمة التطبيقات؛ إذ جاءت نتائجه مبهرة؛ حيث يجيب عن جميع أسئلتك بدقة متناهية مهما كانت صعوبتها وبسرعة فائقة وفي أي مجال، لكنه لا يستطيع أن يصف حاله، بحسب إجابته عن سؤال «للخليج»، موضحاً أن تواجده يقتصر فقط على تقديم المساعدة.

وطلبنا من ( CHATGPT ) المساعدة في تنمية مهارات الطلبة، فمنحنا حزمة توصيات، وطلبنا في سؤال آخر شرح بعض دروس الرياضيات فقدم الإجابة بطرائق مختلفة، وسألنا عن كود للبرمجة في عدة مجالات، خاصة بالتعليم فطرح أكثر من طريقة للبرمجة، وأخيراً طلبنا منه أبحاثاً وأوراق عمل عن موضوعات متنوعة فأجاب بسرعة فائقة في ثوانٍ معدودة.

20 تطبيقاً شائعاً

تصورنا مثل معظم الأفراد في المجتمعات أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي قليلة ومعدودة، لكن رصدنا أكثر من 20 تطبيقاً تستند في عملها إلى الذكاء الاصطناعي، أبرزها «سيري» مساعد أبل الذي يعد أشهر وأقدم مساعد شخصي، ومساعد جوجل، أكثر المساعدين الافتراضيين تطوراً؛ إذ يعمل بالصوت ويدعمه الذكاء الاصطناعي، ويستمع إلى التعليمات المنطوقة أو المكتوبة، ويستخدم معالجة اللغة الطبيعية.

وجاء «أليكسا» مساعد أمازون ضمن القائمة؛ إذ يمكن استخدامه كمساعد رقمي، للوصول إلى جميع عناصر الترفيه والتخطيط والجدولة، و«كورتانا» مساعد ميكروسوفت الذي يعد أحد أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي شيوعاً، ولديه القدرة على تتبع بياناتك المهمة، وتطبيق «إلسا»، لتعلم اللغة الإنجليزية، وتطبيق «ريبليكا»، ويعد أداة لمناقشة غير محدودة باستخدام روبوت محادثة للذكاء الاصطناعي.

تطبيق «سقراط»

وكان تطبيق «سقراط» أداة تعليمية مثالية، مدعومة من الذكاء الاصطناعي للطلاب؛ إذ يساعدهم على فهم واجباتهم المدرسية في المدارس الثانوية والجامعات، وتطبيق SWIFTKEY KEYBOARD عبارة عن لوحة مفاتيح تنبؤية تتعلم أسلوب المستخدم في الكتابة، وتسمح له بالكتابة بشكل أسرع، وتطبيق FACEAPP، يتيح للمستخدم تعديل صوره بطرق إبداعية مختلفة، وتطبيق FYLE، لإدارة النفقات يحركه أيضاً الذكاء الاصطناعي، وتطبيق YOUPER، الذي يعد برنامج تأمل، يعزز الصحة النفسية، وتطبيق MICROSOFT PIX، ويتيح استخدام كاميرا الهاتف ككاميرا احترافية، وتطبيق DIET CAMERA AI، يحسب عدد السعرات الحرارية باليد وتتابع كل شيء يأكله المستخدم، وتطبيق AI Grammer Checker وهو مدقق قواعد اللغة الإنجليزية.

دمج الطلبة

في وقفة معه، أكد وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد بالهول الفلاسي أن استخدام «ChatGPT» قد يكون طريقة ممتعة للطلاب للتكامل مع الذكاء الاصطناعي؛ إذ إنهم يتعاملون معه بشكل يومي بمجرد تخرجهم، معتبراً إياه أمراً مهماً لدمج الطلبة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع مراعاة أن نكون أذكياء عند التقييم.

وقال في تصريحاته بمنتدى دافوس: إن الإمارات تواكب متطلبات المهارات المستقبلية، وتدعم آليات تحفيز ريادة الأعمال في قطاع التعليم عبر تطوير الكوادر وتعظيم الاستفادة من رأس المال البشري، فضلاً عن ترسيخ مفهوم التعلم المستدام من أجل تحقيق المستهدفات التنموية.

وشدد على أهمية إتاحة الفرص لطلبتنا لتجربة تطبيقات الذكاء الصناعي مثل ChatGPT وغيرها، فهي ستكون حاضرة بقوة في المستقبل، مع ضرورة عدم الاعتماد بشكل مفرط على بعض الأدوات، للقيام بالمهام التعليمية.

الإدماج والإنصاف

1
محمد المصلح

ويرى الدكتور محمد المصلح، الأستاذ المساعد في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة هيريوت وات دبي، أن نشر واستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، يتطلب الاسترشاد بالمبادئ الأساسية للإدماج والإنصاف؛ لذلك يجب تعزيز سياسات الوصول العادل والشامل للذكاء الاصطناعي واستخدامه كمنفعة عامة، مع مراعاة أن الاستخدام المتزايد لهذه التقنيات في التعليم لن يفيد البشرية إلا إذا كان هدفه تعزيز النهج المتمحور حول الطالب والإنسان بشكل عام.

ويجب أن يكون الذكاء الاصطناعي موجهاً لتحسين تجربة التعليم لكل طالب، وتمكين المعلمين، مشيراً إلى أهمية فرض قواعد إلزامية على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لمنع انتهاكات التكنولوجيا لحقوق الإنسان، فالقواعد وأطر العمل تضمن تأثيراً إيجابياً على مستخدميه؛ إذ إن هذه التطورات التكنولوجية السريعة تجلب حتماً مخاطر وتحديات متعددة، فاقت وتيرتها حتى الآن المناقشات السياسية والأطر التنظيمية.

وقال: «في الآونة الأخيرة وبالتحديد نهاية العام السابق ترددت أخبار عن منصة جديدة للذكاء الاصطناعي تُدعى ChatGPT؛ وهي قادرة على القيام بمجموعة لا حصر لها من الأشياء مثل كتابة قصة بأسلوب معين، الإجابة عن أي سؤال، شرح موضوع، وكتابة رسالة بريد إلكتروني أو كتابة مقال جامعي وسوف تقوم المنصة بكتابة محتوى متماسك في ثوانٍ.

وهنا على المؤسسات التعليمية ضرورة نشر الوعي بين الطلاب بشأن عيوب استخدام تلك المنصات لعدم اللجوء إليها كحل سريع، وينبغي على الأساتذة مناقشة أصول أخلاقيات البرمجة مع الطلبة كأولوية.

مواجهة التحديات

وأكد أنه على الرغم من المحاذير كافة، فإن الذكاء الاصطناعي قادر على مواجهة بعض تحديات التعليم الكبرى اليوم، ويساعد على ابتكار ممارسات جديدة ومرنة للتدريس والتعلم، مشيراً إلى أن التوقعات العالمية تأخذنا إلى أن قيمة الذكاء الاصطناعي في التعليم تصل إلى 6 مليارات دولار بحلول عام 2024.

وأفاد بأن من مميزات تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي أنها تسهم في تحسين أنظمة الدرجات ونماذج التقييم.

بحث واستقصاء

1
أشرف النجار

أما الدكتور أشرف النجار أستاذ الذكاء الاصطناعي بكلية الحوسبة والمعلوماتية في جامعة الشارقة، فأكد أهمية البحث والاستقصاء وإيجاد توصيات واعدة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ بحيث تتمكن الأنظمة التعليمية من المحافظة على شغف الطلبة ومواصلة تنمية مهاراتهم بما يتناسب مع قدرات الذكاء الاصطناعي، لا سيما عقب النتائج المشهودة مؤخراً المتعلقة بقدرة وإمكانات تلك التقنيات.

وقال: إن اتباع التوصيات، يسهم في تمهيد الطريق لتحسين الأداء التعليمي ويزيد من مشاركة الطلاب عن طريق أتمتة الأنظمة التعليمية لتخصيص التعليمات للطلاب بشكل أفضل، وتحديد المستويات المناسبة من الصعوبة، وتقديم ملاحظات حول الأداء، إضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي يسهل عملية التعلم الذاتي والتعلم التفاعلي والطرق الجديدة لتقديم المحتوى التعليمي للطلبة، كما يساعد الذكاء الاصطناعي المعلمين بعدة طرق، للارتقاء بالمخرجات من خلال تزويدهم برؤى وأدوات قيّمة لتعزيز تجربة التعلم للطلاب.

وأكد أهمية الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى تعليمي، مثل العروض التقديمية والاختبارات والتمارين وما إلى ذلك، وتوظيفه كذلك في التقييم الآلي لتقدير وتقييم أعمال الطلبة من مقالات واختبارات وواجبات أخرى، مما يوفر وقت المعلمين وجهدهم.

أدوات ومسارات

1
محمد البيطار

الدكتور محمد البيطار رئيس مركز الذكاء الاصطناعي في جامعة عجمان ومنسق برنامج الماجستير في الذكاء الاصطناعي أكد أن القطاع التعليمي اعتمد على أدوات ومسارات الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف خلال جائحة كورونا؛ لسد الفجوة التي فرضتها طبيعة الأزمة.

وأضاف أنه في ذلك الحين اعتمدت المؤسسات التعليمية على نموذج التعلم الهجين؛ حيث استفادت من قدرات خوارزميات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الأنماط السلوكية للطالب، وبالتالي تطبق التعلم الذكي والشخصي، فضلاً عن أتمتة بعض المهام مثل تصحيح الامتحانات ومراقبة الامتحانات، وجدولة المواد للطلاب والمعلمين وتتبع الحضور.

جزء أصيل

أكد عدد من التربويين والمعلمين في الميدان التربوي وليد فؤاد لافي، وسلمى عيد، وسهام علي، وخلود فهمي، أن الذكاء الاصطناعي أحد أكثر التقنيات شيوعاً في عصرنا الراهن؛ إذ إن تطبيقاته وأدواته قادرة على إنجاز المهام بفاعلية ودقة، فضلاً عن قدرته على إحداث التغيرات بسرعة فائقة وما نراه اليوم مجرد «غيض من فيض»، وسيكشف المستقبل القريب عن جوانب أكثر تطوراً في تلك التقنيات التي تشكل ثورة علمية لا تضاهى، مطالبين الجهات المسؤولة عن التعليم بجعل الذكاء الاصطناعي جزءاً أصيلاً في المنظومة ينهل منه الطلبة ويرتقي بقدرات المعلمين والكوادر الأخرى وفق المستجدات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8mfcyz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"