الجابر رئيساً لـ«كوب 28».. اختيار موفق

21:39 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد*

كما هو متوقع، استقبلت أوساط عدة مشتغلة بالشأن المناخي العالمي، بما في ذلك بعض الوسائط الإعلامية العالمية الكبرى، مثل شبكة «CNBC» الأمريكية، والقسم الاقتصادي في وكالة أنباء (رويترز) البريطانية، وغيرهما، اختيار الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا الإماراتي، ومبعوثها المناخي، رئيساً لمؤتمر الأطراف في نسخته الثامنة والعشرين التي ستستضيفها العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/ تشرين ثاني، إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول 2023، بترحاب وتفاؤل، مستشهدة بمسيرته المهنية الناجحة في تدشين وترقية وازدهار قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة في دولة الإمارات.

المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الذي أكد أن رئيس مؤتمر الأطراف يتم اختياره من قبل الدولة المضيفة من دون مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، أو الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ، وإن تعيين الدكتور الجابر، بصفته الرئيس التنفيذي المؤسس لشركة مصدر للطاقة المتجددة في أبوظبي، بما يتوفر عليه من أوراق اعتماد صديقة للبيئة، بعد أن أشرف على تطبيق التفويض الممنوح له باعتماد مصادر الطاقة المتجددة في الإمارات، يشكل دفعة قوية ل«كوب 28».

أعرف الدكتور سلطان الجابر شخصياً، فقد زارنا في البحرين بدعوة من الهيئة الوطنية للنفط والغاز التي كنت أعمل فيها مديراً للدراسات والعلاقات الاقتصادية الدولية، آنذاك، وكان يتبوأ حينها منصب الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» التي تأسست في عام 2006 كشركة عالمية رائدة في مجالَي الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. وفي يوم الاثنين، الموافق للثاني والعشرين من يونيو/ حزيران 2009، تم في مقر الهيئة الوطنية للنفط والغاز، التوقيع على مذكرة تفاهم (Memorandum of Understanding) بين الهيئة الوطنية للنفط والغاز وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، كباكورة عمل مشترك بين البحرين والإمارات في مجال الطاقة النظيفة، بما يشمل ذلك الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، عبر تنفيذ مشاريع آلية التنمية النظيفة (Clean Development Mechanism – CDM)، بعد تحديدها من قبل الفرق الفنية للجانبين، في القطاع النفطي البحريني. وقد وقعها عن شركة مصدر الدكتور سلطان الجابر، فيما وقعها عن الجانب البحريني الدكتور عبد الحسين بن علي ميرزا، وزير شؤون النفط والغاز ورئيس الهيئة الوطنية للنفط والغاز، حينذاك. وبعد أن قمنا بزيارة عمل إلى مقر شركة مصدر في أبوظبي، زار وفد من شركة مصدر شركة نفط البحرين «بابكو» أكثر من مرة، وعقد ورش عمل تم خلالها تشخيص مشاريع ال «CDM» التي ستنفذها شركة مصدر في المنشآت النفطية البحرينية، خصوصاً مصفاة البحرين. وقبل ذلك كان سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، والدكتور سلطان الجابر، قد بذلا جهداً استثنائياً لفوز أبوظبي باستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آرينا» (International Renewable Energy Agency - IRENA)، والتفوق في ذلك على منافسين أقوياء مثل ألمانيا والنمسا.

ليس هذا وحسب، فالدكتور الجابر لعب دوراً رئيسياً في تشكيل مسار الطاقة النظيفة في دولة الإمارات. لذلك جاء في بيان مكتب الجابر بهذا الشأن، أن هذا التعيين، سيساعد في تشكيل جدول أعمال المؤتمر والمفاوضات الحكومية الدولية للتوصل إلى توافق في الآراء. وهو يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي المؤسس لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، التي تعتبر أحد أكبر مستثمري مصادر الطاقة المتجددة في العالم. كما أنه يمثل دولة أصبحت منتجاً رئيسياً للطاقة النووية النظيفة، وكانت أول دولة في الشرق الأوسط تنضم إلى اتفاقية باريس للمناخ، وأول دولة في الشرق الأوسط تضع خارطة طريق لصافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050. وعلى مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، استثمرت الإمارات 40 مليار دولار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة على مستوى العالم. ولديها مبادرات مناخية وبيئية طموحة، تشمل إنتاج 20 غيغاوات من الطاقة الشمسية المركبة بحلول عام 2030، ومحطة طاقة نووية تعمل بكامل طاقتها بحلول عام 2024. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقعت الإمارات مع الولايات المتحدة على شراكة لاستثمار 100 مليار دولار في الطاقة النظيفة. لذلك، نعتبر استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأطراف ال28، وتعيين الدكتور سلطان الجابر رئيساً له، أفضل مناسبة وأفضل فرصة لاستعادة الواقعية المناخية المتوازنة إلى أجواء المفاوضات المناخية، والتحرك على أساسها من دون تثاقل، أو مغالاة، قوامها، كما تذهب المقاربة المناخية العربية والنامية، أن النفط والغاز لا يزالان مهمين للاقتصاد العالمي، ومساهمين رئيسيين في مزايا احتجاز وتخزين ثاني أوكسيد الكربون واستخدامه. على هذا الأساس تدعو دولة الإمارات وبقية أطراف التفاوض المناخية العربية والنامية إلى تحول واقعي تحتفظ فيه الهيدروكربونات بدور في أمن الطاقة، مع الالتزام بإزالة انبعاثات الكربون.

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mue52sf8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"