ارتباك المشهد اللبناني

01:04 صباحا
قراءة دقيقتين

عودة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، المفاجئة والتلقائية بعد 13 شهراً من تجميد تحقيقاته، أربكت المشهد اللبناني المرتبك أصلاً، وزادته تعقيداً على تعقيد، خصوصاً على جبهة القضاء واحتمالات اندلاع اشتباك قضائي، ربما يكون قد بدأ بالفعل، حول صحة وقانونية هذه العودة وتداعياتها.

يتساءل الجميع عن سر هذه العودة القوية والمفاجئة للقاضي البيطار للإمساك بملف التحقيق في انفجار المرفأ، وما إذا كانت جهة ما، لا تزال مجهولة، قد أفتت له بإمكانية العودة، خلافاً للقانون، وعلى الرغم من وجود نحو 40 قضية مرفوعة ضده أمام الهيئات القضائية اللبنانية تطالب بتنحيته، فيما هو يبرر لنفسه هذه العودة، بإجرائه دراسة قانونية مفصلة تتيح له استئناف مهامه، معتمداً على تفسيره للمادة 357 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي لا يوجد فيها أي نص قانوني يتحدث عن رد المحقق العدلي، ما يعني عدم جواز كف يده، وبالتالي لا قيمة لدعاوى الرد (كف اليد) المقدمة ضده.

واستبق البيطار إمكانية مواجهته بالأسبقيات التي أفضت إلى تنحية سلفه القاضي فادي صوان عن هذا الملف، وقبله تنحية القاضي الياس عبود محققاً عدلياً في قضية اغتيال رفيق الحريري، معتبراً أن القاضيين تخليا عن مهمتيهما بإرادتهما الذاتية وتنحيا طواعية. ما يلفت الانتباه إلى أنه استهل عودته بقرارات شملت إخلاء سبيل موقوفين في القضية، والادعاء على شخصيات جديدة، أمنية وسياسية، من ضمنها 3 قضاة، سبق أن طلب من النائب العام التمييزي الادعاء عليهم، معتبراً أنه، وفقاً للمادة 356 من القانون المذكور، «يمكن للمحقق العدلي أن يدّعي على جميع الأشخاص من دون طلب الإذن من أي إدارة أو وزارة».

ويبدو أنه وضع خطة لتحركه، ففي حال تجاهلت النيابة العامة التمييزية لقراراته أو رفض تنفيذها، فإنه سيلجأ، بحسب ما ذكرت مصادر مقربة منه، إلى إبلاغ المدعى عليهم لصقاً، وفي حال لم يحضروا فسيصدر مذكرات توقيف غيابية بحقهم. لكن النيابة العامة التمييزية رفضت بالفعل قرارات البيطار، باعتبارها غير قانونية ومنعدمة الوجود؛ إذ لا يجوز لقاضٍ مطلوب تنحيته أن يتفرد باجتهاد قانوني ويبرر لنفسه العودة. وأوضحت أن البيطار لم يأخذ استشارة النيابة العامة التمييزية، كما أنه لا يحق له العودة للإمساك بالملف من تلقاء نفسه بعد توقف 13 شهراً كان راضخاً فيها لطلبات الرد، وكذلك لا يحق له الحلول محل المحاكم المعروضة أمامها طلبات الرد، والبت بما هو مرفوع بالأساس بوجهه؛ بل ضده، وتساءلت عن الأسباب التي دفعت البيطار إلى خرق سرية التحقيق الذي يعتبر مبدأ قانونياً ولا يمكن الخروج عنه، وهو ما أقر به شخصياً عندما قابل الوفد الفرنسي مؤخراً، وأبلغهم أنه لا يمكنه تسليم أي معلومات تتعلق بملف تفجير المرفأ لأن يده مكفوفة. هذا يعني أن الاشتباك القضائي والسياسي أيضاً قد بدأ بالفعل، خصوصاً أن البيطار ووجه في السابق برفض البرلمان والهيئات الحكومية الأخرى رفع الحصانة عن مسؤولين كبار كان قد طلبهم للتحقيق.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4xjuxnv5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"